الجمعة ١٨ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم عبدالوهاب محمد الجبوري

الحرب والعدوانية في الأدب العبري

تمهيد

منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي عام 1948 تركز الاهتمام العربي على دراسة هذا الكيان من النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية ولم يكن هناك تفكير جاد واسع في دراسته من خلال الأدب اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً ونفسياً إلا من بعض النشاطات الفردية الملحوظة لبعض الكتاب والمتخصصين في عدد من الأقطار العربية لا يمكنها أن تسد (الفجوة) التي ما زالت تعاني منها الدراسات العربية في هذا الجانب، كما أن الكثير من الباحثين والدارسين لهذا الأدب وبسبب (جدته) عليهم وقلة المصادر وعدم إلمامهم باللغة العبرية مضافاً إليها اعتبارات داخلية وخارجية ناتجة عن تأثيرات سياسية محددة، نجدهم غالباً ما يغرقون في التفاصيل الجزئية والهامشية والتناقضات الثانوية داخل الكيان الإسرائيلي وينسون التناقض الأساس بين العرب والصهاينة تجاه المسألة الجوهرية المصيرية ونعني بها قضية فلسطين والاغتصاب الصهيوني لها مدعومة من الامبريالية العالمية.. مقابل ذلك نجد أن الصهيونية السياسية قد جعلت من الأدب سلاحاً لا يقل خطورة وأهمية عن الأسلحة الأخرى السياسية والعسكرية..

الملامح العدوانية في الأدب العبري

وحول هذا الموضوع المهم يعود بي حديث الذكريات إلى بداية دراستي للغة العبرية والأدب العبري في بيروت في السبعينات من القرن الماضي، عندما كنت ادرسُ اللغة العبرية مساءً في جامعة بيروت العربية واعمل صباحاً في مؤسسة الدراسات الفلسطينية كمترجم وباحث في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، حيث كنا مجموعة من المتخصصين في هذه المجالات نتحدث عن الصهيونية الأدبية عندما أطلعني احدهم على بحث كان قد أعده الشهيد غسان كنفاني عن الأدب الصهيوني، وقادنا الحديث عن الخلفية التاريخية والأبعاد السياسية للأدب الصهيوني وكانت الآراء متفقة حول ما ذهب إليه الشهيد كنفاني من أن الصهيونية قاتلت بسلاح الأدب قتالاً لا يوازيه إلا قتالها بالسلاح السياسي والعسكري لأن هذا الأدب لا يمكن فصله عن الأيديولوجية الصهيونية السياسية مع أن الصهيونية الأدبية كانت سابقة للصهيونية السياسية التي ما لبثت أن تمكنت من تجنيد الأدب لخدمة مخططاتها والسعي لتحقيق أهدافها.. لذلك نجد الأدب العبري ( الصهيوني) يتأثر بأهم الأحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تسود المجتمع الإسرائيلي وتبرز بشكل واضح بين الحين والآخر ويؤثر فيها.. وأحداث كالحرب تحفز الأديب العبري على التحرك للتعبير عن خوالج النفس الصهيونية وانفعالاتها ونوازعها التي تبعث على القلق والمرارة، فها هو الشاعر العبري (دان عومر) يصف في قصيدته (سن الثلاثين) مبلغ اليأس الذي آل إليه المجتمع الإسرائيلي فيقول:

في سن الثلاثين
أنا كالبيت المهجور
تصفر بين أحلامي رصاصات الحرب
وأسمال بالية
تجفف في داخلي قطرات الدم
دم عزتي
مشاعري، مدافع عديمة الارجاع
في (سبطاناتها) تنمو أشواك صفراء
تقصفني إلى الداخل..

وقد لازمت هذه الحقيقة الاستيطان اليهودي / الصهيوني منذ أن وطئت أقدام أول مستعمر يهودي أرض فلسطين وراح المجتمع اليهودي يعيش في حالة حرب دائمة وضع عناصرها وأسسها العدوانية القادة والمفكرون الصهاينة الأوائل وأدت في مراحل لاحقة إلى ظهور موجة من التمرد الأدبي على الموت بلا ثمن إلا لتحقيق أطماع القادة الصهاينة حسب تعبيرات أدباء وشعراء عبريين من هذه الموجة، الذين راحوا يعبرون عن ردود فعل عنيفة هزت مجتمعهم من الداخل هزاً عنيفاً بسبب حالة الحرب التي لا تطاق وذهب بعضهم إلى القول (إذا أستمرت الظروف على هذا النحو فليس بعيداً اليوم الذي نصل فيه حقاً إلى الحالة التي يكون فيها لكل شاب ثلاث بنات) ودعا البعض الآخر في قصائده بالويل والثبور على قادتهم حيث نجد الشاعر العبري (مئير شيلاف) يقول في قصيدته:

ويل للمحاربين من على الكراسي
ولجنود الورق والقلم
وللراقدين للكمين في السرير الدافئ
ولممثلي الأهداف على المكاتب
وللصارخين (إلى القتال) المتدثرين بالعباءة
يا شعراء الدم والعنصر
يا كالحي الوجوه
في قبور عبثكم العميقة
يتمدد موتاي

ومع ظهور موجة التمرد آنفاً ظهر جيل آخر من الأدباء والشعراء العبريين راحوا يعبرون بصراحة عما تطرحه الفلسفة الصهيونية وعما تكنه للإنسانية من حقد وكره ونزعة عدوانية وفي هذا يقول الأديب العبري (حانوخ برتوف) ( إن التغيير هو معرفة القتل والمشكلة هي مشكلة وجود يهودي ولكي يتمكن هذا الوجود من الاسـتمرار يتوجب عليه ممارسة القتل).. ومع تحقيق إسرائيل لانتصارها في عدوان حزيران 1967 أخذ الأديب العبري يذوب تدريجياً في الآلة العسكرية ليصبح جزءاً منها وخلع الكثير من الأدباء والشعراء (أفكار السلام) ومسوح الرهبان والتناقض ولبسوا أردية القسوة والشدة والعنف وألغوا كلمات الرحمة والشفقة وبدأوا ينغمسون، بإرادة ووعي، في خضم القتل إلى درجة أصبح سفك الدم العربي متعة بالنسبة إليهم، وأصبحت الأهداف العنصرية العرقية تجاه العرب واضحة في كل عمل أدبي وفي ( نفس كل إسرائيلي لا يرى أي موجب لاحترام العربي أو تقديس حقوقه) حسب تعبير الروائي العبري (عاموس عوز) الذي يدعي بأن الإنسان العربي يشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل، انطلاقاً من أفكار (توراتية أسطورية ) وبلا (سبب) أو (منطق) وأن من الضروري أن يستعد اليهود لدحر العرب في عقر دارهم بصفتهم (أي اليهود) أمة متحضرة تصارع أمة (متخلفة) وهذا ما نجده في روايته (في مكان ما)..

وعلى غرار هذا الشعور لدى (عوز) نجد هناك قواسم مشتركة لكثير من الأدباء والكتاب والشعراء العبريين في فلسطين المحتلة وخارجها والذين يرون إبادة العرب مسألة أساسية لتثبيت الوجود الإسرائيلي وتوسعه في مرحلة لاحقة وفق تعبير الأديب حانوخ برطوف (فوق ركام المجازر والجثث العربية ستستمر إسرائيل بالبقاء والتمدد)..

والأبيات الاتية تمثل نموذجاً من الشعر العبري ذي النزعة الصهيونية المتطرفة الذي ظهر بعد إحتلال جنوب لبنان عام 1982:

أطردوا كل (الخونة)
من البلاد اليهودية
لا نريد هنا..
إلا كل صهيوني حقيقي
يصرخ أمام الملأ
يهوذا والسامرة لنا
وانتم سكان يهوذا والسامرة
اجلسوا بصمت بهدوء
وقولوا شكراً
لأنكم لم ترحلوا بعد
إلى ما وراء البحار

ومثلما تدعي الشاعرة العبرية (نعمي شيمر) فإن الدبابات لن تكون أبداً رمزاً لحمل البرتقال طالما أنها لا تزال المركبة الجهنمية التي تحمل الموت والخراب وتزرعه في العالم:

ربما سنبحر غداً في سفن
من ساحل ايلات حتى ساحل العاج
وعلى المدمرات القديمة
سيشحن البرتقال

ومن نماذج النزعة العدوانية والتطرف العرقي ما تجسده هذه الأبيات للجنرال (رافائيل ايتان) رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، وهو يتحدث عن الحرب العراقية الإيرانية:

ماذا علينا !!
ليذبحوا بعضهم..
ليذبح احدهم أخاه..

لماذا نتدخل نحن ؟

وبالرغم من أن الحروب الإسرائيلية العدوانية كانت تقطعها بين الحين والآخر فترات من التوقف والهدوء فإن هذا لم يؤد على الإطلاق إلى جعل المجتمع الإسرائيلي يعيش في حالة من السلام والاستقرار، لأن الشعار الذي خططت له الصهيونية السياسية ونفذه الجيش الإسرائيلي، وما زال، وروج له الأدب العبري هو (من يتقدم لقتلك أسبق أنت لقتله)..

هكذا نجد الكيان الإسرائيلي يستعد بين حرب وأخرى لخوض حرب جديدة.. واستناداً إلى هذه الحقيقة، أي تحول الحرب العدوانية إلى سمة رئيسية لمجتمع العدو الإسرائيلي، نجد البعض من الأدباء العبريين يسعون دائماً إلى تبرير هذه الحرب وإضفاء طابع الشرعية عليها، فالأديب (حانوخ برتوف) يقول (حينما جاء إلى هنا أوائل الطليعيين ذوي الأفكار الراقية وأقاموا المجتمع الكيبوتسي، أي الاستيطاني، اعتقد الجميع أنهم سينقلون بشرى المساواة الحقيقية إلى العالم بالبنطلونات والقمصان الزرقاء.. ولكن ماذا حدث؟ لقد تحولنا إلى مقاتلين وليس لنا خيار في ذلك).

إما بالنسبة لأدب الطفل العبري، نجد أن البناء الفني والفكري هو أشد خطراً مما هو عليه في أدب الكبار ويمكن أن نرى المزيد من التطبيقات العملية للتوجهات الصهيونية حيث يتم التركيز على إدعاءات كاذبة وأفكار مضللة إطارها العام (وجود حق تاريخي لليهود في أرض فلسطين وأن العرب هو الذين تسببوا في غربتهم الاف السنين وتصوير الأطفال اليهود بأنهم أطفال جبابرة عظماء لا يقهرون، ويهزمون العرب الذين يريدون قتلهم من اجل المتعة فقط).. وانسجاما مع هذا التوجه فإن أحد المشاهد الأولى التي يذكرها الطفل مشهد أبيه الذاهب إلى الحرب التي ترافقه حتى حينما لا يكون لها ذكر في الأخبار..

وفي هذا يقول المفكر اليهودي (أمنون روبنشتاين) (لقد نما في الدولة جيل أصبحت الحرب جزءاً من حياته.. لقد آمن جيل 1948 أن حربه هي الأخيرة ولكنه اكتشف فيما بعد أن هذا كان وهماً).. والنتاجات الأدبية التي تتعامل مع موضوعات الطفل الصهيوني هذه تعود بداياتها الأولى إلى فترة الخمسينات حين قام متطرف هو (ييغئال ماسيتيون) بإصدار كتاب خاص بالأطفال، سماه (عصابة حصبمة) وهي عصابة سرية من الأطفال اليهود،، حسب ادعائه، لحاق الهزيمة بأعدائها بسهولة ويسر وذلك خلال مغامرات كثيرة تنتهي دائماً بنفس النتيجة.. بعد ذلك ظهر جيل آخر من الكتاب ساروا على نهج (ماسيتيون) في الكتابة للطفل اليهودي منهم (أرنونة غادوت) وكتابها (فتيات تزوبتك) و(روفائيل ساهار) الذي نشر كتاباً أسماه (عملية في الأهرامات)..الخ، أما أكثر الكتب رواجاً فهي كتب (إيدو ستير) وبطله (عوزيا عوز) و(أن ساريج) وبطله (داندين).
.
وتدور هذه السلسلة من الكتب حول الطفل الصهيوني (عوزيا عوز) أو(القوي الشجاع) الذي لا يقهر ويسعى دائماً إلى تحقيق أهدافه.. ويتساءل الكاتب (هازي لابين) عن الكتب التي يفضل أن يقرأها لو كان طفلاً يعيش زمن الصراع مع العرب، فيجيب أن من واجب الكتاب والأدباء العبريين الابتعاد عن كتابة القصص الجميلة التي تتحدث عن الفراشات والزهور وزيت الزيتون النقي لأن هذا سيوقعهم، حسب ادعائه، في كارثة هم في غنى عنها.. أما (أن ساريج) فيرى أن هدفه الرئيس من وراء هذه الكتب هو تغذية قرائه من الأطفال بحب (أرض إسرائيل) وتراثها، ويسعى لان يكون الطفل اليهودي صهيونيا مثل بطل القصة تماماً.. وهكذا نجد أن معظم المختصين في أدب الطفل العبري يعملون على جعل أطفال المستعمرين اليهود يرددون هذه الأغنية التي وضعها لهم (لابين) والتي تقول كلماتها:

سوف نهاجم (الأعداء)
خلال الظلام بكل قوة
لأنه لا يوجد لدينا لذة
غير لذة الجريمة

وحين سئل (لابين) عن مثل هذه الكتابات الحاقدة، التي تغذي الشعور بالنقمة والحقد والجريمة لدى الأطفال، نراه يحصر التبرير في الحرب التي يخوضها اليهود ضد (أعدائهم) وأن من حقهم مواجهتهم بقوة وبكل الأسلحة!.. ويتفق (لابين) مع الأدباء العبريين الآخرين على رسم نتاجهم الأدبي داخل إطار المقولة الصهيونية (إذا أراد أحد أن يقتلك فلا بد لك أن تعجل أنت بقتله).. وفي قصيدة (المشكلة) نجد الشاعر (يعقوب تسيم) يخلق جواً مشحوناً بالرعب يسيطر على البيت الإسرائيلي، ولا يوجد هناك من يحميه من شبح الرعب هذا.. فالزوج الذي تجد الزوجة أمنها في حضنه مشغول في الخارج بحراسة الحدود والزوجة التي تجد الطفلة أمنها في حضنها خائفة ومذعورة.. وهنا تكتمل صورة (المشكلة) التي رسمها (تسيم) بنزعة صهيونية خبيثة بإلقاء اللوم على العرب المسئولين عن خلق جو الرعب هذا وفقدان الأمان الذي بدونه لا يمكن للطفلة أن تنام.. وهكذا في قصيدة (حكاية) لرافي دان، هي الأخرى، تتحدث عن القتل والرعب وأسطورة الحق اليهودي المزعوم في فلسطين.. زئيف طفل يهودي عاش على ارض فلسطين (منذ آلاف السنين) ومات (منذ آلاف السنين) لا أحد يدري كيف مات: جوعاً أو تحت التعذيب أو برمح طائش.. ألخ.. والسبب هم العرب.. هذا ما أراد أن يوحي به الأديب العبري(رافي دان) الذي روج وبشر في كتاباته بقدوم الإنسان اليهودي للاستقرار في أرضه التاريخية الموعودة حسب زعمه.. ثم يأتي القصد وهو: أن اقتلوا.. اقتلوا.. فإذا رغب الأطفال بالموت فعليهم أن يموتوا مثل( زئيف) إذن ولكن عليهم قبل كل شيء أن (يصوبوا بنادقهم تجاه الشرق).. أي اتجاه العرب..

أما عن علاقة الأدب العبري ( الصهيوني ) بالتوراة فإننا نجد ما يسمى بالصهيونية الدينية قد جعلت من الحرب أساساً لوجودها ومرتكزاً للانطلاق نحو غاياتها ولذلك لا نفاجأ عندما يعبر الحاخام العسكري (موشيه جوران) عن تمسكه بمبادئ التضليل وتشويه التاريخ نفسها ويعلق (إن الحروب التي خاضتها إسرائيل هي في منزلة الحروب المقدسة! وأن حرب 1948 هي لتحرير أرض إسرائيل وحرب 1956 هي لاستمرار الدولة وحرب 1967 هي لتحقيق نبوءات إسرائيل) وهنا نجد أن هذا الإعلان من جانب الحاخام العسكري الصهيوني يعبر بوضوح أيضاً عن النوايا الصهيونية التوسعية التي تضمنها المشروع الصهيوني والرامية إلى تحقيق (إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل)حسب المزاعم التوراتية، والتي تقرر تعليق خارطتها على مدخل الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لتذكير ممثلي الأحزاب الإسرائيلية والتجمع الاستيطاني اليهودي الصهيوني دائماً بهذا الهدف الصهيوني الإستراتيجي..
كما لا نستغرب عندما يسمح (بن غوريون) لنفسه بالتحدث عن أعداء (دولة إسرائيل) على أنهم مصر وبابل وكان (زئيف جابوتنسكي)، الذي يسميه البعض بفيلسوف العنف والإرهاب في الحركة الصهيونية الإصلاحية، صريحا عندما قال مخاطباً رئيس جامعة فينا اليهودي (تستطيع أن تلغي كل شيء أما السيف فلا.. وعليكم أن تحتفظوا به لأن القتال بالسيف ليس ابتكاراً ألمانيا بل هو ملك لأجدادنا الأوائل.. إن السيف والتوراة نزلا علينا من السماء)..

كما نجد الإرهابي (مناحيم بيغن) يطلق صرخته المشهورة (لولا النصر في دير ياسين لما كانت هناك دولة إسرائيل)!! ويقول (عاموس كينان) في كتابه (الإسرائيليون والمؤسسون الأبناء): (إن الصهيونية الأولى قامت على أساس العقيدة في إجراء التغيير بالطرق السلمية، ولما تبين أن هذا غير ممكن أرتبط الخلاص بفكرة العنف)..
الاستنتاج الذي نخلص إليه من هذا الاستعراض السريع عن مفهوم الحرب في الأدب العبري وتطبيقاته، هو أن الحرب والعدوان كانا وما زالا بالنسبة للفكر الصهيوني حقيقة وجودية، أو كابوساً وجودياً لا مفر منه، كما يحلو تسميتها من قبل البعض من المستوطنين اليهود، ولذلك تحول المجتمع الإسرائيلي، بفعل هذا الكابوس، إلى ثكنة عسكرية تغذى فيها الأفكار العسكرية العدوانية، وفي جو مشبع بالحقد والكراهية لكل ما هو عربي، وفي إطار من المفاهيم الكاذبة كالأمن والدفاع، والشعارات المضللة كالتمرد على الحرب في بعض الأحيان والظروف، كما حصل بعد حرب تشرين 1973 عندما هزم الجيش الذي لا يقهر واهتزت نظرية الأمن الإسرائيلي التي ثبت فشلها في ضوء العمليات العسكرية العربية الرادعة والرائعة..
ورغم كل ما حصل سيبقى المفهوم الصهيوني للحرب قائما، رغم فترات السلام التي ترى فيها إسرائيل أنها مؤقتة من اجل تعزيز قدراتها العسكرية التقليدية وغير التقليدية وإعادة بلورة استراتيجياتها لتنفيذ الحلم الصهيوني المريض، بدعم مطلق من الولايات المتحدة والصهيونية العالمية ودول أخرى، والمتمثل بإقامة (إسرائيل الكبرى) ثم (إسرائيل العظمى) أو المملكة اليهودية العالمية، حسب ما أقرته التوراة التي بين أيدينا وكما جاء في أسفار التلمود صراحة بهذا المعنى..
من هنا جاءت الطروحات الأمريكية والإسرائيلية متوافقة حول ما سمي بمشروع الشرق الأوسط الكبير، على حد تعبير شمعون بيرس في كتابه الشرق الأوسط الكبير، وعلى حد تعبير الرئيس بوش وكونداليزة رايس وعدد من المسئولين الأمريكان بإقامة ما أسموه الشرق الأوسط الجديد، وذلك كله من اجل السيطرة على المنطقة العربية والاستحواذ على ثرواتها وسلب إرادتها كخطوة أولى باتجاه السيطرة على مناطق أخرى من العالم تحقيقا لنبوءات حاخامات اليهود كما جاء في بروتوكولاتهم المعروفة..

 [1]


[1

المـصادر
1. عبد الوهاب محمد الجبوري/اللاسامية في الفكر الصهيوني –الموسوعة الصغيرة/ العدد 119/ بغداد منشورات دار الجاحظ للنشر- ط، 1982.
2. مجلة الأقلام/ العدد التاسع – حزيران 1979 إصدار وزارة الثقافة والفنون – بغداد.
3. د. رشاد عبد الله الشامي/ الشخصية اليهودية الإسرائيلية والروح العدوانية/ عالم المعرفة – العدد 102، إصدار المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، 1986.
4. جودت السعد/ الشخصية اليهودية عبر التاريخ – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 1981.
5. جودت السعد/ الأدب الصهيوني الحديث بين الإرث والواقع – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 1985.
6. غسان كنفاني/ في الأدب الصهيوني/ مركز الأبحاث/ بيروت.
7. آفاق عربية/ العدد 7 – 1987.
8. آفاق عربية/ العدد 1 – 1984.
9. محمد الصالح العياري/ الشعر العبري والصهيوني المعاصر/ كتاب المعارف يصدر عن دار المعارف للطباعة والنشر بسوسة/ تونس.
10. د. فاروق محمد جودي – مدرس آداب القاهرة – الصهيونية وإحياء اللغة في العصر الحديث، مطابع النشر العربي، 8 شارع الصحافة – القاهرة..
11. مجلة الكاتب العربي، التي تصدر عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب – دمشق، السنة العشرون، العدد (53) أيلول 2001 – عدد خاص/ عنصرية الصهيونية والنازية..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى