الأربعاء ١٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
بقلم توفيق الحاج

عار..خمس نجوم

عندما أقف أمام ظاهرة لا إنسانية قديمة قدم البشرية جديدة جدة توالى الأيام والساعات والدقائق يقشعر بدني تقززا وألما ولا أجد مهما حاولت مبررا مقنعا لها حتى في قواميس أذكى وامهر الطغاة..!!

الاعتقال السياسي يا سادة.. يا كرام. إشهار بالإفلاس، وجريمة آدمية متعمدة مع سبق الإصرار والترصد، مهما زينها وجملها الحاكم كما يزين ويجمل يجمل كعكة عيد ميلاده بالأنوار الملونة، وباقات الزهور من حاشية المتملقين، ومهما خلق لها المبررات والأعذار، وحلاها بعسل حضرمي ينسكب بين الكلمات والإيماءات..!!

فتخليق الأعذار لجريمة فاضحة جزء مقيت منها يزيدها فضحا وقبحا، وسكب الشهد على الظلم يزيده قبحا ومرارة وألما..!!

أيها الحاكم..، وفي أي مكان

قل لي كم معتقل بدون ذنب تحتجز في زريبة ملكك.. أقل لك كم أنت بعيد عن إنسانيتك التي فطرك الله عليها، وكم أنت ظالم لنفسك وبني جلدتك..!!

أيها الحاكم..وفي أي مكان

قل لي..كم روح بريئة أزهقت بعلمك أو جهلك على أيدي زبانيتك على اعتقاد انك وأنهم، إنما تمدون في عمر بغي فان وجور زائل.. أقل لك..
كم أنت قاتل، مهما تسلحت بكلمات رب العباد وتسترت بتخاريج الأدعياء ومهما تغنيت بأوجاع الوطن وآهات الفقراء..!!

كلمات قد تبدو للوهلة الأولى بديهيات من نافل القول..يعرفها القاصي والداني..لا إثارة فيها ولا جديد،ولا داعي للإثقال بها على صائم أو عائم أو نائم.!!

ولكنها فواتير حساب دنيوية موجهة إلى كل رابض فوق الرقاب..!! تتطلب دفعا معجلا، وان لم يكن فمؤجلا، ولكنه أضعاف أضعاف

إن الحكمة وتأمل الحال يتطلبان من الحاكم الجائر لو شاء الإنصاف وترميم السمعة، أن يعيد النظر وعلى وجه السرعة فيما اقترف بحق نفسه وشعبه وأن لا يغتال بجرة من قلمه المذهب -وتحت أي ظرف- الحرية التي وهبها رب الأنام لعبده البريء.!!

هناك..يرتكب عار الاعتقال السياسي وهو باطل..مدان وقبيح..!!
وهنا يرتكب عار الاعتقال السياسي وهو أيضا باطل..مدان وقبيح..!!
ولعلها لعنة التراشق المؤلم المستمر والممل بالباطل بين أحمقين غطاهما القبح والعار..!!
أحدهما وهب لنفسه ومريديه ريح الجنة فاطمأن واطمأنوا..
والثاني وهب لنفسه ومشايعيه حكم التاريخ فاستراح واستراحوا..

نعم.
الاعتقال السياسي..عار حتى ولو كان في فندق خمس نجوم..!!
فما بالك لو كان في زرائب وزنازين، وظروف غاية في الامتهان والقسوة..؟!!

هذه حقيقة واقعة كغروب شمس كل يوم..!! لا سبيل إلى تزيينها أو تبريرها أو حتى إخفائها بالابتسامات والشعارات وكثرة الرايات،
ولن ترتجف هذه الحقيقة أو تهرب بمزيد من العسف والاعتقال..!!
ولماذا نتهم إسرائيل بجريمة اعتقالها لعشرة آلاف معتقل سياسي، ونحن نتبادل نفس الجريمة فيما بيننا..؟!!

لكم يا سادة..يا كرام..أن تتصوروا كيف يكون شعور الأم الملتاعة أو الزوجة الصابرة أو الأب العاجز أو الأبناء الخائفين حين يجدون مكان عزيزهم شاغرا على مائدة إفطار أو سحور..!!

وللحاكم أن يتصور حال أطفاله لو لم يعد إليهم يوما في المساء..!!ويحس بالمآسي الشوك الذي يزرعه في صدورنا بإصرار
حتى أن تبرير الاعتقال السياسي بمنطق المعاملة بالمثل لا يقنع أحدا،بدليل أن المعاملة الإسلامية في الحرب والسلم كانت دائما ولازالت قدوة متسامحة لمعاملات الأمم الأخرى..!!

ياسادة..ياكرام..

ليس هناك أفضل من أيام شهر رمضان هذه لكي يغتسل الحاكم أي حاكم من خطاياه، ويتوب إلى الله توبة الصحو والندم وطلب المغفرة، فيفك اسر الأبرياء من أقفاصه ودهاليزه..ويتوضأ بسعة الصدر والرحمة لرعيته ناشرا

قدر ما يستطيع العدل والأمان على الجميع..
لقد علمتنا التجارب القريبة الماضية..
أن.. "ربك لبلمرصاد" وانه "يمهل ولا يهمل"
وأن.. "لكل شيء إذا ما تم نقصان.."
وأن.."من سره زمن ساءته أزمان.."

وأن تجارة الخوف وان ازدهرت كاسدة..وان قهر الناس بالباطل عاقبته صاعقة..!!
فليتعظ قبل فوات الأوان من يتعظ

ولله عاقبة الامور..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى