الجمعة ١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم محمد يحيى ذهني

مواطنون

مواطن: 300000

صحوت فزعاً للمرة العاشرة . كلما أغفو أتخيل أنني أميل بجسدي حتى أسقط خارج الطائرة. قلت متذمراً:

  ألا يقتلون إلا في منتصف الليل؟

نظر إلي رفيقي باسماً وقال:

  اعذرهم لم يعرفوا أنك نمت متأخراً.

قلت محتجاً:

  ولماذا أنا؟ جريمة في شرم الشيخ لماذا لا تتناولها مباحث المحافظة ثم يعطونها لنا؟

هز كتفيه وقال:

  ستعلم عندما تصل.

  ولماذا ليس الآن؟

  لأنني لا أعرف إلا القليل . فقط أعلم أن تلك القضية إن لم تحل بأقصى سرعة ستكون كارثة.

لم أجد سوى الصمت والصبر حتى نصل. اختفت الصحراء وظهر شريط أزرق هو خليج السويس. بعدها بنصف ساعة كانت الطائرة تثير عاصفة ترابية على كل الواقفين حولها. رغم ذلك تقدم أحدهم مني مقاوماً دفع الهواء. مد يده وصافحنا. عرفنا بنفسه قائلاً:

  رائد حسام عرفة . سنركب تلك السيارة لنذهب لموقع الجريمة.

ما أن ركبنا حتى سألته في عجلة:

  حسناً ما الجريمة؟

  قتل.

نظرت إلى رفيقي فوجدته يمثل دور المنشغل عن الحديث. قلت بغيظ:

  أعلم أنها جريمة قتل. أريد التفاصيل لو سمحت.

أدار نظره بيننا وقال:

  حدثت لمهندس من القاهرة اسمه عبد الرحمن . كان زائراً لفندق اسمه الفرعون بالهضبة لإجراء بعض الصيانة بأنظمة التكييف. قتل اليوم في منتصف الليل تقريباً في غرفته بمساكن العاملين بالقرية، وهي تبعد عن الفندق حوالي 15 كيلومتر.و ....

  كل هذا جميل لكن أين المشكلة؟ لماذا تم استدعائي؟

قبل أن يرد توقفت السيارة ومن خلفها البقية. قال الرائد وهو يشير بيده .

  ستعلم المشكلة في الداخل.

خرجت من السيارة نافد الصبر. كان رفيقي يتطلع إلى المكان في فضول. وجدنا الأمن يطوق المكان كله. واضح أنهم أخرجوا كل من بالداخل، إذ وجدت كثيرين واقفين بملابس النوم محاطين بكردون من الجنود.

ما أن دخلت الغرفة حتى هالني المنظر. وسط المحققين ورافعي البصمات كان ثمة جثة . ليست على الأرض وإنما على الحائط. شخص معلق على الحائط، ذراعاه مفرودان على الجانبين ، قدماه على الأرض ، عارِ تماماً إلا مما يستر عورته، رأسه مائل على صدره.صورة بدائية للمصلوب واضح أنها تمت بسرعة. كما أنه بدلاً من مسامير التثبيت استعان القاتل بمفكات. فوق كل هذا فالقتيل مطعون في بطنه، والمطواة مغروزة في كتاب مثبتة إياه على الحائط بجانب القتيل. أخيراً نطق الرائد قائلاً.

  ما جعلنا نستدعي مقدم من أمن الدولة ليساهم في حل القضية، أن صاحب تلك القرية وكل العاملين بها مسيحيون. وحتى أمس لم يتواجد بينهم مسلم واحد. عدا هذا المهندس الذي لم يكمل ليلته حياً. هل أدركت الآن الشيء الخطير في الموضوع؟.

مواطن: 25456713

يسبب لي السفر انقباضاً . ليس من السهل بالنسبة لي أن أظل جالساً لمدة سبع ساعات، في أتوبيس يسير في الظلام. كلما أحاول النوم أصحو على هزة أو فرملة خفيفة ، أشعر معها أن قلبي يقفز من ضلوعي. وأحياناً يوقظني الشخص بجانبي لأنني ملت عليه أو رأسي مس كتفه. قررت هذه المرة أن أواجه الخوف والحرج بأن أظل متيقظاً، وأن أواجه الأفلام السخيفة التي يذيعونها بأن أقرأ شيئاً. متحدياً رغبة شركة الأوتوبيس في توفير الكهرباء، بأن تعطل كشافات القراءة . شغلت لمبة هاتفي النقال، ومددت يدي لأخرج كتاباً من الحقيبة. الكتاب المقدس. جميل فليكن الرب هو الراوي .

  كل عام وأنت بخير.

رفعت عيني عن الكتاب. كان الجالس بجانبي يقرأ معي على ما يبدو. والآن يعطلني عن القراءة ليهنئني بما أجهله.

  وأنت بخير.

  سنة سعيدة.

  شكراً، ولكن لأي سبب؟

  عيد الميلاد المجيد.

  آه . نعم .

بدا أنه لن يصمت، اعتدل في جلسته وقال:

  ولكن ألا ترى أنك تهين مشاعري؟ أم أنه حرام علينا فقط؟.

  لا أفهم أي شيء.

  ماذا تعني؟

  تقرأ الإنجيل بينما يسخرون عندما نقرأ القرآن في المواصلات العامة.

  من يسخر من من؟

  عذراً لا أفهم.

  ألا تقرأ للمتشدقين الذين يقولون أنه إهانة للمسيحي أن تقرأ أمامه القرآن ، خاصة بصوتٍ عال؟.

  فلماذا لا تعتبر إهانة لي أن تقرأ الإنجيل.

  ولكنني لا أقرأ بصوتٍ عال.

  ولو.

  وهذا ليس الإنجيل.

قبل أن يتساءل قلت له:

  إنه الكتاب المقدس. أنا أقرأ في العهد القديم ،سفر التكوين .

  لا تسخر مني. لا يجب عليك أن تقرأ كتابك المقدس. اقرأه في بيتك.

  ولكنه ليس كتابي المقدس. أنا لست مسيحياً ولا يهودياً.

شهق وقال:

  مسلم؟

لم أر أن قول الحقيقة سيجدي هنا.

  نعم.

  ولماذا تقرأ الإنجيل.

هذا كثير . زفرت بشدة وقلت:

  هذا شأني.

لا شك أن غيظه ازداد في نقاط التفتيش . منذ أن وصلنا إلى منطقة عيون موسى وكل نصف ساعة هناك نقطة تفتيش. يصعد الضابط . يفحص تحقيق الشخصية الخاص بكل من يشك فيهم. كانت نظرة واحدة على الكتاب في يدي تجعل الضابط يتغاضى عن سؤالي. بينما هو، بلحيته النامية ، والتي تؤكد أنه لا يعمل في أي منتجع أو قرية سياحية، كان هدفاً لكل ضابط في كل كمين . حتى أنني حفظت إجاباته في كل مرة.أشفقت عليه كل مرة يهبط من الأوتوبيس في جو سيناء شديد البرودة في الفجر،ويجبر على إخراج حقائبه، ثم يعود وهو يرتجف إلى مكانه بجانبي ، ناظراً إليّ في غلٍ. وفي مرة غمغم قائلاً:

  الكفرة هم أهل الثقة الآن.

بعد إحدى نقاط التفتيش أخبر السائق أن من يريد التدخين فأمامه خمس دقائق. نزلت من السيارة لأدخن . أنهيت سيجارتي بسرعة ، وهممت بالصعود للتخلص من البرد فوجئت بشخص يسألني:

  يا بني إن كنت مسلماً فلم لا تقرأ القرآن؟

نظرت فوجدت كهلاً يقف خلفي بحزم ، ومن خلفه شبح لجاري في المقعد. تجاهلته وصعدت إلى مكاني وقد اشتعل غضبي.أتى صوت نفس الشخص من خلفي قائلاً:

  اقرأ كتابك المقدس قبل أن تقرأ .....

قاطعته بصوت عال جعل الجميع يلتفت إلي:

  ليس لي كتاب مقدس.

جاء صوت من بعيد، خمنت أنه من آخر السيارة:

  كافر يعني؟

ثم قال الرجل الذي خلفي:

  وما دمت هكذا لماذا اخترت أن تقرأ الإنجيل ولم تقرأ القرآن مادام الكل واحد عندك؟

أنقذني صوت السائق قائلاً:

  برجاء الهدوء.

مواطن: 35120748

  هل تسمح لي أن أجلس معك.

انتبه إليه، وبيده الخالية أشار إليه أن يجلس.

  كما ترى المقهى مزدحم.

ابتسم دون أن يرد.

  تلك أول مرة أراك هنا. هل تعمل في شرم الشيخ حديثاً؟

أجاب في لا مبالاة:

  لا أنا هنا في زيارة عمل فقط.

  وأين تقيم؟

  في مساكن العاملين لقرية الفرعون.

  أيضاً؟

  لم أتعرف باسمك .

قال وهو يبتسم:

  عبد الرحمن. وأنت؟

  محمود.

  أحس أنني رأيتك أو سمعت صوتك من قبل يا محمود. أين تعمل؟

  أنا ساقي في الهيلتون. من الإسكندرية.

ظهرت عليه الحيرة فاحتمال اللقاء قليلة . سأله محمود:

  وكيف تعيش وسط الأقباط؟

أجاب بدهشة متسائلة:

  عادي.

  ألا تشعر بالغربة؟ الجميع يعلم أنهم جميعاً أقباط .

  لا فارق لدي. تستطيع القول أنني لا أنظر للدين كثيراً.

ظهر الاشمئزاز على وجه محمود وسأل:

  كيف؟ هل تأكل الخنزير مثلاً؟

  دعني أسألك بحكم عملك ألا تقدم الخمور؟.

خرج عن الهدوء الذي وعد نفسه به:

  لم تجبني.

قام من أمامه وقال:

  أستأذنك يجب أن أذهب للنوم.

داخله يغلي. للمرة الثانية يشعر بالعجز عن الرد، العجز عن أن يغضب ، يثور، يهاجم أو يدافع. ستبقى كما أنت، تسقي الغرباء وتلعنهم ، تسمع مالا يعجبك وتصمت. لو اختفيت من الوجود هل هناك من سيدرك ذلك؟ غير السكير الذي لن يجد كأسه أمامه .

وهو في طريقه لمحه وهو يدخل إلى السكن محيياً الحارس. بصق في غضب . رآه من مكانه يدخل غرفته في المواجهة مباشرة. أكمل المسير لاعناً. ولكن لا. يجب أن يناقشه . على الأقل يعرف ما يعنيه بأقواله الغامضة.

عاد أدراجه بخطى سريعة. لحسن حظه وجد الحارس غير موجود.طرق الباب. فتح غريمه الباب فابتسم ليطمئنه:

  اعذرني ، لقد فقدت أعصابي وأنا أحادثك .

كان يقف أمامه بلباس النوم . على وجهه دهشة ممزوجة بقلق.

  لا شيء. لقد تعودت على ذلك .

  اسمح لي أن أتناقش معك خمس دقائق.

  ولكن..

  أرجوك لن أزعجك أكثر من خمس دقائق.

أفسح له الطريق فدخل. نظر حوله يستكشف الغرفة بسرعة.. لمح كتاباً على السرير. اقترب منه وأمسك به ليقرأ العنوان.

  الكتاب المقدس؟ يبدو أنك مهتم بالدين المسيحي.

هز رأسه نافياً وقال:

  أحب أن أقرأ في الأديان.

  و هل تقرأ في دينك؟

ظهرت على وجهه ملامح غضب وقال:

  لماذا يقول لي الجميع ذلك؟ لماذا لا تقرأ في كتابك المقدس؟

  وبم تجيب؟

  ليس لي كتاب مقدس.

نار في جسده، قشعريرة أمسكت بفمه حتى ظن أنه سيصاب بغثيان . مد يده في جيبه يبحث عن شيء. لم يعلم ما هو حتى وجده. لا مناص ،لن تهزمني ثانية . قال بنفس الصوت الذي نادى به من نهاية الأوتوبيس:

  كافر يعني؟.

نظر إليه في حيرة وقال:

  من أنت؟

  كنت رفيقك في رحلة الأمس. جلست خلفك وسمعت حوارك مع جارك. ابتعدت لكي لا أفقد أعصابي فطاردني صوتك إلى مكاني الجديد. والليلة رأيتك أمامي . وأعترف أنني غاضب.

ظهر على وجه محدثه الفزع . هم بالجري لطلب النجدة لكن المدية في جيبه كانت جاهزة للاستعمال. وكما يفتح أي زجاجة بسرعة فلن يتطلب منه هذا الأمر الكثير.

مواطن 50372149

  بيتر

رد نداء عمه مجدي. ناوله مفتاح و قال:

  حجرة رقم 1 ، افتحها ونظفها. لدينا ضيف من القاهرة.

قبل أن يذهب استطرد عمه.

  اخلع منها كل الصور.

  لماذا يا عمي؟

  الضيف مسلم ولن يرضى بالمكوث في غرفة بها صور يسوع والعدرا.

همس بيتر في إنكار:

  مسلم.

  نعم.

ثم قال له عندما وجده مازال واقفاً مكانه:

  هل ستبقى هكذا؟ أسرع بتنظيفها فالضيف لم ينم، وسيأتي في أي لحظة.

ولد بيتر في شرم الشيخ .الأب والأم من سوهاج. أتى أبوه للعمل كحارس أمن في إحدى مواقع البناء. ثم ترك عمله ليصبح ضابط أمن في قرية سياحية . وبينما بيتر في الخامسة من عمره، انتقل أبوه للعمل كحارس أمن في قرية الفرعون. وانضم إليه أعمامه وأخواله. نشأ بيتر وهو لا يرى حوله سوى العاملين في القرية . لم يذهب إلى مدرسة وإن تعلم القراءة ودرّس له عمه الإنجيل. بالنسبة له لفظ مسلم هو شيء غامض، شخص أرضي خرج من ملكوت السماء. يراهم حوله دون احتكاك. و هو طفل كان يريد دائما اللعب مع حمادة ابن السيد البقال . دكان الأب يبعد عن المساكن مئة متر،ويشتري أبوه من البقال احتياجاتهم . عندما قيل أن حمادة مسلم لم يصدق.بدا له أن حمادة بوسامته أهل لملكوت السماء. لماذا لا يدعو يسوع لكي يهديه ؟

  بيتر.

لبى نداء عمه مجدي.

  هل قمت باللازم لغرفة 1؟

  نعم يا عمي.

  حسناً اصطحب الأستاذ عبد الرحمن إلى الغرفة.

نظر إلى المعني بالكلام، وجده يبتسم له ويقول:

  هيا يا بيتر فأنا جائع نوم.

حمل الحقيبة وقاده إلى الداخل. أخرج من جيبه عدة مفاتيح أخذ يجربها حتى يصل لمفتاح الغرفة. اختلط عليه الأمر و لم يعد يذكر هل مفتاح الغرفة معه أم سلمه . في النهاية قال همساً:

  باسم الصليب.

شعر بالهدوء، أخذ يجرب المفاتيح مرة أخرى، غير عابئ بنفاد صبر من معه . وأخيراً فتحت الغرفة .دلفا إليها ووضع الحقيبة على السرير، بينما عبد الرحمن يلقي نظرة سريعة:

  بيتر من فضلك أيقظني غداً في التاسعة.

حرك رأسه ثم خرج من الغرفة. فقط عندما أغلق الباب شعر بأنه يستطيع التنفس.

مواطن: 300000

  قاتل هذا الشاب مسلم ولا شك .

نظروا إلي جميعاً فاستطردت بانتصار:

  أريد تحريات دقيقة عن المجني عليه ،وتحريات عمن كانوا في نفس الرحلة التي أتى فيها إلى هنا.

رد رفيقي:

  أمر كهذا يتطلب أياماً. لا وقت لدينا، الخبر تسرب .

التفت إليه وقد شعرت بالرعب مما قال:

  تسرب؟

  نعم شرم الشيخ كلها تعلم. و في نهاية اليوم سيكون العالم كله يعلم.

  هل تعني.....؟

جذبني من يدي إلى أحد الأركان وقال هامساً:

  القاتل مسلم. ليس لأنك اكتشفت هذا، بل لأنه يجب أن يكون مسلماً. وهذا دوري.

  ماذا تعني؟

  لدي تعليمات بذلك، نحن الآن نبحث عن شخص مناسب. أنت لم تأت هنا لتحقق في القضية فقط . أنت هنا لما سيحدث بعد ذلك.

اقتحم الرائد الغرفة وقال:

  الفتى الذي اكتشف الجثة ، قام أحدهم باستدراجه و ذبحه .

نظرت إلى رفيقي فوجدته لأول مرة يبدو قلقاً:

  من الذي.....

  صبي يعمل هنا اسمه بيتر.

مواطن: 35120748

ليس صعباً أن يعرف ما يتهامس به الجميع. خلال دقائق كان زميل له يخبره في أذنه:

  وجدوا قتيلاً مسلماً في مساكن الفرعون.

  كيف وجدوه؟.

  يقال أنه قتل منذ عدة أيام ، وضبطوا وهم يحاولون دفنه .

ذهب إلى المسجد بلا وعي. الإمام يرعد في الحديث عن أرض الإسلام التي يقتل فيها المسلمون، ويرتع فيها اليهود . أحس أنه الوحيد الذي لا ينفعل معه ، الوحيد الذي لا يريد الانتقام. لم يشارك في الإضراب حتى اتهموه بالخيانة . لم يفرح لاغتيال الصبي المسيحي،ولا من بعده. ولم يقلق لمناشدة الدول لرعاياها بمغادرة شرم الشيخ بسبب الحرب الدينية التي نشبت. الرحيل مستحيل. حتى الاعتراف لن يجدي، فكم من متهم تم تقديمه ولكن الحرب قائمة . لا سبيل إلا الحرب، أو انتظار الموت . ولكن كان عليه أن يختار في النهاية مع من سيحارب، أو على يد من سيموت.

مواطن 50372149

يسير حافياً على أرضٍ مليئة بالحصى. ألم في قدميه. كل خطوة يخطوها تخلف وراءه دماءً، ظهره يشتعل ناراً. إلى أين أنت ذاهب؟. توقف ليتوقف ألمك. يبدو أن له هدفاً واضحاً. فقط لو ينقشع الضباب. فهو رغم كل العذاب لا يشعر بالخوف، بالعكس فهو متأكد أن ما خلف الضباب خير. ظل سائراً حتى لم تعد قدماه تقوى على حمله. ركع على ركبتيه فشعر بثقب فيهما. وهو في طريقه للسقوط على وجهه مد يده للتشبث بشيء. وجد نفسه يمسك بقدم رجل. نظر إليها فوجدها نازفة. قدمان فوق بعضهما يضمهما مسمار إلى قطعة خشب. نظر إلى الأعلى وكله سعادة. بينما رائحة نفاذة في أنفه زادته نشاطاً. لا لم يكن يسوع، كان عبد الرحمن . نظر إليه باكياً وقال:

  بيتر.

  بيتر.

وجد فوقه شخصاً غريباً بملابس الشرطة. تذكر الجثة المعلقة فانفجر بالبكاء. تناولته أيدِ كانت لأهله ، حتى وجد نفسه في حضن أبيه أخيراً .لم يسأله أحد عما رأى فالأمر واضح . أخذه الأب وذهب به وهو مازال يطوقه بذراعيه . وهو لا يفعل سوى أن يرتعد ويتشنج في بكائه. سار به الأب حتى وجد نفسه أمام حمادة . ابتسم له عم سيد البقال وقال:

  خذ بيتر يا حمادة والعبا الكرة مع أصحابك.

لم يقو على اللعب فجلس يتفرج. نأى بنفسه بعيداً عن العيون المتسائلة . لم يشعر إلا ورأسه يثقل. تمدد على الأرض مستسلما للراحة:

  بيتر

  عبد الرحمن.

  علقت على الصليب.

  من فعل بك ذلك؟.

  احذر أنت أيضاً.

  مم؟

  احذر أن تنام وظهرك مكشوف.

  ولكنني نائم الآن.

  يجب أن تصحو.

  ولكن من فعل بك ذلك؟.

  يجب أن تصحو.

  تحدث إليّ من فضلك.

نظر عبد الرحمن في الأفق وقال في يأس:

  فات الأوان .

مواطن 1:

  صدقني الأمور تحت السيطرة.

قال وعلى شفتيه ابتسامة صفراء:

  أنا لا أصدق إلا ما أراه. إنها حرب تهددنا وتهددكم فلم الانتظار؟.

  نحن لم نتوان في السيطرة، ولكن قبل أن نحل الموضوع الخبر تسرب. وفجأة إذا بطفل يقتل فاندلعت الأحداث.

  تقصد الحرب.

حرك يده في ضجر وقال:

  ليست حرباً. من اللحظة الأولى عملنا حساب الأمر وأرسلنا ضابطاً محنكاً في أمن الدولة . وأمددناه بفرق أمن من السويس والبحر الأحمر.

  والنتيجة؟

  الأمر سينتهي على خير صدقني.

  ثانية أقول لك أننا لن ننتظر نتائج غير مضمونة.لن تستطيع فض تلك الحرب إلا بحرب أخرى من الخارج. حبة رمل واحدة لو تخطت الحدود سنتدخل. لذا ننصحك بقبول الحل باختيارك.

  ليس الآن.

قام مستشاره مسرعاً. عاد بعد لحظة وهمس:

  المقدم طارق سعيد اغتيل منذ عشر دقائق في كمين ، ومعه عشرون من القوات.

كما لو كان يستمع معه إلى الخبر، ابتسم في سخرية . لم يجد سوى أن يقول:

  سنتدخل نحن.

  لن نقبل بوجود جيش في سيناء وهذا معلوم.

  ولكنكم ستتواجدون بجيشكم .

  سيكون الأمر وفق معايير ومشاركة دولية، و موافقة منك طبعاً. الأمر فقط أننا لا نريد الانتظار حتى يتفاقم الوضع. و إلا طالبنا بإعلان سيناء منطقة خطر على الأمن القومي لنا. أي ستجد قوة دولية لعشر سنوات فيها.

أخذ يفكر قليلاً مراقباً نظرات ضيفه، ثم قال:

سأسمح لك بضربة طيران واحدة. سيتم إدانتها ثم يكمل الأمن عمله.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى