الجمعة ٣ آب (أغسطس) ٢٠٠٧

لحظات بكماء

بقلم : حمزة البوزيدي

(أ)

إنها لحظات بكماء من مساء آخر بين مساءات لا تنتهي , قشعريرة البرد تأخذني على حين غرة, تتغلغل في ثناياي بشكل يثير الخوف من اللامرئي من الأشياء,عامتها وخاصتها..انه فصل الشتاء اقبل من جديد يحمل بين طياته آلاما جديدة ,وعذابات تواصل مسيرة من سبقها بالتعذيب,السماء السوداء تحيلني ذاتا بدون بوصلة في فضاء لا متناهي..اشعر بنكران ذاتي للعالم الذي تعيش فيه أو نكرانه لها !!!!! لا ادري أيهما أصح ؟؟ فانا لا أجهل من انقلب على الآخر هي أم هو؟؟؟
من هو الأصل ومن هو الفرع ؟؟ هل يا ترى دنيانا الأصل وذواتنا فروع كثيرة؟ ملقاة هنا وهناك على جنبات الشوارع, يدوسها بقدميه الزمان والمكان, ولما لا القدر ؟
أم أن كينونتنا هي الأصل في الكل وما تبقى هو فرع طعمت به.....؟
صراحة لم اعرف كيف كانت نفسي في وجودها الازلي : أكانت خيرة ولم يتأتى لها زيارة هذا البيت الكبير إلا بعد أن عششت فيه العناكب وعثت فيه الزواحف؟ أم أن الشر الذي يرى كل شيء مفزعا, في أي زمان ومكان , متأصل فيها منذ ولادتها, فابتعد عنها الكل؟
بالله أجيبوني فأنا لم أكن عاقلا يوم كنت جنينا لأعرف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

(ب)

دوما وأبدا في ليل مبعثر سأظل احكي حكاياتي التي لن تنتهي إلا بانتهاء صاحبها ,هذا إذا افترضنا انتهاءها..ستنطلق مرارة الزمن لتحشر نفسها بين أفكاره بشكل قسري اعتاد تقبله دون أن يتهيج فيه كبرياء الرجولة ....فينطلق اللسان ليبكي حسرات الأيام الخوالي ...أهي فعلا أيام خوالي؟ أم أن الزمان يزين كل ما مر من الأيام..عساه ينجح في اقتناص المزيد من لحظات فرحنا ليحيلها جحيما من التفكر..................

حتما سأحكي حكايتي للعائدين من أهوال الجحيم علهم يدركون أن ما كانوا فيه كان نعمة أسطورية ... ولكن للأسف ….لا اعرف من أين يمر العائدون من عالم الاساطير.

(ج)

حتما ستمر الأيام كالعادة دون أن تلقي التحية..ستمر بهدوء غريب ودون إثارة الانتباه.......خلف الهدوء يكمن ضجيج كبير وألوان غير متناسقة للوحة رمادية غير مرسومة بل.......

(د)

أمي..ها أنا هنا من جديد أتلهف للمسة من أناملك البهية تجبرين بها ما انكسر من حياتي كلها ....من يبن يديك شممت رائحة كل ما هو جميل في دنيانا الكفور, وفي خديك فار تنور الحب والحياة...إنها أنت, المصدر والمنفى للذات في كل الأوقات................

(ه)

ترخي الشمس بأشعتها في دلال وغنج مقيت .....يتكرر المشهد كل شهر 30 مرة........كلما سحت ببصري وجدت الفراغ أمامي دون مسار ............يوصلني إلى الثقب الأسود..

(و)

فوق السطوح امتدت مساحات الأمل الكاذب القابع خلف نجوم السماء المشعة ...وكأنها فوانيس علي بابا توزع الآمال على الكل بامتلاكها .........مساكين لا يدرون أن ذلك مستحيل.

(ز)

السماء هذا الصباح بها ضباب......... وجه يشي بالعبوس أكثر مما يشي بالانشراح.........لعله الحزن الطويل على شهداء الموت المجاني في كل مكان من هذا العالم..أو لعله استعداد للمغادرة الأبدية نحو عالم الطي والكتمان خلف التلال هناك.

(ح)

المساء جميل هذا اليوم,لا ادري ما الفرق بين المساءات المتعاقبة كتعاقب الناس في دخول اللحود والقبور ,ولكن متأكد أن المساءات مختلفة فيما بينها.....أهي الشمس أم المزن الحاضرة أم الإنسان الذي يرقب الغروب من يؤثر في شعورنا في تلك اللحظة؟...ربما يكون واحدا من هؤلاء وربما لا احد منهم....من يدري...

(ط)

بين الثنايا تقف المنعرجات لتسأل سؤال التعجب ,وخلف الجدار يكمن كل مفضوح بلا حياء,بسحب السماء ظهرت إحدى القطرات تائهة متألمة من كل شيء وهي التي عايشت الكون منذ نشوئه...عمرها لم تنتظر مثل هذا العصر التعيس....انتظار..
كانت تنتظر الفصل الأخير من تشكل شلال دم أخر لتسائله : لم كتب عليك الخروج من أجسام الأمة بهذه الطريقة ولماذا أرهقت بكل إصرار وترصد؟

(ي)

.....دمعة حزينة ظهرت أخيرا على هذا الخد لترطب شقوق برد قاسي وتهدئ من روع ما زال يلاحقه مذ رأى الحقد شخصا مهووسا بجمع الجماجم وبناء القصور بعظام أدمية,لون السماء هذا الصباح ازرق يضاهي زرقة عين احدهم مات كمدا على ما كان وما استطاع أن ينتظر ما سيكون من بعد............

(س)

انطلق مع سكون الصباح الباكر, يعدو في إحدى البساتين ,كان اسمه مرج الزهور..وكان يقطف الرياحين بخفة...بكل سرور يعد باقة لدنياه كلها,باقة سيهديها لها...عندما عاد ,كان البيت قد تهدم من أصوله ودنياه تبكي وتنوح...عندما قدم لها الباقة,قالت : أن الأوان أن تعود لموطنك وأعود إلى منفاي يا ابن المدفون هناك.

(ع)

انه منتصف إحدى ليالي الشتاء البارد, يتجول بين المقابر باحثا عن شيء ما,يعد شيئا لا يتبين ما او من هو,.......فجأة ودون مقدمات شرع في فتح احد القبور,كان الخوف يلقي بظلاله على المكان والظلمة تزيد في وحشة المكان..ولكنه استمر..خلع الكفن ورمى بالجثة إلى الكلاب..كانت الشياطين هناك لتحتفل بالجريمة..

مع توالي الأيام انتشر الخبر وصار الكل يتحدث عن آكل جثث الظالمين ......وأبى الناس دفن ذوبيهم في البلدة .....في ليلة مقمرة,كان يبحث عن ضحية أخرى والكلاب تلفه مبتهجة برقصة الأبالسة ,قبيل طلوع الفجر اضطجع كيفما اتفق بعدما أعياه البحث وما إن غط في النوم حتى كان قطعا متناثرة بين أفواه الكلاب...

(ف)

من خلف وحدتي يكمن العذاب وفي كل دمعة من دمعاتي يسكن الألم ,من آهاتي ينتفض الغضب معلنا عصيان الذات للواقع والقدر , وانفلاتها من كل الأبعاد الثلاث................

(ص)

في النهاية ,سلم ان قدره لن يغادره والمكتوب ليس منه هروب ومن خلال الذوات الأخرى رأى صورة أفضل للعالم ,في غياب ذاته المشؤومة.

حمزة البوزيدي

بقلم : حمزة البوزيدي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى