الأحد ٢٩ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم دينا سليم

وجوبا عليّ مغادرة نافذتي

تغمرني رفرفة الطيور خارج غرفتي، يبدو أنها قريبة الى حد أني أسمعها بينما ينتزع بعض من ريشها لتستقر واحدة في حوض الأزهار على نافذتي .

السّماء صافية خالية حتى من أبعد الغيوم بياضا ، سبحتُ بنظري الى الأفق البعيد وكم دهشتُ لرؤيتي تلكَ الأسراب.

اتكأتُ على الحافة متشوقة هذا المنظر، قلّما ترى طير يجانح الهواء بمفرده، تطايرت الجماعات يلحقُ بها ذلكَ الطائش بخفة ودلع، طوابير تُخفّق بأجنحتها مغردة تنتشر في بطن السماء .

هبطت عليّ تؤرق منامي ذات صباح تنقر الزجاج الموصد:

  نعم يا ذا "الهزار" ما الذي تريد الافصاح عنهُ.

حدّق بي شاكيا يهز رأسهُ الصغير بحركاته السريعة يصرخ حب استطلاعي ثم يعود من حيث أتى يجري على الحافّة الطويلة بسرعة قبل الاقلاع.
رفعتُ نظري عبر الفضاء واذ بها تخلعُ عنها بعض ملابسها الخفيفة فتتناثر بصمت دائري حتى تتمدد أرضا كجثة هامدة .

ارتاد "الشحرور" فضائي ذهابا وإيابا استكان هو أيضا على نافذتي بصوته الحزين يسألني مستعيرا الكلام:

  لمَ الأجواء مليئة بالدخان ؟ يُعثّر هجرتنا ! هنالكَ سرب مفقود، مكانه خال ، لن نبارح بدونه.

صعد وهبط ينثر أحزانه وغادر .

أوصدتُ نافذتي بيدين مرتجفتين أحلّق أنا أيضا في سماء أفكاري، أسرعتُ الى الشجرة الباسقة التي تزاحم تلكَ النافذة أبحثُ عن ذلك الشحرور ، حتى عتمة أغصانها، أصادفُ نعيب البوم من أعلى، صيحات مفاجئة حنت رأسي وأثارت بي اشمئزازا وخوفا.

  الدماء لطخت الحنطة والمياه. اصطبغت الوجوه دما وترابا، السهول الخضراء تدفقت حيرة وعزلة, وصفحة السماء احتلتها رائحة الغضب حتى أصبحت الدنيا أضيق من خرم ابرة.

هزّني ما سمعت، جلستُ أراقب جيئة أحدهم، أمسكتُ برغيف الخبز أنثر فتاتهُ متعمدة حتى أرهقني الانتظار، أحملق في السماء واذا بها تكفهر وتدلي بستائرها إعصارا يزيدُ الصقيع قسوة وجوف النهار إبهاما.

تأكدتُ أن انتظاري سيطول، تمتمتُ، تبعثرت الكلمات في فمي انزلقت عَبَرات زادتني رهبة ولوعة. وحيدة أرقبُ السماء الماطرة أجالس الجدران الباردة، ترتطم نظراتي بها... أصبح الليل يبادل النهار حلكة والنهار يبادله سوداوية...

اندفعت حمامة بيضاء تزاحم نافذتي تنقرها حزينة، حسبتها جاءت تتغذى من رحيق الأزهار التي ملأت الحوض ربيعا تحوم حولها هاتفة :
 لقد جُرّدتُ من أثمن شىء أحمله.. ريشي الأبيض و...لقبي المقدس ...

استقبلتُ عباراتها بعيون آسفة أرهقتها الدموع احمرارا.

أيقنتُ أنه يتوجب عليّ مغادرة نافذتي .... الآنَ ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى