الأربعاء ٢٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم نوزاد جعدان جعدان

المومس و المتشرد

كان المطر يهطل بغزارة و الشوارع خالية إلا من

شخص واحد مازال يمشي تحت قطرات المطر غير
آبه بها, متنقلا من حاوية إلى أخرى باحثا عن فتات
الطعام, كان شخصا رث الثياب, طويل الذقن
,ذو عينين خجلتين ذابلتين ووجه تبدو عليه
علائم ضربات السنين , إنه رامي جميع أهالي الحي
يعرفونه من مشيته المترنحة ويداه الدائمتان في جيبه
ووقفته الطويلة في الشارع, و يعرفون شخصا آخر
هي منيرة الفتاة الشقراء ذو العيون الخضراء
و القامة الممشوقة الهاربة من القرية لتضيع
في زحمة المدينة و ليصبح جسدها لقمة سائغة للضالين.
كان رامي دائم الحلم ببيت يسكن به و يغريه منظر مكون من أربعة أضلاع فقد سئم من عمق منظور الشارع و من حجم البنايات العالية و ملّ من عواميد الكهرباء المنتشرة في أرجاء الشارع التي تعرقل نومه ,فلم يكن يملك غطاء يلتحف به سوى السماء و لا وسادة أو كتفا يضع رأسه عليه إلا أكياس القمامة و لا شمعة تنير دربه إلا إضاءة القمر.
تأمل رامي في تلك الليلة منظر القمر بعد توقف المطر و اقترب منه كلب ضال فقرر رامي التحدث معه فلا أحد يسمع رامي أو حتى ينظر إليه فهو نكرة جوكر, فبادره بالسؤال:"هيه ..أيها الكلب بعد السؤال عن صحتك و عن أخبارك ..فيبدو لي أن كلانا بلا مأوى و كلانا مشردان
و لكن هل تعلم الفرق الوحيد بيني و بينك ..ها؟ يرد عليه الكلب بالنباح, حسنا , أنا سأجاوبك الفرق إنه أنا إنسان و أنت حيوان ,و يتابع.. أتعلم أن كلانا يوميا يأكل الركلات و الضربات و لكن الفرق الوحيد بيني و بينك أنه لدي شعور و أنت خالي من الشعور فأنا إنسان و أنت حيوان ".. وبدا الحوار مطولا إلى أن خرج رجل من بيت منيرة و نظر إلى رامي وتابع سيره فتأملت منيرة منظر رامي و لم يفارقها لحظة حتى عندما حاولت النوم, وخطر لها هاجس في كيفية تبييض سمعتها أمام الناس ففي طريقها إلى السوق يلتم حولها أهل الحارة و يشتموها فقد ساءت سمعتها إلى درجة لا تحتمل فكم من النساء طلقوا بسبها و كم فرقت شمل العائلات من تحت رأسها.. و خطر لمنيرة خطة و قامت بإشعال الأنوار و فتحت النافذة لتجد رامي غارقا في النوم فقامت بمناداته و لم يرد عليها فخرجت و حركته إلى أن استيقظ رامي بخوف و ذعر, مبادرا إياها السؤال ماذا تريدين مني ؟ .. فردت عليه منيرة بإجابة أنثوية مظهرة مفاتنها بفستانها القرمزي الشفاف :تعال و نم في الداخل, تردد رامي و أحتار ماسحا عينيه مستغربا ولعله منام كالأحلام الكثيرة التي كان يراها ,ثم أجاب : ماذا أفعل بالداخل فقبضت منيرة على معصمه و سحبته إلى بيتها و علامات الاستفهام تدور من حول رامي, فهي في الماضي كانت تشمئز منه و عندما تنظر إليه ترمقه بأسفل عينيها و إذ بها الآن تدخله إلى بيتها و تطعمه و تشربه الشاي الساخن و تجلب صحون الفواكه والحلويات إلى أن شعر بالتخمة فهو يأكل ولا يفقه شيئا من الموضوع و لم يلتمس حنانا كالذي التمسه اليوم من منيرة و بعدها اصطحبته إلى غرفة النوم و قامت بتقييد قدميه و يديه لتمارس الجنس معه و جلبت سكينا و جرحت بعض المناطق من جسمها ومزقت ثيابها و رامي المسكين يبتسم ابتسامة المغفلين .
ثم قامت منيرة بالاتصال بشرطة النجدة و هرعت الشرطة إلى منزلها و دق الباب ففتحت منيرة الباب ليسألها الشرطي بلهجة غليظة:أين هو ذاك السافل ؟ فأجابته هاهو هناك لقد اغتصبني و بقدرة القادر استطعت التخلص من بين أنيابه إلا انه بعد فوات الأوان فلقد فقدت عذريتي و تتابع بالبكاء و الدموع تنزل من عيونها وترسم خطوطا على وجنتيها.
دخل الشرطي و العصا بيده إلى خلوة رامي فرفرفت رموشه .. و قبض عليه الشرطي عاريا تماما و اصطحبه إلى مركز الشرطة بالإضافة إلى منيرة.
سارت السيارة إلى مركز الشرطة و كأنها تكتب حياة جديدة لرامي و منيرة اللذان ينظران إلى الشارع كل في اتجاه ووصلت السيارة إلى المخفر, فقام الضابط بالتحقيق بلهجة غاضبة: أنت
أيها النحيل القذر هل قمت باغتصابها ؟ ابتلع رامي ريقه و فكر بعد فترة جمود و سكون و كيف أنه في حال الاعتراف فإنه سيدخل السجن و آه ..ما أجمل السجن!.. فالطعام مجاني و الاستحمام أسبوعي عدا أنه سيلتحف غطاء و ينام بين أربعة جدران و يرتاح من صوت مازن العاشق السكير المعروف في الحارة, بينما كان يفكر قاطعه الضابط بصرخة: ما بك أيها القذر هل أنت أم لا ؟ ..فنظر رامي بقوة و لأول مرة و بإجابة ملئ الفم و بكل قوة: نعم أنا الذي اغتصبها ,و نظر الضابط إلى منيرة بنظرة شفقة و حنان مخاطبا إياها: تعالي إلى هنا أيتها المسكينة اجلسي هنا كم عانيت من تحت أنياب هذا الوحش .
أمر الضابط السّجان باصطحاب رامي إلى السجن و الابتسامة لا تفارق وجه رامي فهو في قمة سعادته و لينام لأول مرة بلا ضجيج و بلا إزعاج من أحد و لتتابع منيرة مسيرتها في وصولها إلى شهادة حسن سلوك و أنها كانت عذراء بريئة إلى أن جاء المتشرد القذر رامي وقام باغتصابها و ما الكلام الدائر حولها إلا إشاعات مغرضة و مجحفة بحقها , فغادرت منيرة إلى حارة أخرى و تركت عملها السابق لتتزوج من رجل غني, بينما تابع رامي مشواره في السجن عاشقا لظلامه هاربا من سواد القلوب.

الأخ العزيز نوزاد

نعيد التذكير بأهمية ما يلي

1- لا تستخدم الفاصلة المستخدمة في النص غير العربي

2- اترك سطرا كاملا فارغا بين كل فقرة وأخرى ولا تترك النص يظهر كما هو كأنه فقرة واحدة.

3- اكتب واو العطف ملاصقة للكلمة التي تليها،

نرجو أن تعيد مراجعة بعض التنبيهات حول النشر المنشورة في قسم ديوان العرب في الأعلى

شكرا لك


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى