الاثنين ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم تركي بني خالد

النظرية الصفرية...!

في أدبيات البحث العلمي هناك فرضية إحصائية تقول بأنه لا يوجد فرق ذو دلالة إحصائية بين مجموعتين فيما يخص أحد المتغيرات المراد معرفة تأثيرها على ظاهرة معينة. بمعنى انه لا فرق بين مجموعة (س) ومجموعة (ص) يمكن عزوه لمتغير ما يتم الافتراض مسبقاً بعلاقته بالظاهرة المدروسة.

وتطبيقاً لهذه الفرضية أريد أن أزعم بأن لا فرق هناك ذو دلالة إحصائية بين أي مجموعة وأي مجموعة أخرى في العالم العربي يمكن عزوه إلى أي متغير. وبمعنى آخر أريد أن أقول بأن الملاحظ لتصرفات الأفراد والجماعات في المجتمعات العربية سيجد أن الفروق بين المجموعات أو بين الأفراد تكاد تكون معدومة ولا تحمل أن وجدت أية دلالات ذات مغزى إحصائي حين يكون الأمر متعلقاً بالسلوك العام.

وكي لا يبقى كلامي نظرياً فقط, أوضح وأقول أنه لا يوجد علاقة بين أي متغيرات مثل الجنس أو الخبرة أو المؤهل العلمي أو .. أو .. وبين سلوك المواطن العربي في الأماكن العمومية.

فلو أخذنا مثلاً سلوك المواطن العربي في قيادة السيارات فإنني أتحدى أن يثبت احد أن هناك فروقاً في السلوك القيادي المتعلق بالسيارات, فالجميع برأيي يقود سيارته بنفس الرعونة على شوارعنا, والجميع يعلن الحرب على الجميع فيما يبدو. والجميع في شوارعنا يعلن أن الشارع ملك خاص له ربما تورثه عن أبيه, ويحدث ذلك رغم القلة القليلة التي أعلنت في مؤخرة سياراتها عبارات طريفة مثل "كيف ترى قيادتي...؟" متبوعة برقم هاتف.

وإذا أردنا لمجرد الافتراض القول بأن سواقة السيارات والمركبات تتأثر بمتغير جنس السائق, قان الواقع يكذب هذا الافتراض, لأن الإناث يسابقن الذكور ويتسببن بنفس القدر من الحوادث القاتلة, ويخطئ من يظن أن الإناث أو السيدات أكثر ذوقاً وألطف سلوكاً في قيادة سياراتهن. بل إنني اشك أن الكثير من هؤلاء الإناث قد نالت رخصة القيادة بالواسطة مما يلغي اثر الجنس في ممارسة السواقة.

وإذا أراد احد القول أن سلوك قيادة السيارات يتأثر بمتغير العمر مثلاً, فإنني أقول له أين الدليل؟ تعال وشاهد ممارسات السواقين من مختلف الأعمار, فلا تجد فرقاً بين الصبي الذي لم يبلغ السن القانوني ويقود سيارة دون رخصة, والشيخ كبير السن الذي جلس وراء المقود يطلق العنان لسيارته.

وإذا أردنا أن نعزو سلوك القيادة إلى متغير المؤهل العلمي, فإن ملاحظاتي لا تدل إلا على نتيجة واحدة هي أن الجميع من حملة مختلف الشهادات والدرجات العلمية يقودون سياراتهم بنفس الطريقة, فلا فرق بين أمي وبين مثقف في هذا المجال. فحامل الدكتوراه مثله مثل حامل الماجستير أو الابتدائي راسب لا فرق, يقود سيارته بنفس الطيش والاستهتار بقواعد المرور, ومن يشك في صدق نظريتي فعليه النزول إلى أي دوار أو تقاطع أو إشارة ضوئية.

إنني أضرب سلوك قيادة السيارات كمثال فقط على تصرفات المواطن العربي, وأتمنى لو تقدم دوائر المرور إحصاءات تدحض نظريتي حتى يمكن أن أتراجع عنها وأبحث عن طرق أخرى لاكتشاف نظريات تفسر سلوكات المواطن العربي!


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى