الاثنين ٢٤ آذار (مارس) ٢٠٠٨

أبي في القارورة

بقلم: حسين علي غالب

كم هوغريب رفيقي الهندي في السكن فتعلقه بهذه القارورة يثير إستغرابي وتعجبي .

إن هذه القارورة المغلقة لا يفارقها منذ أن تعرفت عليه وكلما أساله عما فيها يجيبني بجواب قصير لم أفهمه وهو: أن روح وجسد أبي في هذه القارورة .

كيف أن روح إنسان في قارورة وكذلك جسد الإنسان الضخم كيف يمكن وضعه في قارورة يتم حملها باليد..؟؟

اللعنة أن الخوف بدأ يتسلل إلي فقد يكون قد وضع في القارورة ذهب أومال مسروق ولا يريد أن يريه لأحد لكي لا ينكشف على حقيقته .

كان لابد بأن أقرر قرار مهم وهوبأن أفتح القارورة مهما كانت الوسيلة أوالثمن الذي أدفعه من أجل فعلتي هذه .

راقبت رفيقي الهندي وإذ أجده يخرج من الشقة ولكنه لم يأخذ القارورة اللعينة معه .

تأكدت من خروج رفيقي الهندي وأخذت القارورة وحاولت فتحها ولكنني لم أنجح فهي مغلقة بأحكام شديد.

رفعت القارورة عاليا ورميتها على الأرض بكل ما أملك من قوة لكي أكسرها ولكنني فشلت فالقارورة صلبة للغاية وكأنها مصنوعة من الفولاذ .

أعدت القارورة في مكانها وهي لم تتأثر وعاد رفيقي الهندي ودخل إلى الشقة فوجهت أنظاري إليه وقلت له وأنا أشعر بالغضب الشديد : إن لم تكسر هذه القارورة فسوف أضطر لطردك من الشقة أوالاتصال بالشرطة .

صمت رفيقي الهندي لعدة ثواني بعدما انتهيت من كلامي وبعدها قال لي : أنا أسف لإزعاجك واليوم وبما أنه نهاية الشهر فسوف تشاركني حزني فقط أنتظر لحظة غروب الشمس .

كالعادة لم أفهم كلام رفيقي الهندي فما دخل القارورة بمشاركتي حزنه ولكن ما الذي سوف أخسره فبعد قليل تغيب الشمس وسوف أرى بعيني ما الذي تحتويه القارورة اللعينة هذه .

حان وقت غروب الشمس وخرج رفيقي الهندي مسرعا من الشقة وأنا أتبعه حتى توقفنا عند مرتفع قريب من شقتنا وأدخل إصبعه في القارورة وفتحها وسلمني إيها .

أدخلت يدي في القارة ولم تكن تحتوي سوى على رماد جزء منه باللون التراب والجزء الأخر لونه أسود .

التفت إلي رفيقي الهندي وقال لي : أرجوك أنثر الرماد كله في الهواء الآن وبعدها أترك القارورة على الأرض .

نفذت كلام رفيقي الهندي ونثرت الرماد كله في الهواء وبعدما انتهيت تركت القارورة اللعينة على الأرض .

نظرت إلى رفيقي الهندي وإذ أجده يبكي بغزارة فقلت له : لماذا تبكي ...؟؟

فرد قائلا : لقد أطلقت سراح روح وجسد أبي الآن .

لم أفهم كلام رفيقي الهندي فقلت له : وما دخل أباك بهذه القارورة ..؟؟

فرد قائلا : هذه من عاداتنا الدينية .

عدت أنا ورفيقي الهندي إلى الشقة ولكن كان لدي سؤال واحتاج لإجابته وهوما دخل أبا رفيقي الهندي بالقارورة .

لم استغرق وقتا طويلا لكي أحصل على الإجابة فلقد بحثت على شبكة الانترنيت عن معلومات عن العادات الدينية في الهند حتى عرفت بأن الأبناء يحرقون أجساد آباءهم وأمهاتهم ويجمعون رماد أجسادهم ويضعونها في قوارير وبعد مدة ينثرونه بالهواء لكي تتحرر أروحهم وأجسادهم من الخطايا والذنوب .

ورفيقي الهندي جعلني أنثر رماد جسد أبيه المحترق في الهواء .

بقلم: حسين علي غالب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى