الاثنين ١٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
منتظر الزيدي العراقـي الأصيل
بقلم رابعة حمو

والصرامي المتطايرة.. يا ليتك أصبت

صنعت الأحذية لنمشي عليها، أو لنركل فيها، أو لنركض بها. واختيرت جلودها من مواد قوية لتحفظ الأقدام.
بعضها رياضي وبعضها مطاطي، وبعضها ذو جلد غالي، والآخر ذو جلد رخيص، ولكننا لم نرَ أبداً أن هناك أحذيه لها مآرب أخرى في حياتنا. ولم نكن ندري أن أحذية الشعب العراقي من نوع آخر لم نراه في حياتنا.
ولم نكن نعلم أن هناك أحذية طائرة عابرة للوجوه، مخترقة للصالات، تهز عروش الظلم والغطرسة... وتقول رواياتنا التراثية العربية أن هناك بعض الأحذية كانت وبالأ على أصحابها كما في قصة الطنبوري حيث تقول القصص أنه كان تاجراً ثرياً من أهل بغداد ولكنه في الوقت نفسه كان بخيل، وكان من شده بخله أنه كلما انقطع حذاءه في مكان وضع فيه رقعة من جلد أو قماش، وأصبح الحذاء عبارة عن مجموعة من الرقع يمسك بعضها بعضاً، حتى أنه عرف في كل بغداد، وعرف الجميعُ حذاءَ الطنبوري هذا. وقد عابه بعض أصحابه وأصرّوا عليه أن يتخلص من حذائه، فقام برمي الحذاء في مرمى القمامة وعاد إلى بيته. وعندما وصل الى البيت وجد حذاءه قد أعاده إليه جاره ظاناً أن الطنبوري قد أضاعه.
وتقول الرواية أن الطنبوري كان كلما رمى حذاءه في مكان ما يرجع إليه، فرماه في النهر، فاصطاده الصياد وعرفه فعاد به اليه. فرماه في المجاري فطفحت المجاري فأتوا بعمال لتنظيف المجرى المسدود, فوجدوا حذاء الطنبوري! فرفعوا أمره إلى القاضي، فحبسه وجلده على فعلته، وأعاد إليه الحذاء. ثم قام الطنبوري بحفر حفرةً في الأرض ودفن الحذاء بها، فسمع الجيران صوت الحفر فظنوا أنه سارق يريد نقب الجدار، فأبلغوا الشرطة، فجاء الحرس فوجدوا الطنبوري يحفر بجانب الجدار، وعندما سألوه عن السبب، قال: أحفر لأدفن الحذاء فلم يصدقوا ذلك فجلده القاضي وحبسه وأعاد إليه الحذاء.
فاهتدى أخيراً إلى طريقة، بأن ذهب إلى الحمام العام وترك الحذاء خارج الحمام وعاد إلى بيته وليأخذه من يأخذه وصادف ذلك وجود أحد الأمراء في الحمام، فجاء سارق وسرق حذاء الأمير، وعندما خرج الأمير لم يجد الحذاء فقالوا: ننتظر..وصاحب آخر حذاء هو السارق ونبحث عنه، فلم يبق إلا حذاء الطنبوري، فرفع أمره إلى القاضي بتهمة سرقة حذاء الأمير، فغرّمه القاضي قيمة الحذاء وجُلد وأُعيدت إليه حذاؤه. فقال للقاضي: يا سيدي أكتب صكاً بيني وبين هذا الحذاء أني بريءٌ منه فقد أفقرني وفعل بي الأفاعيل، فضحك القاضي وقال: يا أحمق هلا مزقته أو أحرقته وارتحت منه ؟؟

ليـت حذاء (منتظر الزيدي) مراسل قناة البغدادية حذاء الطنبوري الذي كلما رماه عاد إليه مرات ومرات. وليت حذاؤه مربوط بمطاطة تعود وترجع لتلطم وجه جورج بوش مرة تلو مرة. وليت حذائه من نوع السيفتي بوت ذوة نمره 60 لما أخطأت اللطمة وجه بوش أبداً. هذه الصورة المذهلة التي تناقلتها محطات التلفاز تعود بنا الى الذاكرة وقت زيارة بوش السابقة الى الإمارات والسعودية والبحرين عندما استقبله الزعماء العرب بحفاوة منقطعة النظير وأخذوه بالأحضان والقبل والرقص بالسيوف العربية التي تثلمت وأصبحت للرقص بعد أن كانت بيد المسلمين للجهاد.

منتظر الزيدي من اسمه انتظر سنوات عجاف طويلة مرت على الشعب العراقي عانى منها من جورج بوش وإدارته وما فعلوه من قتل ونهب وتشريد وقتل مجاني بالجملة وسرقة وطن الرشيد بأكمله، بل وسرقة تاريخ أمة سطعت شمس حضارتها على أبواب سمرقند والصين شرقاً إلى الأندلس غرباً. انتظر منتظر الزيدي طويلا ليرد بحذاء قديم على وجه جورج بوش وادارته بل وعلى من يشد على يده من الوزراء العراقيين الذين قدموا على ظهر الدبابات الأمريكية. مفارقة عجيبة أرادها الله العادل، زيارة في الصباح يستقبل فيها رئيس العراق وهو يشحط أقدامه الرئيس الأمركي جورج بوش ويجلس أمامه مودعاً إياه ويشكره على الفرصة الذهبية التي أتاحها له ولشعبه، فلولاه لما استطاع أن يجلس على كرسي قصرالسلام، ولما وطئت قدماه بغداد، بل لكان شلت قبل حصول هذا.
هذه الزيارة الأمريكية التي لم تكن بالحسبان بل كانت مفاجئة ومباغته للعراق، جاء بوش ليودع العراق ويعلن أن احتلاله للعراق كان قراراً صعباً ولكنه كان ضرورياً. فباغته منتظرالزيدي بحذائه القديم معلناً الوداع على الطريقة العراقية البغدادية التي عرفناها عن شيمة الشعب العراقي من كتب التاريخ والأدب.. منتظر ابن الشعب الذي ما طاق محتلاً أن يبقى على أرضه، ولا أن يعبث أحد بوطنه ويقسمه كما يجلس المتبارون على طاولة البوكر، شمالاً وجنوباً ووسطاً، فكان رده على المؤامرة الأمريكية الأمنية التي أرادت أن تستبقي المحتل على أرض العراق بمباركة من حذاء طائر عابر للوجوه.. رد فعليٌ وعفويُ من عراقي أصيل...

يا ترى كم من حذاء سيحتاج الشعب العراقي ليرمي به على وجه جورج بوش وإدارته بعد قراراته الرعناء ؟ وكم من حذاء سترميه الأمهات الثكالى والأرامل والأسرى والمسجونين والمعذبين في سجن أبو غريب بوجه جورج بوش ورامسفيلد وكوندليزا رايس؟ وكم من حذاء طائر عابر للوجوه ستلطِم من تعاون مع الإحتلال بعد انسحابه جاراً أذيال خيبته؟ ومن هو العراقي الأصيل الذي سيجلس في قصر السلام وسيرث حذاء الطنبوري ليرميه بوجه الأحتلال جئية وذهاباً "كزدرة"؟

منتظرالزيدي: سلمت يمناك ... وليتك أصبت .. ليتك أصبت .. ليتك أصبت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى