الجمعة ٢٤ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم محمد الخطيب

صورة من نوع آخر

عندما وصلت لمنتصف العمر، قررت أن أرى وجهي الذي لم أعد أذكر متى كانت آخر مرة رأيته؟..فوقفت بالقرب من حافة البحيرة، و ابتسمت، و مددت رأسي للأمام في الهواء؛ سامحاً للصورة المنعكسة فوق صفحة الماء بالدخول تدريجياً في مجال رؤيتي.. ظهرت جبهتي فعيناي ثم أنفي عندها.. تصلبت عضلات ظهري، و قفزت للخلف كالمصعوق، و لا أعلم كم مر من الوقت و أنا متجمد في مكاني متمتماً بكلمات -حاولت أذني تجاهلها- قبل أن أتشجع، و أمد يدي نحو حافظة النقود؛ لأخرج منها صورتي القديمة، و أمد رأسي في الهواء مجدداً؛ لأقارنها بالصورة المرسومة فوق سطح البحيرة، المختلط بالضباب..

كان من المفترض أن تضيق حدقتا عيني؛ إذا حولت نظري من الصورة المرسومة داخل الماء إلي الصورة القريبة نسبياً في يدي، لكنهما كانتا تتسعان في ذهول؛ كلما وجدت ألا وجه للشبه بين صورتي القديمة، و المسخ الراقد في الماء.

فجأة. انتزعني من ذلك الذهول رياح تحركت عكس اتجاه دوران الأرض؛ و جعلت سطح الماء يتموج، و صارت الصورة المرسومة فوقه تشبهني أكثر كلما زاد التموج، فأخذت أبتسم، لكن سرعان ما ذابت تلك الابتسامة؛ لأن الرياح هدأت فجأة كما بدأت، واستفزني ظهور المسخ -أمامي- من جديد، فهربت منه عيني إلي ظلي المرسوم فوق الأرض، و هو ينبت من تحت قدمي، فاستفزني أكثر أن الظل كان قميئاً بالرغم أن الوقت كان لا يزال مبكراً علي الظهيرة، عندئذ، وجدت نفسي أرتمي علي الأرض؛ لأخفي بجسدي ذلك الظل الكريه،و اقتربت بوجهي من سطح الماء، و أخذت أنفخ فيه بكل قوتي -و أنا أقرب للبكاء- لأموج سطح الماء كما فعلت الرياح..نفخت حتى تقلصت رئتاي، لكن المسخ لم يختف ِ بل أخذ يضحك، و يضحك في سخرية؛ جعلتني أستسلم، و أترك رئتاي تعبان الضباب المتراكم فوق سطح البحيرة..

حينها أدركت أن المسخ لن يتوقف عن الضحك إلا عندما ألقي بصورتي الفوتوغرافية القديمة داخل فمه..ليبتلعها..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى