الجمعة ٢٧ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم
اختناق الشمس في زمن الرحيل
يا رفيقي كنت تمشي في الظلامكنت تسرعُكنت تحتضنُ الصحاريداهمتك الريح في الصحراء ما بين الرماللا تموت على الرمال!ولا تموت على حدود الليل في زمن الحصار!لا تموت هناك في الصحرا غريباً!!مُت هنا في الكوخ تعرفك السنابل والربيعوحرقة الموت البطيءورقة الفجر المطلِّ عليك من أفق بعيدمتْ هنا...زهرة أو زهرتاندمعة أو دمعتانفي فناء الكوخ تجتذبانِ قلبكمت هنا ,لا تسافرْ لا تسافر!سوف تبعث كلّ عام يا حبيبي من جديدزهرة في كل عامبسمة في كل عاميا رفيقي كل شيء أنتفافترش الترابومت هنا في الكوخ يعرفك الجميعمت هنا في الكوخ تعرفك السنابل والربيع!!كان طفلا أنبأتني رقة في وجنتيه بأنه طفلٌ بريءليس مثل الناس في شيء من الأشياءْكاد شكل الطفل ينطق أن تاريخ المآسي أنجبهقلت ماذا يا حبيبي؟؟؟قال إني ها هنا..... حشرج الصوت قليلاهاهنا مذ ألف عام..أصنع الأيامَ والأيامُ تنكرنني كما شاء الإلهأحملُ الكعك وأمشي في شوارعنا القتيلةوأخوض يومياًبحار الوحل والزمن العصيبهاهنا مذ ألف عام....أنسج القصة من دمي وفقريوأسلُّ الخبز من بين الحجارةهل عرفت السرّ في هذي الحياةأنا طفلٌ هاهنا منذ ألف عامأعرفُ الأشياء والأشياء تعرفني تماماً مثل بلدتنا اليتيمةأنكرُ الأشياء والأشياء تنكرنيككلّ حواجز البوليس والأمن الغريزيوأبوح أسراري للأطفال همساًحيث نخشى أن يطير السرّ حيث مراكز التفتيشفي الجو تصادر الأكسجينقد ولدت هناك ما بين الصخورإنني أذكر ميلادي القديمأتذكر يوم ميلادي بان السادة انكمشواوراودهم عبوسٌ...كان ذاك اليوم يوماً ماطراًلست أدري غيرَ أني قد كبرت على الرصيفوأعيش كالقمر على ضوء القمروأذيع أسراري إلى الأطفال يومياًوأمزجها بالصعتر والملح ودميوبأسرار حياتي والرحيلوعشقنا العذري في ضوء القمرهاهنا مذ ألف عام!!!!انتظرت الموسم العربي حتى قادني بحر انتظاريكدت أغرق في بحار الحلم والسفر الطويللم يطل صبري فقد شابت لياليَّ الحزينة....كنت وحدك تمزج المأساة بالبؤس العنيدفي سنين المحل كان الله يرقد فوق أشلاء الخيامفلا تبوح السر يا هذا وخلِّ السر في الصدر دفيناأنت محكوم عليك ببؤس عينيك اليتامىأنت محكوم عليك فلا تبوح السر في كل المحافلأنت محكوم عليك بان تموت على الحدودالنهار يموت في عينيكتختنق الشموس على اليمينتشتكي البؤس,فعرج لليسارأنت منفيٌّ إلى كل الجزرأنت منفي إلى كل الصحارىأنت منفي يصادر عبر كل مراكز التفتيشليلا ونهاراليس يرغب فيك أبناء القفارليس يرغب فيك غيرُ الأرضفارجع يا حبيبيأنت يا هذا "حرامي"أنت "لص"أنت صعلوك قديم!!!!!!!!!!زهرة أو زهرتاندمعة أو دمعتان في فناء الكوخ تجتذبان قلبكلا تسافر!لا تسافر!فالكوخ ينتظر الرجوع.....سفر طويل يا حبيبي عبر أحزان الصحارىليس يعجبك انفتاح الملجأ المقتول في دنيا الطفولةكتب الإله عليك في كل الديانات العريقة ما يشاءكتب التمزق والرحيلكتب الدموع الساخنات من النهار إلى النهاركتب الصلاة على قبور الأولياءكتب الإله عليك في كل الديانات العريقة ما يشاءما زالت الحارة تفتقد الغريبعلى حدود مدائن الشرق الغريبوسناسل الكوخ القديموحجارة الكوخ القديم تقوضتعدْ حبيبيليس يعجبك البقاءوليس يتعبك الرحيلتعبت يداك وأتعب السفرُ الفؤادسفرٌ طويل يا حبيبي مثل ناب الذئب تنشبه الصحاري في فؤادككي تموتسفرٌ يلوح على جبال الثلج في عينيك ناراً وضياءوتمرُّ بين أزقة السفر الطويليا حبيبي أتعبتك الآلهةفهي لا تنفخ بعد اليوم في السور العظيملا تحط ّعلى جبينك غيرَ خاتمها لتدخلك النظارةلم تعد تقذف بوجهك غيرَ شارات السفرلا تسافر عبر هاتيك الحدودوانفخ السور بأنفاس الحيارىوتمرد على كل بطاقات السفر..الشاعر باسل بزراوي