هَــــديـر تَكْتُبُ حِــكايَــة و الجمل الأزرق
هدير تكتب الحكاية
بعد انتهاءِ الامتِحَانات ... استيقظت "هدير" مبكراً هذا الصّباح ، أخذت تبحثُ في مَكْتَبَتِهَا الصغيرة ، عن كتابٍ ممتعِ تقرأه ... كانت في حَيْرَةٍ ، وهى تُمْسِكُ كتاباً وراء كتاب ، وتقول  :
كتابٌ جمــيل ، لكنني قرأتــهُ مَــرّتين ... وتضعــه عــلى المَكْتب . 
وهذا كتابٌ مُمل ... وتضعه على السرير . 
وهـذا كتابٌ أعــرفُ كل ما فيــه ... وتضعــه على أرضية الغرفة .
جلست "هدير" على كُرسي المكتب ، وقــالت في  حَيْرَةٍ : 
– ياه ... كل الكتب قَرَأتُها ... كلّ الحكايات عَرِفْتُها ... ماذا أفعل الآن .
أسندت "هدير" خَدّها على يدها .
أخذت تُفَكّر ... وتُفَكّر ... وتُفَكّر ... ثم قَرّرت أن تُؤلفَ حِكَاية ... 
نعم حِكَاية ...
حِكَاية مثل الحِكَايات ، التي سَمِعتْهَا مِن أمّهَا ... 
حكايــة مثل الحكايات ، التي قرأتْها في الكتب .
وقفت هدير في مُنْتصف الغُرفة ، قالت بصوتٍ مُرتفع ، وهى تُحركُ يديها في الهواء : 
– كان ياما كان ... في سَالفِ العَصّرِِ والأوان ... بِنْتٌ حُلوة اسمُهَا "هدير" .
 ضَحِكَت "هدير" ، وقالت : اسمُها مثل اسمي .
 توقفت عن الضحك ، وواصلت الحكاية : 
– وذاتَ يومٍٍ منَ الأيام ، قالت البنتُ الحُلــوة "هدير" ... قالت "هدير" ... قالتْ ... قالتْ ... مــاذا قالتْ ؟ .
لَمْ تَعْرِف "هدير" ، ماذا قالت "هدير" الأخرى بطلة   الحكاية .
توقفت عنِ الكلام ، أخَذت تروحُ وتجئ في أنحاءِ الغُرفةِ ، وهى تسألُ نَفْسَها : 
– ماذا قالت "هدير" ؟ ... ماذا قالت "هدير" ؟ ... 
ثُمّ جلست على طرفِ السّرير ، وقالت : 
– ياه ... إنّ تأليف الحكايات صعب ، ومُمِل أيضا .
نظرت "هدير" حولها ، إلى الكُتبِ المُبَعثرة على المكتبِ ، والسريرِ ، وأرضيةِ الغُرْفة ، قالت في سِرّها : لكنّ أبطالَ الحكايات يقولون كلاماً كثيراً ، ويدخلون في مغامراتٍ مثيرة . بالتأكيدِ هُم يعرفونَ ، ماذا قالت "هدير" بطلةُ الحكاية .
قامَت "هدير" ، ضَربت بقدمها على الأرض ، وقالت بصوتٍ هادئ ، وفى نبراتٍ كلُّها رجاءٍ وتوسٌّل : 
– أرجوكم ... اخرجوا من الكتبِ وساعِدُوني .
وعلى مَهْلٍٍ ، انسلَ أبطالُ الحكايات ، مِن بين صفحاتِ الكتُب ، كان أولهُم السّنْدِباد ، ثم على بابا ، وجُحَا ، والشّاطر حسن ، و ... و.... كانوا قصيرينَ جِداً ، في طول شبرٍ ونِصف ، وخفيفينَ مثل البالونات ، يتكلمون بصوتٍ مُرْتفع ، ويقفزونَ مِن على السريرِِ إلى الأرضِ ، ومن الأرضِ إلى الكرسي ، ومن الكرسي إلى سطح المكتبِ ، ثُمّ يطيرونَ بخفةٍ في فضاءِ الغُرْفة .
صاحت فيهم "هدير" :
– توقفوا ... توقفوا ... لقد طلبتُكُم لكي تُسَاعدوني ، لا لتلعبوا مع بعضكم . 
كفّ أبطالُ الحكايات عن الّلعِبِ ، تقدم السّنْدبادُ في خطواتٍ بطيئةٍ ، قائلاً : 
– نحنُ آسفون ، لنا فترة طويلة لَمْ نتقابل خلالها .
أكْمَلَ على بابا : 
– نحن الآن في راحةٍ من المغامرات .
قالـــت "هــدير" : 
– امرحوا ... والعبوا ... لكن بعد أن تساعدوني .
قال السندباد : 
– ماذا تُريدين  ؟.
قالت : 
– أريدُ أن اعرف ماذا قالت "هدير" .
نظرَ أبطالُ الحكايات إلى بَعْضِهم ، قالوا جميعاً في صوتٍ واحد : 
– "هدير" مَنْ ؟
ردت بسرعة : 
– بطلة الحكاية .
قالوا : 
– نحنُ لا نعرفها .
وابتعدوا عنها ، استعداداً لّلعب والقفز مرةً أُخرى . 
قالت "هدير" مُنْدَهِشَـة : 
– انتظــروا ... إنها بطلة حكاية مثل حكاياتكم . 
قال جحا ، وهو ينظر إليها : 
– نحن لا نعرف حكاية ، بطلتها اسمها "هدير" . 
ابتسمت "هدير" ، وأخذت تشرح لهم قائلةً : 
– إنها حكاية من تأليفي أنا .
قَفَزَ السُنْدبادُ في رشاقةٍ وخفة ، إلى سطح المكتب ، ضَحِكَ وهو يقول : 
– إذنْ أنتِ الوحيدة التي تعرفين ، ماذا قالت "هدير" .
أكمل الشاطر حسن : 
– نحنُ لا نعرف ... أنتِ تعرفين .
كانت "هدير" حزينة ، وهى تقــــول : 
– افهمُ من ذلك ، أنكم لـــن تُساعدوني . 
نظر أبطال الحكايات إلى أسفل ، هزوا رؤوسهم في صمتٍ ، ولم يردوا عليها . 
أحست "هدير" بالغيظ ، واصلت كلامها : 
– إذنْ عودوا إلى حكاياتكم .
نظرَ الأبطالُ إلى بعضهم ، تقدم السُنْدبادُ خُطوتين على المكتبِ ، أصبحَ قريباً من وجهِ "هدير" ، قال بصوتٍ هادئ : 
– لَنْ نستطيع .
اكملَ جحا : 
– إننا لا نعرف كيف نعود ، أنتِ التي طلبتِ خروجنا من الحكايات ، وأنت التي تستطيعين إعادتنا  .
واصلَ الشاطر حسن : 
– إذا سمحتِ لنا ، سنبقى معكِ في حُجْرَتكِ .  
كَرّرت "هدير" في انزعاجٍ : 
– لا يمكن ... لا يمكن .
قال السّنْدبادُ ، وهو يتجهُ ناحية أبطال الحكايات  : 
– هل عندكِ حلٌّ آخر .
فكرت "هدير" قليلاً ، مَشت في الحجرةِ خُطوتين ، وهى تنقرُ بإصبعها السبابة على جبهتها ، ثم قالت :
– لا .
ردوا جميعا في إصرارٍ ، وبصوتٍ واحدٍ : 
– إذنْ سنبقى يا "هدير" .
قالت : 
– أنتم تُسبّبون ضوضاء . 
ردّ أبطالُ الحكايات : 
– سنحاول أن نكونَ هادئين .
واصلت كلامها : 
– أنتم أشقياء أيضا .
ردوا : 
– سنكون لطفاء ... هذا وَعد .
ثم اخذوا يتصايحون في فرحٍ ، وهم يلعبون ، ويتقافزون ، ويطيرون في فضاء الغرفة .
انسحبت "هدير" إلى أحد جَوانب الغُرْفة ، جلست على الأرّضية ، وأسْنَدت ظهرها على الحائطِ ، كانت تنظرُ في صمتٍ إلى أبطالِ الحكاياتِ ، الذين حولوا غُرفتها إلى سيركٍ صغير ، يمتلئ بالضّجيج والصّخب ، وهى تتحدث مع نفسها : أنا في مشكلة ... مشكلة كبيرة ... حكايتي لم تكتمل بعد ... و أبطالُ الحكايات مُزعجون ... يستخدمون حاجياتي ، يرسمون بأقلامي الملونة ، يلعبون في الكمبيوتر ، يبعثرون عرائسي الجميلة ، ينامون في سريري ... ماذا أفعل ... ماذا أفعل .
قال السُنْدبادُ ، وهو يقفز من على المكتبِ ، إلى المروحةِ المعلقةِ في السقف : 
– غُرْفتُك جميلة يا "هدير" ... نحن مستمتعون بوقتنا .
كانت "هدير" صامتة ، تبحثُ عن حلٍ لمشكلتها ، لذلك لَمْ تردّ على السندباد ، ولم تُشَاركهم اللّعب .
قالت لنفسها : أعتقد أنني لو عرفت ، ماذا قالت "هدير" ، لانتهت المشكلة .
بعد فترة ، توقفَ أبطالُ الحكايات عن الّلعب ، وساد الهدوء في الغرفةِ .
 قال السندبادُ وهو يَلْهث : 
– هه ... هل وجدتِ حلاً يا "هدير" ... لقد تَعِبْنا من الّلعب .
قال جحا : 
– لقد اشتقتُ إلى أصدقائي ... أريدُ أن أعود إليهم . 
قال السّنْدبادُ وهو يمسح العرق ، من على جبينهِ بمنديل : 
– وأنا استعدُ للقيامِ برحلةٍ جديدة ، إلى بلادِ الصّين ... لقد اشتقتُ إلى البحر .
قالت "هدير" وقد نفدَ صَبْرُها : 
– إذا أردتم الرجوع فساعدوني .
رد السندبادُ بصوتٍ مرتفعٍ : 
– أنتِ التي تؤلفينَ الحكاية وليس نحن . 
تدخل الشاطر حسن في الحوار قائلاً : 
– أرجوكِ يا "هدير" ، حاولي مرةً أخرى .
صمتت "هدير" قليلاً ، ثم قالت وهى تنظر إليهم ، تستعرض وجوههم : 
– لقد وجدتها ... وجدتها ... سأكتُب حكايتي معكم ... نعم ... حكاية "هديـر" مع أبطال الحكايات . 
تقافز الأبطال في الهواء ، وهم يصيحون في فرح : 
– هيييه ... سنعود إلى عالمنا .
وفى نفسِ اللحظة ، التي كانت فيها "هدير" ، تستعد للحكي ، قال السندباد : 
– ستكونُ حكايةٌ جميلة يا "هدير" .
كانت "هدير" تتكلم بصوتٍ مُرتفع ، وهى تُحَرك يديها في الهواء ، وتتمشى في الغرفة ، من المكتبِ إلى 
الباب ، ومن البابِ إلى السرير ، ومن السريرِ إلى المكتب :
– كان ياما كان ... في سَالفِ العَصّرِ والأوان ...      بنتٌ حُلوة ، اسمُهَا "هدير" ... ذاتَ يومٍ ... قالت "هدير" لأبطالِ الحكاياتِ ، الذين خرجوا من كتبهم ، وهم يتصايحون في فرحٍ ، ويتقافزونَ في أنحاءِ الغرفةِ و ... و ...
وفى نفسِِ الوقتِ ، الذي كانت فيه "هدير" ، مشغولة بسرد حكايتها ، كان أبطالُ الحكايات يَعُودون إلى كتبهم ، واحداً وراء الآخر ، وهم يشيرونَ لها بأيديهِم مُودّعي.
الجمل الأزرق
كانت "هدير" وأختها الصغيرة "ندى" ، جالستينِ أمامَ الكمبيوتر ، وهُمَا منهمكتانِ في الرسم .
بعد فترة ، كان أمامهما على الشاشةِ ، جَملاً صغيراً مكتملاً ، كان يبدو وديعاً ولطيفاً ، بساقيـــهِ الطويلتينِ ، وأذنيهِ القصيرتينِ جداً ... جداً ... 
رفعت "هدير" يدها عن الماوس ، أخذتْ نفساً عميقاً ، واسْتَرخَت بظهرها على الكرسي ، أخذتْ تتأمل الجَّمَل ، وهى تقول :
– سأختارُ الّلونَ الأصّفَر .
احتجتْ "ندى" بشدةٍ ، وهى تُحَرّك ساقيها ، في الفراغِ الموجود تحت الكرسي :
– لكنى أريدُ تلوينهُ بالّلونِ الرّمادي .  
قالت "هدير" :
– الأصفرُُ جميل .
ردّت "ندى" :
– الرماديّ أجمل . 
بهدوءٍ قالت "هدير" :
ــ أنا رسمتُ الجزءَُ الأكبرُ منه . 
صاحتْ "ندى" :
– وأنا اقترحتُ رَسْمَ الجّمَلَ مُنذُ البداية . 
بدأ صوتَهُمَا يعلو شيئاً فشيئاً ، كل واحدةٍ تُحَاولُ إقناعَ الأخرى بوجهةِ نظرها ، دون جدوى .. 
مَلّ الجّمَلُ من كلامِهِمَا المسّتَمر ... 
تحـركَ على الشاشـةِ خُطْـوتينِ ، ثُمّ نظرَ إليهما غاضباً ، وهــو يقولُ : 
– كُفّا عن الشجارِ .
توقفتْ "هدير" و "ندى" عن الكلامِ ، ونَظَرَتا إليه . 
واصل الجّمَلُُ كلامهُ مرةً أخرى ، وهو يتحركُ متجهاً إلى آخرِِ الشاشةِ :
– أنا ذاهب . 
ردتا في صوتٍ واحد :
ــ إلى أينَ يا جَمَل . 
توقفَ الجّمَلُ ، وقال :
– أنا أحبُ الموسيقى ، ولقد اكتشفتُ على الكمبيوتر مجموعة جميلة من الأغاني التي أحبّها ، سأستمعُ إليها ، إلى أن تتفقا على رأي .
فكرتْ "هدير" للحظةٍ ، أنهُ من الممكنِ ، أن تُقْنِعَ الجّمَلَ برأيها ، قالتْ وابتسامةٌ تَعْلو وجَهَهَا :
– أتعرفْ .. ستكونُ جميلاً في اللونِ الأصفرِ . 
وقبلَ أن يتكلمَ الجّمَلَ ، صاحتْ "ندى" :
– اللونُ الرماديّ أجمل ، أليس كذلك يا جَمَل . 
عادَ الجّمَلُ إلى مُنْتَصفِ الشاشةِ ... 
صمتَ قليلاً ، وضعَ خدّهُ على يدهِ ، ثُمّ هزّ رأسهُ هزةً خفيفةً ، وهو يقولُ :
– لا الأصفرُ ، ولا الرماديّ ، أنا أريدُ الّلونَ الأزرق . 
صاحتْ "هدير" و "ندى" في دهشةٍ :
– ماذا تقول ...  
نظرَ الجملُ مرتين عن يمينهِ وشمالهِ ، ثم جلسَ واضعاً ساقاً على ساقٍ ، وقال في هدوءٍ  :
– كما سَمِعْتُمَا ... أريدُ أن يكونَ لونىّ أزرق .
قالتْ "هدير" في ثقةٍ وحسمٍ :
– لكن لا توجدُ جِمَالٌ زرقاء .  
رد الجّمَلُ :
– السماءُ لونها أزرق ، والبحرُ لونهُ أزرق ، فلماذا لا يكونَ هناكَ جَمَلٌ أزرق . 
لم تجدْ "هدير" و "ندى" إجابة تردانِ بها على الجّمَل . 
أخذتا تفكرانِ ... وتفكرانِ ... 
وبعدَ فترةٍ من الصّمتِ ، نزلتْ "ندى" من على الكرسي ، قالتْ في فرحٍٍ :
– عندي اقتراح .
نظرتْ "هدير" إليها باهتمامٍ .. 
كانَ الجّمَلُُ في مكانهِ على الشاشةِ ، تبدو عليهِ السعادة ، وهو  يُدَنْدِنُ بصوتهِ الأجشِ ، بإحدى أغنياتهِ المُفَضّلةِ . 
 واصلتْ "ندى" كلامها ، وهى تَرْمُقُ الجّمَلُ بعينيها :
– اقتراحٌ يُرضى جميعَ الأطراف ... نلونهُ بثلاثةِ ألوانِ ... ثلثٌ أصفر ، وثلثٌ رماديّ ، وثلثٌ أزرق . 
توقفَ الجّمَلُ عن الغناءِ .. 
نهضَ من مكانهِ بسرعةٍ ، هزّ ذيلهُ القصيرَ عِدّة مراتٍ ، وقالَ في انزعاجٍ :
– لا ينفع ... لا ينفع ... سأصبحُ أضحوكةً بين   أصدقائي .
وتقدمَ في خطواتٍ سريعةٍ ، نحو مرآة معلقةٍ ، في ركنٍٍ من الشاشةِ ، لَمْ يرَ شيئاً ، وقفَ صامتاً لفترةٍ ، قبلَ أن يَبْرُكَ أمامها . 
أخفى وجههُ بين يديهِ ، وأخذَ يبكى ... ويبكى ... وهو يقولُ في حزنٍ حقيقي . 
– كلُّ الأشياءِ لها لونٌ معروف إلا أنا ... أنا لا اظهرُ في المرآةِ ، لأنهُ ليسَ لي لون .
كانت "هدير" و "ندى" صامتتين ، وهما تُرَاقِبَانِ الجّمَل ، الذي انكمشََ على نفسهِ ، وصارَ حجمهُ أقل . 
قالتْ "ندى" :
– ما رأيكِ لو اتفقنا .
هزتْ "هدير" رأسها دليلاً على الموافقةِ ، فتحركت ضفيرتها ذات الشريطِ الأحمر . 
واصلتْ "ندى" كلامها :
– ما يهمنا هو أن يكونَ الجّمَلُ سعيداً ، وبالتالي سنكونُ نحنُ سُعداء .
جلستْ "ندى" على الكرسي ، 
حركتْ "هدير" مؤشرَ الماوس ، إلى اللونِ الأزرقِ ، ضغطت عليهِ ، ثمّ حركتِ المؤشرَ إلى الجّمَلِ ، الذي 
مازالَ باركاً في ركن الشاشةِ ، كانَ صامتاً وقد توقفَ عن البكاءِ ، وهو يَجْتَرّ في هدوءٍ ، بعضَ الأعشابِ في فمهِ ويفكر . 
ضغطتْ "هدير" على الماوس مرةً أخرى ، بدأ الجّمَلُ يتأملُ رجليهِ ويديهِ ، ثم قفزَ بسرعةٍ ، وقفَ أمام المرآة ، أخذَ يصيح :
– لقد أصبحتٌ جملاً أزرق ... أستطيعُ أن أرى نفسي ... أنا أزرق ... أنا أزرق ... 
كانَ الجّمَلُ سعيداً ، أخذَ يتحركُ على الشاشةِ ، وهو يُغنى ، ويرقصُ بساقيهِ الرفيعتينِ ، الطويلتينِ ، لدرجة جعلتْ "هدير" و "ندى" ، تضحكانِ من قلبيهما ... تضحكانِ لفترةٍ طويلةٍ ، وهما تتفرجانِ على ما يفعلهُ الجّمَلُ الأزرق .
