الجمعة ٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم عمار بولحبال

حوار مع الكاتب السوري بسام الطعان

الحركة النقدية العربية مشلولة، أو نائمة

يتميز الكاتب السوري بسام الطعان بغزارة إنتاجه وتواجده الدائم على صفحات مختلف الجرائد والمجلات العربية والمواقع الإلكترونية، صدرت له أربع مجموعات قصصية هي: ورود سوداء ،غرفة معبأة بالنار، غزالة الغابة ونهر الدم.

في هذا الحوار فتح لنا قلبه وتحدث عن هموم إبداعية كثيرة.

 بعد هذا الكم الهائل من الإبداع القصصي ألم تفكر في التوجه لكتابة الرواية ؟
 بسام الطعان: كتبت الرواية فعلا، رواية واحدة حتى الآن لكنها لا تزال مخطوطة وقد وضعتها جانبا إلى حين، قد أعود إليها في وقت ما وقد لا أعود، هذا متروك للزمن وللرغبة، والسبب في ذلك أنني مغرم بالقصة القصيرة، هذا الجنس الأدبي الذي يتميز عن غيره من الأجناس الأدبية الأخرى بعدة خصائص، هذا الفن الصعب الجميل الذي تتكثف فيه الرؤية.
 القصة أكتبها اليوم وأنشرها غدا في مجلة أو جريدة، وهي لها مجالات واسعة للنشر، أما الرواية فتحتاج إلى زمن طويل ومتواصل حتى تنجز، وإذا أنجزت فعلى كاتبها أن يبحث عن ناشر وهذا قد لا يجده وإذا وجدته فسيكون الاتفاق مضحكا، أما إذا طبعها على حسابه الشخصي فهنا تكمن المصيبة، هل ستصل إلى قراء كثيرين، أقصد القراء من الدول العربية وخاصة البعيدة كالجزائر مثلا، بالطبع لن تصل إلى عدد أصابع اليد والواحدة، وربما أكثر بقليل، لهذا أعتبر نفسي قاصا بالدرجة الأولى، ولا أعتبر الأعمال الروائية أهم من الأعمال القصصية. بفضل القصة القصيرة استطعت أن أوصل صوتي إلى اغلب الدول العربية وبعض الدول الأجنبية. هل تعرف أنني ككاتب معروف في الخارج اكثر مما معروف في بلدي، ففي بلدي ينشر لي كل شهرين أو ثلاثة أشهر، وفي الخارج ينشر لي كل يوم تقريبا، فأنا انشر نتاجي القصصي في كثير من الصحف والمجلات العربية أي حوالي 35 مطبوعة هذا عدا عن المواقع الإلكترونية الكثيرة التي لا أتذكر عددها الان.
 2008 هي سنة الثقافة العربية بسوريا.. كيف تنظر إليها ؟
 بسام الطعان: سنة الثقافة 2008 في سوريا ستكون سنة خير إنشاء الله، وأنظر إليها نظرة أمل، نظرة تفاؤل، وأتوقع أن تمنحنا الفرصة للمشاركة وأن تشجعنا على مزيد من الإبداع، وأتمنى ـ الأمنيات شيء والواقع شيء لآخرـ أن تكون علاقة القائمين على الثقافة عندنا مع كل المشتغلين بالثقافة، علاقة حميمية وعادلة، لا علاقة مصالح شخصية، كي نتراشق بالياسمين السوري، لا بالدمع والمرارة، ونحن في سوريا أقصد الكتاب السوريين، سنكون سعداء لو شارك أكثر الكتّاب العرب في فعاليات دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008، فسوريا هي بيت العرب وتفتح صدرها لكل زوارها من الأشقاء والأصدقاء المخلصين، هكذا نحس نحن السوريين.
 هل هذا المشروع الثقافي يعبر حقيقة عن مستوى الثقافة العربية ؟
 بسام الطعان: بالطبع هذا المشروع الثقافي لا يعبر عن مستوى الثقافة العربية وللأسف الثقافة العربية مثقلة بالقيود ومحاطة بالأسلاك الشائكة، ولو كانت الحرية موجودة والدعم الحكومي موجود لسبقت الثقافة العالمية، ويجب ألا ننسى أن لها أعداء كثيرون، ورغم ذلك هي من أرقى الثقافات الأخرى وتستحق أن تكون نشاطاتها مستمرة خدمة للمجتمعات العربية التي لن تتطور دون الثقافة العربية.
 رحل يوسف إدريس وغصة جائزة نوبل تسكنه.. فكيف ترى إبداعه الحقيقي؟
 بسام الطعان: أعتقد أن يوسف إدريس خلق ليكون كاتب قصة، وأسلوبه في الكتابة يبهج القارئ، وهو عندي كاتب قصة إلى درجة الإعجاز برغم أنه كتب المسرحية والرواية وبعض الأجناس الأدبية الأخرى، وهو أيضا مهندس القصة القصيرة مثلما نجيب محفوظ وحنا مينا والطيب صالح مهندسون في الرواية، أما عن جائزة نوبل فهو كان يستحقها بكل تأكيد وبامتياز، ربما انه لم يحصل عليها لأنه لم تكن له ميول يهودية أو انه لم يشتم أمته ودينه، على أية حال كان الشرف لو حصل عليها لها وللقائمين عليها وليس العكس.
 هل تعبر فعلا جائزة نوبل عن قمة الإبداع الحقيقي ؟
 بسام الطعان: أبدا لا أعتبر جائزة نوبل قمة الإبداع الحقيقي، فكم من كاتب مرموق ظلمته الجائزة، خذ مثلا أدونيس هذا الشاعر الكبير رشح ثلاث أو أربع مرات ولكنه لم يحصل عليها، أو الشاعر محمود درويش أو الروائي الطيب صالح وغيرهم كلهم أفضل بكثير من أورهان باموق مثلا من حيث النتاج الأدبي، إن من يحصل على هذه الجائزة هذا لا يعني أنه قد وصل إلى قمة عصرة الأدبي أو سماوات الأدب، فهذه الجائزة لها أهدافا سياسية أكثر مما هي ثقافية، وهنا أتحدث عن جائزة نوبل للآداب فقط.
  يتميز الأديب بسام الطعان بغزارة كتاباته وتواجده في كثير من المواقع والصحف الأدبية.. فهل أصبحت المواقع والصحف همزة وصل بين الكاتب والقارئ ؟
 بسام الطعان : نعم أنا أكتب بغزارة ومنذ عشر سنوات، أكتب بشكل يومي وأتواجد في كثير من وسائل النشر، ورقية وإلكترونية، ولولا هذه الوسائل لما استطعت الوصول إلى كل مكان أريده، وهي بالتأكيد همزة وصل بين الكاتب والقارئ، والدليل على ذلك كثرة الرسائل التي تأتيني من أغلب الدول العربية وحتى بعض الدول الأفريقية التي يتحدث بعض سكانها بالعربية، وفي هذه الرسائل يمدحون قصة منشورة لي ويناقشونني فيها، وهذا دليل على اهتمام القراء بما يقرأون لي على نحو متزايد، وهنا السؤال: كيف كنت سأصل إلى هذا الكم الهائل من القراء لولا هذه المطبوعات والمواقع؟
 الأدب الجزائري موزع بين أدب الثورة وأدب الإستقلال، فما هي الرؤية التي تحملها عن أدب المرحلتي ؟
 بسام الطعان: مع الأسف لا أعرف الكثير عن الأدب الجزائري وبصراحة ودون خجل هذه أول مرة أسمع أو أقرأ أن الأدب الجزائري موزع بين أدب الاستقلال وبين أدب الثورة وأظن أن هذه مقولة خاطئة فالأدب هو أدب سواء تحدث عن فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر أم تحدث عن فترة الثورة أم عن فترة الاستقلال وما بعدها، ما أعرفه عن الأدب الجزائري انه أعطانا أسماء عظيمة ولكني لم أقرأ للكل وإنما قرأت لعدة أسماء من الجزائر ووجدت أن كلها رائعة، قرأت لرشيد بوجدرة والزاوي أمين وأحلام مستغانمي ونوارة لحرش وزكية علاّل وكريمة الإبراهيمي وغيرهم لا أتذكر أسماءهم الان.
 كيف تنظر للحركة النقدية العربية ؟
 بسام الطعان: يهمني أن أقرأ رأي النقاد الذين أثق بهم وبذوقهم الأدبي، ولكن في الواقع لم استفد بأي نقد لا مادح ولا قادح سوى من كاتب وأديب سوري هو المرحوم ( حسين راجي) كان دائما يمدح كتاباتي على صفحات جريدة تشرين السورية مع العلم أنني لم ألتق به وجها لوجه أما عن الحركة النقدية العربية فاعتقد أنها مشلولة أو نائمة نومة أهل الكهف، بعض النقاد يتحدثون بلغة المعلم والتلميذ وأنا أرفض بشكل قاطع هذا الحديث البطرياركي، لأن ليس كل ما يكتبونه هو الصحيح ولا اعتبر أن نقدهم هو "حديث شريف" في مهنة الأدب لا معلم إلا الموهبة وإدراك الذاتي والموضوعي، لكنهم لا يفهمون هذا الكلام وهذا من حقهم ومن حقي أيضا أن أقول إنهم لا ينتجون أدبا، بل ضوضاء فارغة.
  أنت متفرغ للكتابة.. فإلى أي مدى تؤثر الوظيفة أو أي عمل آخر على سير الإبداع عند الكاتب ؟
 بسام الطعان: كل أوقاتي هي للقراءة والكتابة وأخصص أغلب ساعات الليل للجلوس أمام الانترنيت، فأنا متفرغ كليا للأدب، ولو كنت موظفا أو مرتبطا بعمل آخر لما استطعت أن أنجز ربع ما أنجزت حتى الآن، وبرأيي على الكاتب أن يتفرغ للكتابة بشكل دائم إذا كانت حالته المادية مستورة، صحيح أن الكتابة لا تطعم خبزا، ولكن من يشتغل بالكتابة عليه أن يتفرغ لها إن استطاع، فالموظف مثلا يذهب إلى عمله ويعود إلى بيته بعد الظهر أو عند المساء فهل لديه وقت ليجلس ويبدع؟ كثير من أصدقائي الكتاب وبعضهم يعمل موظفا أو في عمل آخر يقولون لي نتمنى أن نتفرغ للكتابة فعلا ولكن كيف، وأخيرا أستطيع أن أقول إن الوظيفة تؤثر على سيرة الإبداع عند الكاتب لا بل قد تحوله من موهوب إلى إنسان عادي والشواهد كثيرة لا داعي لذكرها.
 هل أعطتك الشبكة العنكبوتية دفعا آخر لتكتب بغزارة ؟
 بسام الطعان: الشبكة العنكبوتية أعطتني الجد والنشاط وزادت من حبي للكتابة وبفضلها صار مطلوبا مني أن أكتب بشكل يومي، فهناك الكثير من المواقع التي أكتب فيها بشكل دائم، وأيضا بفضلها عرفت أسماء الصحف والمجلات وتعرفت إلى كتّاب ومبدعين من أغلب الدول العربية وتعرفوا إليّ، والتقيت بعضهم وأسست معهم علاقات شخصية وأدبية حميمية، قرأوا لي وقرأت لهم، أعجبت بكتاباتهم واعجبوا بكتاباتي، فأنت مثلا أخي عمار تعرفت إليك من خلال هذه الشبكة وأنا سعيد واعتز بذلك.
  قل ما شئت للذين يقرأون لك.. أو قد يقرأون..
 بسام الطعان: أكتب للباحثين عن شمعة، عن منارة عن طرق تؤدي إلى الجمال والخير، وأنا مؤمن بأن لا شيء يبقى غير الكلمات، أقول للذين قرأوا لي أشكركم من كل قلبي وأتمنى إلا أكون قد ضيعت من وقتكم وليتني أسمع أو أقرا ملاحظاتكم وتعليقاتكم ونقدكم على ما اكتب وتأكدوا من أن آرائكم كيفما كانت فستسعدني وتفيدني، أما اللذين قد يقرؤون لي أقول إذا قرأتم لي فتأكدوا بأنني أكتب لكم وعسى أن أزرع في بستانكم زهرة ياسمين أو بنفسج، وأقول شكرا إذا قرأتم لي.

الحركة النقدية العربية مشلولة، أو نائمة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى