الجمعة ٢٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧
بقلم موسى نجيب موسى

أحوال القدر

يجرى سعيداً، لا يعرف سراً واحداً لسعادته، لكنه كان متلهفاً على بائع الصحف .. فهو يريد أن يعرف .. اليوم هو أخر أيام شهر يوليو وهو نفس الشهر الذي ولد فيه، وهو نفس الشهر الذي سوف تزف فيه من أحبها .. نعم عرف كل ذلك عندما كان فى الجامعة .. لم يعبأ بأي شئ حوله، كل هدفه متركزا على بائع الصحف .. أخذ يجرى والسعادة ترفرف فى أفقه، وهذه أيضا لا يعرف سراً لها !! هل السعادة التي تسبق الحزن، أم هي سعادة لأجلها ؟
توالت فى ذهنه الأسماء ( راندا، نعمة، ميرفت، فيفيان، رائد، محب، عماد، رفيق ) مقرونة بالأحداث، يحاول جاهداً أن يجد العلاقة الترابطية بين هذه الأسماء وبين الأحداث التي يمر بها لا يعرف..!! فكل المعالم ذابت فى ذهنه فاقداً حاسة معرفة الحدود بينها .. أصبح كل شئ بالنسبة له شيء واحد .. والشيء الواحد أصبح له كل شئ .

أخيراً وصل إلى هدفه .. فها هو بائع الصحف يلوح بيده عن بعد وينطق بصوته المألوف (أخبار .. أهرام .. جمهورية) سارع إليه وأعطاه ثمن الصحيفة، منتزعا إياها من يده كالذي ما أن نال ضالته المنشودة !! نظر إليه البائع نظرة مليئة بالتعجب والاستغراب .. لم يعير تلك النظرات أدنى اهتمام، أخذ جانباً وبلهفة المشتاق تطلع صفحات الصحيفة بشكل يوحي بأنه يريد أن يصل إلي صفحة بعينها .. تساءل بينه وبين نفسه من المفروض أن تكون صورتها فى هذه الصفحة (صفحة الاجتماعيات) ؟!!

عاد بذاكرته إلى الوراء كمن يريد أن يتذكر شيء .. انه كان يشترى الصحف كل يوم طوال هذا الشهر لأنها هي الطريق الوحيد أمامه لكي يعرف أخبارها، معتمداً على دائرة البروج (حظك اليوم) هكذا كان يوهم نفسه بأنه من الممكن أن يعرف كل أخبارها .. كانت الهواجس والأفكار المخيفة تتوالى على ذهنه ويعقبها الوسواس تلو الوسواس .. هي الأخرى لم يشأ أن يعيرها اهتمامه , أخذ يقلب صفحات الصحيفة بعصبية شديدة واضطراب
ملحوظ .. وصل إلي . (صفحة الحوادث) جحظت عيناه فجأة وكاد أن يسقط على الأرض من فرط الدهشة .. يا إلهي إنها هي .. صورتها .. ملامحها ..وجهها .. إني أكاد أن أسمع صوتها يناديني .. لا .. ليس من المعقول أن يحدث هذا !! الدهشة خدرت لسانه وعينيه حتى أنه استطاع أن يرى الصورة بصعوبة، وأن يقرأ الخبر بصعوبة أشد؛ فقد كان الخبر يقول (وفاة عروس ليلة زفافها) هوت الصحيفة من بين يديه كجثة هامدة .. وغاب هو مع الذكرى .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى