الأحد ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٢
الكاتبة المصرية ميرال طحاوي تقول

الناشرون الاجانب يريدونني ان اكتب عن الحجاب وتعدد الزوجات

أغلب المشرفين على دور النشر الغربية الذين توافدوا للتعاقد معها كانوا يتطلعون إلى أن تكون الكتابات العربية متركزة على موضوعات اضطهاد المرأة في العالم العربي والختان والطهارة والحجاب، وتعدد الزوجات. وقد اكتشفت الكاتبة أن أغلب هؤلاء المشرفين هم من أصول يهودية يريدون نقل الصورة التي يريدون بأقلام عربية الى العالم.

تعتبر الروائية المصرية ميرال الطحاوي أحد ألمع الأصوات الأدبية التي أطلعها جيل التسعينيات في مصر. وقد تمكنت ذات الأصول البدوية وخريجة الجامعة الأميركية في القاهرة من وضع نفسها على خارطة الكتابة الروائية بقوة في أعقاب صدور روايتها الأولى "الخباء" 1996 التي اختيرت كأفضل عمل روائي في مصر ذلك العام. ومن ثم أكدت صوتها في روايتيها التاليتين "الباذنجانة الزرقاء" 1998، و"نقرات الظباء" التي صدرت هذا العام.

ترجمت أعمال ميرال الطحاوي الى ست لغات أوروبية، وأبدي نقاد غربيون اهتمامهم بأعمالها التي تتميز بالبحث والتعبير في منطقة أدبية مهملة هي عالم بدو مصر الذين تنتمي الطحاوي اليهم، والى كتابتها الروائية، تعد الطحاوي اليوم رسالة النيل الدكتوراة ، موضوعها الصحراء، وتحمل جائزة الدولة التشجيعية في الأداب لسنة 2000.

في أبو ظبي، قدمت الروائية ، مؤخراً، محاضرة حول الكتابة ودار بعدها حديث حول قضايا شتى تتعلق براهي الثقافة العربية لا سيما على مفترق علاقة الأدب العربي بالترجمة بصورة عامة. وبترجمة أعمالها الروائية الى اللغات الأوروبية. سألتها إن كانت قد قدمت تنازلات ما على مستوى الكتابة، على اعتبار أن الاحتفاء الغربي بالأدب العربي انتقائي وأحياناً غريب الدوافع؟ قالت أنها لم تكن في حاجة الى ذلك، وليس كل اهتمام غربي بالعرب وثقافتهم، ينطوي بالضرورة على مفارقات غير أدبية.

إلا أنها اعترفت بأن تكريم الكتاب العربي في الغرب مدفوع الثمن غالياً، وأحياناً ما يكون الموضوع إسرائيل، والصراع العربي الاسرائيلي والمطلوب من الأدباء العرب تقديم التنازلات.

شروط الآخرين:

ورأت ميرال الطحاوي أن الثقافة العربي هي في أمس الحاجة الى أن تكون موجودة ضمن شروطه وليس وفق شروط الآخرين في الخارج. ورأت أن هناك حاجة حقيقية لتطوير قطاع النشر في العالم العربي، لأن التطورات الأدبية كبيرة ولم تستوعبها عملياً دور النشر الموجودة اليوم. وترى الروائية أن أخطر جانب في عملية النشر بعد جودة الأختيار هو التوزيع. فالكتاب الذي لا يوزع، حتى لو كان كتاباً مهماً سوف يبقى مجهولاً.

تجاهل وترخيص ومغازلة:

ورأت أن الأدب العربي يظل في مأزق التجاهل وحيز ترخيص القيمة. ويظل احتمال مغازلة ما يطلبه الغرب بوابة وحيدة للمرور، مشيرة الى أن هذا المرور مؤقت واستهلاكي ولا يعني شيئاً.

ولفتت الروائية المصرية الى إشكالية تعامل المثقف العربي مع النصوص العربية المترجمة. على اعتبار أن هذه الأخيرة في نظره مادة مكتوبة لقارئ آخر، وبالتالي فهو يشكك في قيمة هذه النصوص. ويبحث لنفسه عن مبررات غير أدبية يعتقد أنها ساهمت في اختيارها. وترى الكاتبة الطحاوي أن مشكلة النصوص العربية المترجمة لا تقتصر على القارئ العربي وحده وإنما تنعكس أيضاً على طريقة تعاطي الناشر الأجنبي معها الذي يعتبرها مادة قد تهتم بها بعض مراكز البحث او الجامعات وهي كنصوص غير قادرة على المنافسة في سوق الكتاب. وقد استشهدت الروائية على ذلك بحادثة رفض دار نشر أمريكية عقداً وقعته مع الجامعة الأمريكية في القاهرة لعمل سلسلة تختار بعض الأدب العربي. وذلك إثر فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل ولكنها اعتذرت بعد التوقيع على العقد لأن نجيب محفوظ نفسه لم يحقق قدراً من المبيعات.

بعد نجيب محفوظ

ومقابل النظرة الغربية الأنفة الى الأدب العربي بعد فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب، ترى الروائية الطحاوي أن النظرة العربية الى الأدب المترجم الى اللغات الغربية بقيت نظرة مستريبة، وتسودها إشارات سوء الظن. فحصول نجيب محفوظ على نوبل جاء حسب التقرير المعلن للجنة على روايته "أولاد حارتنا" وهي رواية ظلت مرفوضة من الأزهر، وغير متداولة عربياً وكان لهذا المغزى الديني ظلال سياسية. فاعتبرت نوبل هبة سياسية لقبول مصر بالكيان الاسرائيلي وموقف نجيب محفوظ نفسه من التطبيع. وهو موقف لم يتغير حتى الآن. هذه الدلالة للمرور الى طاولة الأدب العالمي عن طريق اشتراط غير معلن بقبول الترجمة الى العبرية، وقبول الاعتراف بدولة إسرائيل. وإمكانية التعايش السلمي في المنطقة وتم استبعاد كل الأسماء التي يبدو خطابها رافضاً لهذه المقولات.

بعد 11 سبتمبر

وحول الأدباء العرب الذين يكتبون بلغات أجنبية كأمين معلوف، والطاهر بن جلون وغيرهم رأت الكاتبة أن الكتابة العربية بلغات أخرى قد تكون عظيمة القيمة، أي بمعزل عن مقولات مغازلة الغرب. وتغمز هنا من فتاة معلوف عندما تتحدث عن "سلالم الشرق"، إحدى رواياته التي يتحاب فيها البطل العربي والفتاة اليهودية في مدينة القدس. حيث كل منهما يبحث عن جذوره المشرقية، ويسلقا حائط التعايش السلمي المرتقب.

وحول ما إذا كانت حركة الترجمة قد تسارعت بعد حادث 11 سبتمبر الأميركي. تلاحظ الروائية أن حركة الترجمة الغربية للإنتاج العربي بعد الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) اتخذت من الإسلام والمسلمين مادة تجارية استهلاكية لملء فراغ المساحة المرتبكة بالجهل عن منطقتنا العربية، ولم تنتج، للأسف سوى ما يغذي سوء الفهم ويؤكده أو يدعم مقولة التنازلات التي لا بد أن يقدمها الكاتب، مشيرة الى ما حدث معها في هذا العام عندماكانت ضيفة على الأكاديمية الأمريكية للفنون لتسويق روايتها الباذنجانة الزرقاء" التي فازت في ترجمتها الانكليزية بهذه المنحة، والذي حصل أن أغلب المشرفين على دور النشر الذين توافدوا للتعاقد معها كانوا يتطلعون إلى أن تكون الكتابات العربية متركزة على موضوعات اضطهاد المرأة في العالم العربي والختان والطهارة والحجاب، وتعدد الزوجات. وقد اكتشفت الكاتبة أن أغلب هؤلاء المشرفين هم من أصول يهودية يريدون نقل الصورة التي يريدون بأقلام عربية الى العالم.

عن المشاهد السياسي


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى