الخميس ٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم حسن خاطر

فاروق حسني وترشيحه لمنصب مدير اليونسكو

فاروق حسنى: أمريكا وإسرائيل أحرار في موقفهما منى!

أجرت مجلة روز اليوسف المصرية في عددها الصادر بتاريخ 29 ديسمبر 2008 حوارا مهما مع وزير الثقافة المصري فاروق حسني حول آخر تطورات آلية ترشيحه لمنصب مدير اليونسكو.. ونظرا لأهمية هذا الحوار وما يحتويه من شمول ووضوح حول هذا الموضوع الحيوي.. نعيد نشره في ديوان العرب حتى يقف قراء موقع "ديوان العرب" على ما ورد في هذا الحوار الهام.. بل والهام للغاية.

يواجه فاروق حسنى المرشح المصري لمنصب مدير اليونسكو موقفا فى غاية الغرابة، حيث أعلنت أمريكا ومن خلفها إسرائيل معارضتها لترشيحه للمنصب الدولي الرفيع، وهو موقف لا يمكن فهمه إلا أنه إعلان عن عدم رغبة في تولى شخص عربى للمنصب، ولا يمكن فهمه أيضا إلا أنه عقاب للرجل على موقفه الرافض للتطبيع مع إسرائيل طوال السنوات الطويلة التى تولى فيها وزارة الثقافة، وهو الموقف الوحيد الذى أجمع عليه المثقفون المصريون والعرب سواء كانوا من الذين يرون فيما فعله إضافة للثقافة المصرية أو خصما منها، والأكيد أيضا أن الرجل فى موقفه كان يعبر إلى جانب إرادة المثقفين عن سياسة الدولة المصرية فى هذه النقطة، أبلغت أمريكا اعتراضها على ترشيح حسنى لمصر بصورة رسمية، وهو بطبيعته يريد أن يتكلم ولكن فى فمه ماء، وهو يراهن على تغير موقف الإدارة الأمريكية مع بدء عمل إدارة الرئيس أوباما، والحقيقة أننا إذا سلمنا بأن المعارضة الأمريكية لترشيح فاروق حسنى تستند فى جزء كبير منها إلى عدم الرغبة فى وجود مرشح عربى فإن على العالم العربى أن يتحرك لدعم مرشحه وإذا سلمنا أيضا أن الرجل يعاقب على موقفه من إسرائيل فإن مصر يجب أن تتحرك لدعم مسئول كان ينفذ سياسة أجمع عليها المثقفون والمسئولون فى عدم التطبيع وهى سياسة بقيت فى قائمة حسنات الرجل، الذى اختلف معه كثيرون وأيده كثيرون، ولو مددنا الخط على استقامته سنجد أن الجميع مطالبون باتخاذ موقف مساندة للرجل هذا إذا قر فى يقين الجميع أن الرجل يرفض لأنه مرشح عربى ويعاقب بسبب موقفه من التطبيع، فاروق حسنى يقول إنه حصل على تأييد من 30 دولة على أسوأ الأحوال، وهو رقم كاف لإنجاحه، ومع ذلك فهو يشعر بالقلق والاطمئنان معا، ويرى أن أمريكا ومن خلفها إسرائيل أحرار فى مواقفهما وأن هذه هي الديمقراطية!

 لو بدأت بالسؤال التقليدى... ما هي آخر تطورات معركة اليونسكو وإلى أى مرحلة وصلت هذه المعركة أو في أي شوط نحن؟
 هى لا تحسب بالأشواط، ولكن لاشك أنه ونحن نضع استراتيجية العمل الخاصة باليونسكو ننظر إلى عدة أشياء منها الاستراتيجية التى سنعمل بها والتكتيك والـ (كامبين) أو الحملة التى سنقوم بها وكل أنواع التحرك التى نقوم بها قبل الانتخابات، لأنه قبل الانتخابات يتم الاتصال بكل الدول والتعامل مع كل المؤتمرات الدولية ذات الصلة بالعمل الإنسانى والفكرى والاجتماعى والسياسى، وفى نفس الوقت تضع الاستراتيجية أو الرؤية المستقبلية لهذه المنظمة الدولية، وموضوع فى الاعتبار أنه مادام هناك مرشح مصرى فلابد أن تكون هناك مواقف فارقة عما كان وعما سوف يكون، لأنه فى النهاية أنت تمثل العالم العربى، والعالم العربى ليس هينا، وبالتالى فهى مسئولية جسيمة وأنا فى البداية كنت أتحمل مسئولية مصر، ولكن الآن أتحمل مسئولية العالم العربى ككل، بمعنى أنى مرشح العالم العربى. المسألة أن هناك عدم فهم من كل الأطراف لماهية الوظيفة نفسها وبالتالى لما يمكن أن أقوم به فيها.

 كيف؟
 هذه الوظيفة مختلفة تماما عما يمكن أن أقوم به وأنا وزير لأن المسألة هناك ليست مسألة نشاط ثقافى بقدر ما هى توازن دولى
ومعروف تماما أن هذه المنظمة أقيمت بعد الحرب العالمية الثانية فورا لأنه كان هناك هلع إنسانى شديد من الدمار الذى سببته الحرب وقتل ما يقرب من 20مليون شخص، وهدم العواصم، وهذه كانت مسائل رهيبة جدا، وكان لابد من قيام مؤسسة كبيرة مثل اليونسكو تتفاعل مع الإنسان كى يقام نوع من أنواع السلام الذى يؤدى للتنمية، وبالتالى عندما نفكر فى هذا المنصب نفكر فى كل الدول التى معنا والتى ضدنا وحتى التى يوجد بيننا وبينها مشاكل.

 ما حقيقة ما قيل حول اعتراض أمريكا وإسرائيل على ترشيحك للمنصب وكيف ستتعامل مع الموقف؟
 طبعا هذا خطأ من جانبهم، وهو خطأ سياسى أساسا، وحسبة مغلوطة، لأنهم لم يحسبوا المسألة بشكل صحيح، ولم يحسبوها بشكل سياسى، ولكن حسبوها بشكل عاطفى، والشكل العاطفى دائما خطأ، ممكن أن يكون مصيبا وممكن أن يكون مخطئا، لكن فى أغلب الأحيان هو خطأ، وطبعا كان من الواضح أن إسرائيل عندما سمعت الاسم عندما أعلنت مصر ذلك، فإسرائيل قالت حان الوقت لعملية الانتقام من فاروق حسنى، وأنا أقول إن عملية الانتقام هذه عملية بربرية وليست عملية سياسية وليس فيها ترفع، خاصة لو أنت تتكلم عن دولة، أما أنا كفرد فأنا مترفع تماما عن كل ما هو متصل بالعمل القومى إلى عمل دولى، وإلا لما كنا ذهبنا أيضا، والعمل الدولى يصعب فيه ألا تحتسب إسرائيل دولة من ضمن الدول الأعضاء فيه بكل المعايير.

 هل الرفض الأمريكى مجرد همهمات وتسريبات أم أنه موقف واضح؟
 لا، هناك موقف رسمي، وأبلغوا به الإدارة عندنا، واتضح أيضا بشكل قاطع أن هناك حملة مضادة للحملة المصرية واتصالا بدول كثيرة جدا لصرفها عن تأييد المرشح المصرى.

 ما اسم المرشح الذى تطرحه أمريكا؟
 حتى الآن ليس هناك مرشح واضح، لكنهم يرفعون شعار: لا لفاروق حسنى.

 لاحظت أنك سافرت إلى مناطق متعددة للحصول على التأييد هل ذهبت للولايات المتحدة؟
 فى الحقيقة هو الشعب الأمريكى نفسه شعب يتميز بالطيبة، وما حدث أنى ذهبت لأمريكا مؤخرا عندما أقمت معرضا فى مقاطعتين فى ميامى وفى هيوستن، والاستقبال كان رائعا وعلى مستوى عال جدا، واستقبلوا فنى وشخصى بكل ودًّ، حتى السفير الأمريكى السابق ريتشارد دونى سهل المأمورية تسهيلا كبيرا للغاية، ونحن لنا أصدقاء هناك، والأكيد أنه سيكون لنا أصدقاء فى الإدارة الجديدة، وكما أن الإدارة القديمة التى سترحل تعمل وتحاول أن تؤثر على الإدارة الجديدة فنحن نتحرك بشكل آخر فى هذا الموضوع أو بالأصح نحن لانتوقف عن الحركة لإنجاح مرشح مصر

 نريد أن نتحدث بصراحة دون أن نضر بموقف المرشح المصرى، ما المشكلة الأساسية مع إسرائيل وهل من الصعب إيصال الرسالة البسيطة التى ذكرتها حول الفارق بين عملك كوزير وعملك فى اليونسكو؟
 ليس هناك صعوبة، ولكن هناك سدا لا يريد قبول هذا تحت شعار الانتقام، وهذا هو ما أقوله، فهم لو فكروا سياسيا سيختلف الموقف، ولكن عندما يكون هناك سد منيع يسمى الانتقام فانس أى شىء آخر، لأن مسألة الانتقام هذه تعتبر مسألة قبلية أو بربرية، وهذا شىء فظيع عندما يطرح على الملأ ويقال حان الوقت لكى ننتقم، وأنا لا أدرى من أى شىء ينتقمون

ولا أدرى ماذا فعلنا لهم، كل ما فى الأمر أن كل مثقفى العالم العربى يرفضون التعامل ثقافيا مع إسرائيل إلى أن يتم توقيع السلام، هذا موقف بسيط جدا وليس فيه أى تعقيد، بمعنى أنهم - أى المثقفين - لم يقولوا لن نطبَّع للأبد، ولكن قالوا نحن نرفض التطبيع حتى يكون هناك سلام، مسألة بسيطة وهى ليست حربا، وهذه مسألة قمعية لديهم وليس لديهم تفاهم.

 ما دور مصر السياسية فى هذه الحالة؟
 مصر متمسكة جدا بمرشحها كدولة، وهذا فى حد ذاته موقف يدل على صلابة من النظام ومن سيادة الرئيس، النقطة الثانية أننا سنسير فى مواقفنا بدون توقف.

 هل تم طرح هذا الموضوع سياسيا مع إسرائيل، خاصة أن كل دولة لديها أوراق؟
 طبعا كل دولة لديها أوراق وأعتقد أنه سيأتى الوقت الذى تكون فيه المباحثات السياسية تجاه هذا الموقف.
هل حجم أمريكا فى عالم الثقافة موازٍ لحجمها فى عالم السياسة

 هل يمكنها إنجاح مرشح وإسقاط آخر؟
 يعنى هم لايملكون حق الفيتو فى اليونسكو، لكن عندها القوى الأخرى المالية والسياسية والتهديد بالانسحاب من المنظمة، وبالتالى تخيف دولا أخرى، وحدث أنهم انسحبوا من قبل لسنوات طويلة، والمنظمة قامت بكل الجهد، أمريكا لم تعد سوى مؤخرا، ولكن انسحبوا فى عهد مايور، انسحبوا احتجاجا على مختار إمبو السنغالى.

 هل يمكن أن يتكرر هذا؟
 لا أعتقد لأننا كلنا نشاهد تصرفات أوباما، وهى تصرفات رجل فى منتهى التحضر وفى منتهى الذكاء أيضا، ولو بدأ عهده بالانسحاب من اليونسكو فهذه علامة سيئة جدا، وطبعا هذا تهديد، ولكن هو يؤدى أو قد يؤدى إلى تخويف دول كثيرة جدا يمكن أن تعطى صوتها للمرشح المصرى.

 ما الدول التى تملك أمريكا نفوذا مباشرا عليها ويمكن أن تمتنع عن منح صوتها للمرشح المصرى؟
 لا، هذه أسرار انتخابية.

 ما الدول التى تضمن أصواتها فى العملية الانتخابية؟
 بشكل سريع قمنا بحساب الدول التى حصلنا على تأييدها ما بين تأييد كتابى وتأييد شفهى فوجدناها ما بين 30 و42 صوتا.

 كم عدد الأصوات اللازمة للنجاح؟
 30 صوتا، ونحن وجدنا أننا فى أسوأ الاحتمالات سنحصل على 30 صوتا وفى أحسنها سنحصل على 42.

 إذن المرشح المصرى يضمن النجاح؟
- بإذن الله

 بخلاف موضوع أمريكا، على المستوى الداخلى هل تشعر بالتأييد التام؟
 لايمكن أن يكون هناك إجماع على شخص واحد، وهذه غير موجودة فى التاريخ بدليل أن الأديان مختلفة، لكن أستطيع أن أقول إننى أشعر بمؤازرة المجتمع والشعب المصرى مؤازرة كبيرة، وأيضا مؤازرة المجتمع العربى، وأنا أسعدنى مقال للناقد اللبنانى عبده وازن فى جريدة الحياة، هذا يعطى اطمئنانا وثقة ويدفعك لعملية المثابرة.

 هل الخطوات التى سرتها نحو المنصب قللت من الاعتراض على المستوى الداخلى؟
 داخليا أنا أقول إن فاروق حسنى لم يعمل لذاته فى الظروف التى عملت فيها، وأنا عملت لصالح الذين أيدونى ولصالح الذين كانوا ضدى، لأسباب منها أن أى مثقف مدرك للذى تم، ومدرك أن هذا لمصلحة الجميع، لكن طبيعة مصر دائما فيها التناقض اليومى، ودائما تكون هناك رؤى متعددة، وستجد أنه كان هناك دائما خلاف حول أناس فى مواقع ودرجات مختلفة، كان هناك خلاف حول طه حسين والعقاد والحكيم، حتى أم كلثوم وعبدالوهاب ستجد من يحب أم كلثوم ولا يحب عبد الوهاب والعكس، وبالتالى أنا قابل للاختلاف، وخصوصا أنه لاتوجد العلاقة المباشرة بينى وبين كل المثقفين، بمعنى أنه يوجد مثقف له موقف فكرى وهو أنه ضد السلطة، وبالتالى هو لايقترب منك ولا يعرفك، لكن أنا أعرفه ولابد أن أعمل من أجله، لأن هذا هو عملى، وعندما تأتى الفرصة لتقترب منه إنسانيا يتغير الموقف، وهذا حدث بالفعل، لأن التعامل المباشر بدون وساطة يؤدى إلى نوع من الاقتراب الشديد.

 لو عدنا لحديث اليونسكو.. ما أوجه الاعتراضات الأخرى التى صاغتها أمريكا بخلاف الموقف من التطبيع وهو معروف؟
 هم يقولون أشياء واهية، ويقولون لك هو غير كفء، وهذه مسألة لاتستند لمعيار معين ولو هم يقولون هذا تكون بوصلتهم غير سليمة، وبشكل عام هم يفتشون على أى شىء، ويقولون لك مكتبه كان فيه corruption أو فساد، طيب أى فساد! وبأى حجم

! خاصة أن الموضوع لايزال فى المحاكم، هم يتحدثون عن قضية أيمن عبدالمنعم، أخذوها ويلعبون بها فى الخارج وأنا أقول إن المبالغ فى هذه القضية مبالغ تافهة، حجم الفساد إن واحد دهن شقته على حساب شركة يتعامل معها وهو معه إيصال أنه سدد لهم مبلغا تحت الحساب، ومازالت هناك مرحلة أخرى للقضاء ولا نعرف أين ستذهب القضية، بالنسبة لى هى قضية تافهة فى النهاية، لكن بالطبع لها تأثير، لأنه لا أحد يعرف ما حجم السرقة التى يتم الحديث عنها.

 هل تشعر أن موقف أمريكا وإسرائيل سببه التصريح الشهير فى مجلس الشعب حول حرق الكتب الإسرائيلية، أم أن الموقف موجود مسبقا؟
 أولا أنا لم أصرح، لايوجد تصريح، هذه كلمة عابرة فى خناقة مع واحد من الإخوان، ولم تحمل هذا المعنى، إسرائيل أخذت الكلمة وحملتها بمعان أخرى وانتزعتها من سياقها، وهذه مسألة عابرة، ولكن هم كانوا يفتشون عن أى شىء، فأخذوا كلمة أنت قلتها فى ممر فى مجلس الشعب ولم تنقل بطريقة صحيحة، إنما لايمكن أن يكون هناك معنى، والدليل أننا نترجم أعمالهم ونرمم المعابد اليهودية لأنها مصرية، وفى المركز القومى للترجمة تتم ترجمات لبعض الأعمال الأدبية الإسرائيلية لأننا لابد أن نعرف أعمالهم.

 من هو المرشح الذى يمكن الدفع به أمامك؟
 حتى الآن مجهول، ولكن هناك مرشحتين إحداهما من لتوانيا وهى سفيرة بلدها فى المنظمة، والأخرى بلغارية، وهى أيضا سفيرة بلدها فى اليونسكو.

 هل موقفهما ضعيف أم قوى؟
 لا يجب التكهن بموقفهما لأن كل مرشح يعمل بشكل سرى وفى أى لحظة يمكن أن يظهر لك مرشح مسنود من جهة ما، وبالتالى تظل المعركة مفتوحة.

 هل أنت متشائم أم متفائل؟
 أنا متفائل بطبعى!

فاروق حسنى: أمريكا وإسرائيل أحرار في موقفهما منى!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى