الخميس ١٢ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم زياد شليوط

شعر توفيق زياد من (المقاومة) إلى (المساومة)

استفزني ما رأيته وقرأته مؤخرا في أحد الإعلانات التجارية الذي يروج لحديقة حيوانات ترفيهية في كريات موتسكين، ونشر في أكثر من صحيفة محلية، ومما يزيد من حالة العبث أن مكتب إعلانات عربي أشرف على تصميم الإعلان المذكور، حيث ضمن الإعلان بيت شعر مشهور للشاعر الفلسطيني الراحل، توفيق زياد. وسبق أن اعتدنا على قراءة ذاك البيت لإعلانات تربوية وتثقيفية – وهذا أمر محمود ومشجع- والذي يحث على إسعاد الطلاب وخاصة في إعلانات التسجيل للمخيمات الصيفية، ولا شك أنكم عرفتم البيت المقصود، والذي بات يردد على ألسنة الصغار والكبار:

وأعطي نصف عمري

للذي يجعل طفلا باكيا يضحك

نعم، قصد الشاعر توفيق زياد بتلك الكلمات من يقدم ويضحي من أجل من يزرع البسمة على وجوه الأطفال أو يدخل البهجة إلى قلوب الأطفال، وليس من يبتز أموالهم ويستغل حاجتهم للمرح والبهجة من أجل الربح المادي، كما يروج ذاك الإعلان البائس.

إن "مؤسسة توفيق زياد" المؤتمنة على تراث وأدب توفيق زياد، وعلى طهارة اسمه وسيرته، عليها أن تقول كلمتها الصريحة والواضحة في هذا الموضوع. وآمل ألا يخرج علينا أحد بادعاء ربما يلجأ إليه البعض بأن مصمم الإعلان محسوب على حزب وجبهة توفيق زياد، وأن شعر توفيق زياد ملك الجميع، لأن ذلك سيكون عذرا أقبح من ذنب. لأن في هذا إساءة لتوفيق زياد أحد مؤسسي وقادة الجبهة الديمقراطية، وأحد قادة شعبنا الوطنيين، وأحد الشعراء الملتزمين، والذي حمل القضية الوطنية والإنسانية التقدمية ورفعها من خلال شعره الذي اعتبر من "شعر المقاومة"، فهل يعقل أن يتحول شعر المقاومة إلى شعر مساومة؟ وهل شعر توفيق زياد بات ملكا للتجار والمتاجرين بسعادة الأطفال؟ وهل حلم توفيق زياد يوما بأن يتحول شعره إلى شعارات تجارية رخيصة؟ فهل نترك شاعرنا يتململ في قبره، أم نقف وقفة حازمة لصيانة شعره وأدبه من هذا التلويث؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى