الثلاثاء ٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
بقلم محيي الدين الجابري

في رثاء الشاعر العراقي الدكتور صالح الظالمي

وكان أن علق خلف المدى
قصيدة وكسرة من صدى
 
حتى إذا أوحشه صمته
في الموت شوقا وحنينا شدا
 
أو ربما أدرك معنى بدا
له خفيا من كتاب الردى
 
فمد عينيه إلى غاية
تبعد إما طاف أو ابعدا
 
يطارد الدهشة في موته
ويمسك الصورة أن تشردا
 
ويعطف الروح على جمرة
في روحه توشك أن تبردا
 
يا موت كن معناه كن أصدق الـ
حروف كن أرق ما شددا
 
كن لونه الأخير كن ريشة
أعدها ليكمل المشهدا
 
كن شجوه حنينه جملة
أضاعها ثم إليها اهتدى
 
يا موت ما الشاعر إلا رؤى
خضراء أغوت وجعا اسودا
 
إلفان إما افترقا طوحا
به وإما التقيا أوجدا
 
يا موت كن حلما بأجفانه
يهدهد الروح التي أجهدا
 
إذ طالما ركب في فضة الـ
نعاس من جمرته عسجدا
 
وقال عن جراحه وردة
وقال عن دمعة حزن ندى
 
أروع ما في موته أنه
نضى بياضا ثم عاد ارتدى
 
*****
يا آخر الرائين يا فاتحا
من اليقين بابه الموصدا
 
ويا ابن جيل كاد من عفة الـ
ضمير يسترشد من ارشدا
 
ويا أخا الساعين نحو العلا
والصانعين المجد والسؤددا
 
الباسطين في عطاء يدا
والقابضين عن عطاء يدا
 
مضوا وفي الأنفس من عزة
تيهٌ وفي الأضلع حز المدى
 
*****
يا حاضرا أبصر من أمسه
رؤاه فاستشرف فيها الغدا
 
خذ موتك البهي وارحل به
عن عالم غر جديد بدا
 
تقافز الأشباح في ليله
وتزهق الأرواح فيه سدى
 
الأنبياء احتفروا خندقا
به وإبليس ابتنى مسجدا
 
والفقراء افترشوا جوعهم
واقتسموا القلوب والأكبدا
 
والشعراء انتظروا نجمة
تشع أو طيف سنا يفتدى
 
وليس في الأفق سوى وحشة
لمن بكى منهم ومن غردا
 
كأنه التيه أحلت لنا
به خطايانا فكانت هدى
 
ندور فيه من ذهول وما
ندري إلى أين انتهى فابتدا
 
وكم فقدنا فيه من صالح
نبكيه إما طالح أفسدا
 
يهز فينا أنفسا أجدبت
ويبرأ الأكمه والأرمدا
 
*****
يا آخر الرائين أما التي
آثرت أن تقطعها مفردا
 
زادك فيها راقصات المنى
والشعر بيت كاد أو أسهدا
 
دروبك البيض وما اختط في
طياتها جرحك أو انشدا
 
تضحك فيها من ضباب عدا
بها وليل اسود عربدا
 
حسبك أن كنت بها موقنا
بالصحو يغري الشمس أن تولدا
 
وبالربيع ازدرعته الربى
بكل ما يوشك أن يحصدا
 
قضى بها أمس لباناته
فليت فيها لغد موعدا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى