الأربعاء ٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم بسام عورتاني

تاريخ جديد

يولد الإنسان في ساعة محددة وفي يوم وشهر وسنة، تتداخل الأرقام والأسماء مشكلة سماته ومحددة مميزات شخصه. فيصبح كائناً باندماج الجسد بالروح ليتجلى بملامح بشر. إذن أرقام تمتزج بفروضات الطبيعة والإله، تنتج لنا كائن حي بشري إنساني.

هذا الاحتفال ألامتزاجي يغرينا للتساؤل والمجادلة ويصبح طقساً احتفاليا ننتظره كل عام لكي نتلقى مباركات من نعرفهم سواء كلاماً أو على شكل رمز مغلف. ننتظر هذا الطقس لكي نؤكد بأن مسيرتنا مستمرة متجهة إلى سعادة/تعاسة وأن الزمن يهدينا شيئاً ليعيد الثقة به وبخباياه ولا شك بأن هذا الطقس يذكرنا أيضاً ببعض مسؤوليات تلك المرحلة ويحيل لنا تساؤل ماذا بعد؟؟ هل أنتظر هذا الطقس ليذكرني بمسؤوليات الزمن؟ أم أجعله ينتظرني لكي يحتفل معي بوجودي الرائع؟

من البؤس أن نجعل هذا الطقس مغرياً لنا لكي نبتسم ونرقص طرباً لحلوله. فما هذا التوقيت إلا توقيت انفجار بطن الأم لكي تطل إلى هذا العالم المزاجي الداكن. ما يغريني للكتابة في هذا اليوم هو اعتقاد بأنه نقطة نهاية وبداية في نفس الوقت. نهاية جسد الأم المنسجم المنساب الذي يتحرك بسهوله ورقة ونعومه، إلى تكويرات وأثقال وترهلات تحتاج لعلاج لا بأس به ومكلف. مرحلة الاستمتاع بالجسد إلى مرحلة تطبيب هذا الجسد.

هذا الطقس يفصل بين ما كان وماهو الآن، وما سيكون يجعلنا أكثر حيرة لننقد ونتساءل عن ما فات، لنعلم أكثر عن حقيقة ذواتنا. مراجعة خفيفة لكي ندرك ما نحن عليه الآن، ومطابقة ذلك مع أحلامنا المستقبلية. فالمستقبل يتحدد بتجارب الوعي في خضم الوسائل المتاحة ويتميز بنوعية الإمكانات وروحها.
أنت الآن اجتزت شيئاً من الأرقام السنوية وقطعت مسافات زمنية. هل تعتقد بأنك تحتاج راحة من هذه المسافة المقطوعة بتواتر؟

أنت لا تحتاج راحةً، ربما تحتاج إلى عمل أكثر لكي تثبت للعلوم الصحيحة بأنك لن تختصر بأرقام مع أنك خلطة رقمية. وهذا التطور التكنولوجي الرقمي هو نتيجة طبيعية لإنسان رقمي بالأصل. فهو أخضع علاقاته للترميز الرقمي بعد جهد وعناء لينسجم مع خلطته الرقمية، معتقداً بأنه أنجز شيئاً خارقاً في حين أنه ارتد على ذاته واكتشف جزءاً من كينونتها، وأثبت أنه ينمو في حلقة مركزها "مجهول".

ليس صدفة أن يعود الزمن إلى نقطة البداية وإنما الصدفة أن يتغير المسار نحو المجهول، فالاحتفال بهذا اليوم سنَّة المحارب الذي ينتظر نهايته بغباء الوطني المنتمي إلى حتفه. فلماذا يا ترى تتغلف السعادة بهذا الطقس؟؟

جدير بنا أن نتذكر كل من قضوا لكي نستمر، فهم احتفلوا بأرقامهم حتى احتفل الجلاد بهم. هذا من المنازعات التي تدور لاستحواذ سلطة البداية، ولامتلاك شرعية النضال الأبدي من أجل تحديد الاتجاه وليس من أجل فك المزيد من الخلطات الرقمية... وهنا التعاسة تتجدد باعتقادي وباعتقاد كل المتناقضين التائهين. فهل لقراءة الماضي وظيفة غير الوظيفة التفكيكية للذات الحاضرة؟؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى