الثلاثاء ٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم عناق مواسي

حُبّكَ وَجَع

(مشاهد لنزف تاريخي تعمشقت عليه الأحداث كي لا تفلت من قبضة التوثيق)

نحن نولد ونتماوت وجعاً على وجع، إلى أن نُدفع خارج المجرة، فنكتشف بعداً آخر للوجع!
ما حدث في نيسان يشابه ما حدث في تشرين، وربما مثل ما سيحدث في أرشيف مدارات الكواكب على بعد نجمات مضيئة من الآن..

كنت في طريقي إلى الإنعتاق من لا زمانية المكان. توسمت في البرد دفئاً فدخلت المعسكر؛ البنادق فاغرة الأفواه مصوبةً نحو الزنابق، والرمال متحركة تحت أقدام الزاحفين ببطء، وأنا...لست أنا..

البحث في عداد المفقودين عنك متواصل، لذلك أرسلت مع العائدين إلى ديارهم جرحاً أطالب بنعيه واليك نص التأبين:

دخلتَ رصاصة إلى قلبي؛ إن اقتلعت أوجعت وإن بقيت أوجعت، فقررت أن أعشق عمري، لأني إذا مت سأفقد لحيظات احتضاري بحبك، وسأتعايش الوجع..

* * *
(كانون الثاني)

الليل الذي سقط على وجهي قبل موعده، وأصابعك التي عزفت على خصري لحناً من أمد..
كروم العنب فيّ نضجت.. بساتين البرتقال فيّ نوّرت..

والعمال عائدون من موسم قطف الأرواح....

أخاف أن أفقد في لحظة ارتحالك عني شوق إلى الأبد..

* * *

(شباط)

ما حدث، في ذلك المساء المتبدد من عتمة استحضرها في يقظتي المرتحلة، كان مدهشاً للغاية..
غادرتك وصوت أنفاسك الناعسة تشربني على مهل، وأنا أمشي على أطراف أصابعي كي لا أزعج صمتاً في رجولتك التي كنت قد أعلنت الحرب عليها، وأسرتني في "باستيلك" حيث المكان مكبلٌ بسلاسل زمان مغبر، لأطالب بحريتي المسلوبة من حبك كي تثبت براءتها..

واندهشت أنني سأحتفل في لقاءنا المغتال كل أربع سنوات...

* * *
(آذار)

أتعرف ماذا حل بي؟

الشوارع بي مسكونة بالفراغ، والقلب ناءٍ مسكون بالغياب، وكلانا مسكونان برغبة تلعق نفسها في ذوائب أمطار شاردة بجانب إحساسٍ من تمرد..

مر آذار من أمام بيتي تاركاً لي النرجس يسجد لله... وأنا

* * *
(نيسان)
أتذكر..
ربما تتذكر..

عندما انتصبت أمام أسواري وأنا.. أنا لم أخفض لك راية أغوتها رجولتك الغربية..

أنا لست إلزاسية أو لورانية لأطالبك بفردانٍ من الاتفاق، تنتهي صلاحيتها بانتهاء الإمبراطورية، ويبقى النزاع بين قلبينا المبعدين قائماً..

* * *
(أيار)

أطالع وجهك في الفجر وفي تكتكات الساعة الآزفة حتى حفظت التفاصيل المختفية عبر حاجز من زجاج يبعدني عنك..

أتعرف؟

أنا متعبة من الدوران حول كتلة هائلة من التوهج..

إن كل قوانين الجاذبية بحاجة إلى شك عندما يلتقي حبرك على ورقي، وهذا ما يجعلك موسمياً تتبدل فصولاً عند خط استوائي، فتهطل علي بزخاتٍ متفرقة من الحب..

تعال، ويكفيك دوران حول نفسك فتفقد نوراً لم يصل إلى أواخر الكواكب في تلك المجرة..

* * *

(حزيران)

كلما هبت رياحك فيّ، أعدتَ لي ذكريات قد تركتها عند زيتونةٍ تهجرت، وصبارة تسجد للأفق..

بعد شهر من الشتات، يتملكني إحساسٌ متماسك بالمتعة علَّمتُ نفسي أن أصعد إليها بصمت مزقه الضجيج عند أسوار القافلات الآتية من عمق الساحل الذي أعاد تشكيله رجال من الجند المارين عقب حرب تعولمت في جاهلية القرن العشرين..

(يتبع عندما تكمل الشمس دورتها حول الجليد)

(مشاهد لنزف تاريخي تعمشقت عليه الأحداث كي لا تفلت من قبضة التوثيق)

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى