الجمعة ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٢
قصة من التراث الشعبي الفلسطيني

بقرة اليتامى

الراوية: وحدوا الله
الحضور: لا إله إلا الله

هنالكم هالزلمة، كان متجوز هالحرمة. هالحرمة خلفت وراها ولد وبنت، وماتت. هالزلمة قال: "هذي البقرة للولد والبنت". يوم، هالزلمة تجوز. وهالمره حبلت وجابت، خلفت ولد؛ وعاودت حبلت وجابت، خلفت بنت. هذيك تطعم أولادها غير الأكل المليح، وهذلاك غير نخالة.
هذلاك الأولاد كل يوم يروحوا يسرحوا بقرتهم بالخلا. يومن يصلوا الخلا، يقولولها: "افتحي يا بقرتنا". هالبقرة تفتح بين قرونها، يطلع لحم ورز ويدوروا هالاولاد بوكلوا تيشبعوا. يطعموهم نخالة، وهذلاك يفوروا فور [1].
يقعدوا المغرب هالاولاد يلعبوا. أولادها وجهم أصفر، وهذلاك زي التفاح. قالت لابنها: "بدك بكره تسرح معهم وتشوف شو بوكلوا بالخلا". قالها: "طيب".
ثاني يوم سرح معهم. من الصبح هالاولاد أطعموا خبزاتهم للبقرة. وشو؟ بدهم يظلوا يتقصفوا كل النهار بالجوع! قالوا لأخوهم: "إسمع، بتقولش لامنا ولأبونا؟" قالهم: "لا، بقولش".
قالوا: "طيب. افتحي يا بقرتنا، بدنا نوكل". فتحت بين قرونها، ظلوا يوكلوا الثلاث تشبعوا، وسكرت.
روحوا. قالتله: "ها! شو أكلتوا بالخلا؟" قالّها: "شو أكلنا؟ الخبز الحاف اللي أعطيتينا إياه". مرظيش يقول. مصدقتش. قالت للبنت: "انتي إسرحي معهم الصبح، وزي ما بتشوفيهم يوكلوا بدك تقوليلي".
الصبح، سرحت معهم. قالولها: "بتقوليش؟" قالت: "لأ. بقولش". قالوا: "افتحي يا بقرتنا، بدنا نوكل". فتحت بين قرونها. هالرز، وهاللحم. ظلوا يوكلوا تنّهم شبعوا. والبنت باقية وهي توكل تحط هواه [2] في ثمها وهواه في عبها. لما روحت قالتلها: "يما شوفي شو بوكلوا. هذي البقرة هيذ هيذ".
جابت شوية هالتبن وغلتها في هالميه تصارت ميتها صفرا صفرا، واتحممت فيها، وفرشت هالفراش تحتها وحطت راسها ونامت. روّح هظاك. قال: "شو مال امكو يابا؟" قالوا: "عيانة".
قالتله: "تخرّفنيش. أنا مش قادرة".
: "يا ولية، شو مالك؟ بوخذك عالحكيم. شو بدك؟"
قالتله: "أنا وصفولي مبطيبش إلا غير تَمِنْك تذبحلي بقرة اليتامى".
: "لا [3] يا ولية. هالولاد متسليين عليها" وهيذ هيذ".
قالتله: "ولا يمكن. أنا ما بطيب إلا لتذبحلي بقرة اليتامى".
زقط [4] هالبقرة وذبحها, أكلوها. وهالولاد يصيحوا وينيحوا.
زعلوا عاد ومشوا، هي وأخوها. ظلوا يمشوا يمشوا تمّن لقاهم راعي هالغنم. هي كانت الكبيرة، وأخوها أزغر منها. قالها: "خيتا، عطشان. بدي أشرب".
قالت لراعي الغنم: "يا عمي، بتعلمش وين في ميه نشرب؟"
قالها: "إسمعي يا بنت، بلاقيكم مِكرين [5]، بتشربوا من اللي تحت، والثاني تشربوش منه. هظاك شخّت فيه غزالة، واللي بشرب منه بصير غزال". قالت: "طيب". وصلوا. شربوا من المِكر هظاك. قال أخوها: "والله غير اشرب من هاظ المكر تشوف شو بصير".
: "يا خوي، يا خوي!" مردّش. شرب منه. لما شرب من المكر، صار غزال. هالبنت قادت هالغزال، ودمعتها جرعتها، تعيّط.
وصلت لتحت هالقصر وقعدت. طلت عليها الخدامة.
قالتله: "يا سيدي تحت قصرك وحدة بتجنن". قالها: "اندهيلي عليها". ندهت عليها. قالتلها: "يا بنت اطلعي عند سيدي". قالتلها: "معاي غزال". قالها الملك: "خذنه، اربطنه نازل، وخليها هي تطلع لهان".
قالت: "لأ. هاظ وين أنا بقعد، هو بقعد".
قال: "طيب. اطلعنّه معاها". اطلعت هالغزال على هالدرج طالع وقعدت. قعدتلها شهر شهرين، الله أعلم.
قالّها: "يا بنت، أخو والا جوز؟"
قالتله: "لا والله. الجوز سترة".
اتجوزها. روح يا يوم، تع يا يوم، حبلت. هي حبلت، وهو مشي عالحج [6]. لما مشي عالحج، قالهم: "ديروا بالكو عفلانة. وهاظ الخروف لمن تلد، بتذبحلنها إياه". قالوا: "طيب".
لما راح عالحج، قالن: "هذي مزيونة وكويسة، وبعدين ببيعنا كلنا منشانها. شو بدنا نساوي فيها؟" اجن دبنها بهالبير وذبحن هالخروف واكلنه ودفنن جلداته تحت المصطبة. هاظ الغزال صار يومن يطعمنه لقمة خبزيوخذ لقمة هالخبز ويروح يرميلها إياها في البير.
روّح من الحج. قالهن: "وين فلانة؟"
قالنله: "الله يرحمها، ماتت. والله من معزتها علينا نحن هيانا بحشنالها بهالمصطبة ودفناها".
اطلع على هالغزال، لاقاه شو ظعفان. قال: "هاظا شو بدنا فيه بعد ما هي راحت؟ تنطعمه حتى ينصح شوية ونذبحه".
صار لقمة الخبز يحملها ويروح. قال: "والله غير ألحق هالغزال وأشوف وين بروح بالأكل". لحقه، والاّ هالغزال حمل شقفة هالخبزة بثمّه وراح على باب هالبير ورمى هالخبزة بالبير وصار يقول: خيتا يا بدور، سَنّولي السكاكين، وعالولي القدور". ردت عليه أخته، قالتله: "يا خوي يا قدور، شعري مجللني، وابن الملك في حظني، والحوت لابعني" [7].
طل هاظاك. قالها: "انت في جوّا البير؟"
قالتله: "زي ما انت شايف".
طيح عليها هالشب [زي محمد موسى]، راح طلعها واطلع ابنها. وحكتله شو قصتها. قالتله: "أنا قصتي كيت كيت وهيذ هيذ. شربنا من المكر وهاظ الغزال أخوي وهن دبني في البير وهاظ اللي صار معاي".
اطلعها من البير وأخذ أخوها وسقاه من نفس الحوظ ورجع شو هالشب اللي تعال واتفرج. وجاب امه وأخته والعبدة وقال: "اللي بحب السلطان يجيب حظن حطب وبصة نار".
الصبح، مثل ما تقول "عجرونة [8] البلدة ولّع هالنار ودب امه وأخته والعبدة وحرقهن، وعاش هو مرته وعمل أخوها سلطان، وتصبحوا على خير.


الراوية: امرأة في السبعينات من عمرها، من قرية جبعة في منطقة الخليل.

من كتاب قول ياطير الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية لابراهيم مهوي وشريف كناعنة


[1يفوروا فور: يكبرون بسرعة.

[2هواه: شوط، أي لقمة.

[3لا: تلفظ لَهْ.

[4زقط: أمسك بـ.

[5مكرين: المفرد مِكر، ويعني الينبوع.

[6من غير المستبعد أن يتغيب الرجل عندما تضع زوجته مولوداً، إذ إن الرجال كانوا يعتبرون أن كل مراحل الحمل والولادة تخص النساء. أنظر: Granqvist, Birth: 56-57 إذ تقول المؤلفة: "عندما تأتي ساعة المرأة للوضع يخرج الرجال من الدار. تقول حمدية: عندما يبدأ المخاض، يذهب الزوج ويحضر القابلة. وتضيف عليا: إنه لمن العيب أن يكون الزوج حاضراً ساعة قدوم الأوجاع. سألتُ عليا: أين الرجال؟ قالت: إنهم في القهوة .. في بيت لحم أو في الحصاد أو في القدس". ونوضح هنا أن عليا وحمدية هما الراويتان الأساسيتان اللتان اعتمدت عليهما Granqvist في جميع حكاياتها ومادتها الشعبية. وهما من قرية أرطاس قرب بيت لحم. وتضيف Granqvist: "والواقع أن الزوج (في هذه المرحلة) يفضل أن يكون في مكان يبعد كثيراً عن البيت. فيسعده أن تكون الولادة في موسم الحصاد.. وهو أيضاً يحب أن يذهب الى بيت لحم حيث يكون في إمكانه مقابلة رجال آخرين لشرب القهوة معاً..".

[7لابعني: بلعني. يرجع ذكر ابتلاع الحوت للقمر هنا (بدور، اسم الفتاة في الحكاية، جمع بدر) الى المعتقد الشعبي أن سمكة كبيرة أو حوتاً يسبب خسوف القمر ابتلاعها أو ابتلاعه. وعندما يحدث الخسوف يذبح الأهالي الديوك ويخرج الفتية الى طرقات القرية حيث يضربون على الطبول والأوعية ويصيحون: "يا حوت، لا توكل قمرنا". أنظر: Hanauer, Foklore: 6, 239-240

[8عجرونة (ع جرونة): جُرُن، ومفردها الجُرن، أي البيدر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى