الأحد ٢٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
بقلم
وهل بعد الوالدين للإنسان من صديق
سكنت في بيت عتيقملأته نور وبهجةوحب عميقنالت من الدنيا إنسان واحدهو الابن وحسبت أنه سيكون لها الصديقلم تحب بعد زوجهاولم تعرف أي عشيقومرت الأيام تلو الأيامونضج ابنها وأحب ابنة الجيرانحب عاطفي ورقيق.. حب جدا عميق..وتزوجها وأصبح لفراق محبوبته.. ولو لدقيقة..يحزن ويضيقأما أمه فتركها وحيدةيتذكرها كلما كان ينهض من حضن زوجتهبعد أن ينهل من حبها.. ويفيقأما أمه فقد شعرت بوحدة وأصبحت كأنها فيالحياة مجرد عليقزاد من حزنها هجر ابنها لها وبعاده عنهاوبات قلبها على حالها حزين وقليقوأصبح المرض دون سواهلها في دربها رفيقجلست يوما وسرحت بخيالهاولامت نفسها وفتحت معها تحقيقفهي قد دللت الضنا منذ صغرهوجعلته يتخذ من اللامبالاة والإهمال شقيقولكن بعد ماذا تلوم نفسهافلقد كبرت واللوم أصبح لا يفيد ولا يليقاستسلمت للواقعابنها يهنأ ويسعد ويمرحبين أحضان محبوبته.. زوجتهبينما هي وحيدة.. عجوز بلا بريقابتسمت ابتسامة سخريةابتسامة هم وحزن وغم وضيقوقالت ربيع العمر قد ولى وراحليت أيام الطفولة والصبا والبراءة تعوديوم أن كانت طفلة ذاتشعر قصير وحليقيوم أن شبت بلا هم ولا غم وبملابسحلوة مزركشة قصيرة واسعة وأحيانا منهاما كان يضيقكانت تلعب وتمرح وتجري هنا وهناك بدونأدنى هم أو مشكلة مهما كان الأمر دقيقوتزوجت يوما من زوجنال المرض منه وأصبح لحياته يعيقمات.. وما كانت تدري أنهذهب وأخذ معه السعادة بحق وحقيقفهو كان الزوج والحبيبوأيضا العشيق والصديقوضعت آمالها في طفل أنجبته منهوظنت أنه سيعوضها خيراويسبح بها في جو من السعادةمبهج ومشرق وطليقاهتمت به ودللته وزادت من تدليلهلدرجة انه أصبح في نعيم ودلال.. لا ضجر و لا ضيقوكانت النتيجة أنه جعل منها امرأةعلى الهامشوأصبح قلبه خاويا منهاوبات يكن لزوجته حب عميقوفي يوم كان قريب داهم الابن مرضا لا براء منهوهو في ريعان شبابهشعر من مرضه أن عمره قصيروالزمن به قد ينتهي و القبر به يضيق.. بعد مرضه ضنت بحبها له زوجتهوأهملته بل وهجرتهواشتاق قلبه لأمهوهرول لها لعله برؤيته لهايبرأ ويفيقطرق بابها فظل موصدا أمامهولم يفتح له، ولم يكن لطلبه أية مجيبوشاهدته جارة لأمهوسألها عنها فقالتماتت وذهبنا بها وواريناها الثرىوعدنا لتونا من الطريقأخذ يسأل عن قبرهاوصل إليه وهو بالكاديخرج زفير ويأخذ شهيقوضع رأسه على قبر أمهوأجهش بالبكاءواسقط دموعا ندما وحسرة.. دموعا تجعل الحجريصبح فليقوصمت صمتا رهيباوتنبه لصمته كل من حولهفصاحوا عليهولكنه ظل صامتا بلا حراكدنوا منه فوجدوه جثة هامدةبلا روح وبلا لسان كان في السابق طليقفقد صعدت روحه للخالق الجباريحاسبه على مااقترف مع أمهحساب صارم.. قويودقيقضاع العمر يا ولديفأمك عاشت عمرهابسببك حزينة وفي ضيق..وهل بعد الوالدين للإنسان يا بنيمن صديق؟؟وفي غضب أي منهمافي الحياة خسران مبينحيث الضياع والفشل والخيبةوعدم الرضا من الله..وعدم التوفيق..قالوا.. غسلوه.. شيعوه.. ادفنوهولرب العزة.. ذي الجبروت والسلطان.. اتركوهلينتقم منه.. وربما يكون مصيره في قعر جهنمفي مكان مظلم.. عميق.. وسحيق.