الجمعة ١٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧
بقلم يونس أحمد عفنان

أغنية للقلوب المطفأة

نحن سكان المقابر وغابات الشجن
ذوي الأسماء المحفورة على مدخل الخيبة
و الأيام المنثورة كالشامات على جسد الانتظار
ماذا نفعل بالفائض اليوميّ من الخطى؟
في عصرنا الردئ كروائح الحانات
حيث تتساقط أفكارنا وأحلام
كثمار بالغت في النضوج
و حيث تختلط الحلمات بالقمل بالكلمات بأعقاب السكائر
و تتناثر أنصاف الديانات في الشوارع الساهمة
كالباعة المتجولين
حين يصبح التسكع مؤسفا
كالعودة إلى موقع الجريمة
و تصبح المدينة جوفاء كالساقطة
حيث المواطنون الرحل!
تتلاقى عيونهم على عجل
كما تتلاقى العجلات المسرعة بالإسفلت
و كما تتلاقى العصافير الهاربة في كل اتجاه
تحت أزيز المفاجئات
***
كل شئ مسرع
حتى الطفولة والصداقة
و لكن القصائد يا ليلى لا تكتب على عجل
فكم عمر أحتاج مع عمري
كي أكتب كلماتي التي ما كتبها بعد
كي أعزف الألحان المتراكمة في رأسي
كالظلال على الظلال..
و أنا البطيء كصخرة خارج الجاذبية
أو كالتئام الجراح العميقة
بل كيف يمكنني التخلص من كآبتي؟
تلك الهرة الكستنائية
التي أتركها في عتمة الليل في الشوارع النائية
ثم أجدها بانتظاري عند مدخل الحارة على أحر من الجمر
لقد أطفأتني بلادي..
فانزعي دموع الشموع عن الطاولات
الليل خاتمتي وراحلتي
وهذي الأزقة لن تحبل الأ بالأسف
لقد أطفأتني بلادي
فدعي الكمنجات تنشج كالطفل الضائع في ضلوعي
سأبتسم أمام جلال الغروب
و أكون جميلا في انحنائي
كانسياب الحبر الأسود فوق بياض الورق
لم أعد أحفل بالنهار
بعد أن أضحى رخيصا كالشهرة والهاتف النقال....
***
سأعيش أيامي متمهلا وبلا هدى
في خدمة القلوب المطفأة
و اللذين يتركون خارج الأعياد
بانتظار الحافلات
و انقلاب "الوحل" على "الربيع"...
حيث سأشمس الآلام كالحصائر والوسائد
و أنظف شعر الحزن من (السيبان)
ثم أضرب الدموع على قفاها
كي تتعلم آداب المائدة
و آداب السقوط على الأرائك والطاولات
و تحت أنين الطيور المهاجرة إلى الأقفاص
سأحتسي قهوتي معلقا نظراتي على الأبواب الذليلة
و حزني يسيل كالظل في مفاصل العتبات
......
اتكئي معي على كتف النافذة
و كفي عن حشو الكحول في أنف الأمل
هل ترين تلك النجمة عند المنعطف؟
لقد كانت هناك البارحة
و لا نعرف ما آلت أليه
كل السماء كانت هناك البارحة
وأنا عبد البارحة...
أحب النصر والذكريات
وثرثرة الأثير والأماكن
لكنّ جل ما أخشاه أن نستفيق لنكتشف
بأننا ما كنا ولا كنا هناك
لنجد أن زنوبيا كانت بائعة للهوى
و أن كولومبس
كان يبحث في الحقيقة عن هزيمتنا
و أن ابن سينا قاطع طريق وتجار مخدرات
وابن خلدون
كان مجرد بائع فول في الصالحية....
لو أنني يا ليلى في عصر الظنون والسراب
أتأكد أنني أمضي إلى حيث عليّ أن أمضي
و أنني أعود إلى حيث علىّ أن أعود
لو أن شمل الأشياء يلتئم مرة في العمر من حولي
لأفرغت مسدسي في بطن طاولتي
و أنا أغني عاريا كالغانية "فلترحيلي... رحل السراب"
***
لن نغني
نحن الهراء الرومانسيّ الملون
نحيا لنكتب
لندخل محنة الإنسان إلى شوارع التاريخ
بوسع الفراش المسالم أن يجرحنا
فلماذا يتعبون السياط بعلك لحومنا؟
أو ما أدركوا أننا عندما سنخون
لن يجدوا متسعا من الوقت لتقبيل أطفالهم
أو لمس سياطهم
نحن أشباح الحواري وأشباح القصور
و التنابل المتكئون في عرض السطور
سنحرمهم حتى من متعة النظرة الأخيرة إلى أصابعهم
إلى أسرتهم
فانزعي دموع الشموع من درب نظراتي
تثير قرفي
أمسيات العائدين بالحسرات
و تلك اللفتات المغلوبة على أمرها كالقاصر
لن نغني يا حبيبه
نحن اللذين ننام بأجهزة التحكم
أوتارنا تستعمل في تنظيف أسنانهم من الفضلات
فموتي كأي زقاق فوق صدري
الحزن يستفرغ في دمي كالمسموم
و الكآبة تفرد جناحيها على كل لحن
كأيقونة الطاغية...

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى