الاثنين ١٠ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم نجمة خليل حبيب

للمرأة في يومها العالمي

نظم الاحتفال بدقة....زين قاعته بباقات زهور فاخرة ولافتات أتقن تخطيطها وانتقاء عباراتها. دعا متحدثات ومتحدثين من كبار المدافعين عنها شرقاً وغرباً. قدم لكل منهم بعبارات مؤثرة عاطفية دمعت لها عيون معظم الحاضرين. عدد الاجحافات الواقعة عليهن في عالمنا العربي البائس. أسف للواتي يعملن بصمت على خدمة الرجل منسحقات في بيوتهن دون تقدير ولا اعتراف بفضل. تكلم بامتعاض عن العشائرية التي قضت بتبرئة أخ قتل أخته لدواعي "الشرف". انتقد البرامج التلفزيونية التي تروّج لتعدد الزوجات وخص بالنقد الحاج متولي وزيجاته الاربع. انتقد النظم التي تمنع المرأة من حق الانتخاب، والاخرى التي تحرم عليها قيادة السيارة. حلل بمنطقية ممتازة مسألة "... وللمرأة نصف حصة الرجل" وأقنع سامعه أن النبي صلى الله عليه وسلّم لو رأى كيف تجحف أقواله لما سره ذلك. طالب للمرأة بحرية الإنجاب وعدمه، وهاجم الكاثوليكية لأنها تحرم المرأة حق الإجهاض. دافع عن جسد المرأة ووجوب تمتعها بحرية التصرف في هذا الجسد. شرق بدمعه فيما هو يتحدث عن العنف الذي يمارسه الرجال، في كل بقاع العالم، على النساء: العنف العاطفي والنفسي الذي يفوق ضرره العنف الجسدي.

لم ينس في ذروة انفعاله أن يذِّكر بالاساءة التي تلحق المرأة الغربية، والتي وإن تحررت من كل ما سبق، ما يزال الإجحاف يطالها في مجتمع استهلاكي يعاملها كسلعة، فيستغل جسدها في الإعلانات التجارية والدسائس السياسية.

صفقت له الجموع بحماسة وأثنت على تجرئه على المقدس من قيم وتقاليد، تجرءا سوف يجلب له غضب حماة الذكورة.

انتهى الحفل. عاد بسيارته المرسيدس إلى شقة مفروشة في أحد الاحياء الراقية. استقبلته بلهفة شهرزادية. خلعت عنه بذلته وربطة عنقه وحذاءه. قدمت له كأس ويسكي بالصودا ليزيح عنه بعض إرهاقه. قضيا بعض وقت في غرفة نوم شحيحة الإضاءة.

في ساعة متأخرة عاد إلى بيت الزوجية في إحدى الضواحي الشعبية. استقبلته بلهفة حارة مشفقة على ما يبذله من جهد مضنٍ طيلة النهار وقسماً كبيراً من الليل. تأفف من هذه الحياة ومسؤولياتها: زوجة، أولاد...مصاريف لا تنتهي. تأفف من إهمالها: فوضى في كل مكان: لعبة الصغير على المقعد، وكراسة الكبير فوق "الطرابيزة". منشفة الحمام ليست في مكانها والطعام أعيد تسخينه بالميكروويف.

صرخ غاضبا:

إيش بتسوي طول النهار؟!....ملتهية ببرامج التلفزيون التافهة واللا بطق الحنك على التلفون؟!. سيقتلني اهمالك... عليّ الطلاق إذا ما اعتدلت لأتزوج عليك"..!

بكت وتأسفت وخفضت رأسها بين يديه وحلفت بحياة رأسه، ألاّ تعود إلى إغضابه مرة ثانية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى