الثلاثاء ٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم عبد الهادي الفحيلي

هذا المساء

غزة هذا المساء
تنتبذ من أهلها نارا...
وبعض أنين..
شيء من الخبز وكثير من موت
تعبئ أعراسه أنفاس تحتدم في صهيل الحصار
وتدعو أن يأتي الله من جهة
في بئر الخيانة.
ليست غزة تشكو!
غزة عندما ألهبت مواسم الرماد
وجنحت في سديم الحريق تقترف اليقين
كانت تشعل جرحا
لتلتئم الجراح!
غزة عندما أينعت في الغناء المغموس باللهيب على جبهة الزيتون
كانت تلهم العنقاء كيف الخروج من حد الرصاص!
غزة الآن تواعد أسماءها التي هربتها
أزمنة الحلم المسكوب وصايا من تمتمة السبحة في فم الأنبياء.
ليست غزة تشكو؛
غزة عندما تواعدت والموت
كانت الشمس تنثر حزنها على شفا ضفائرها الغجرية
لتداوي بعض الظمإ المسافر عبر أروقة العتمة
السادرة في ظلها!
غزة عندما تواعدت والحريق
كانت الريح تستنفر مواسم الدفلى!
وكانت غزة ترتمي في طقوس النار...
تتعمد بالنار في ساعة تخرج من شراشف الغياب..
غزة تتطهر من عناكب الضيم الجارية على خد المشانق..
غزة حديقة الدم الغائر في البداهة
والتئام الحلم الدارج في العفن..
غزة ليست تشكو,
إنما ترهن الأغنية للوقت المقبل على صفحة
الوطن الذي ضيع وجهه.
غزة تراود ترانيم الموت الساكن في الجوار!
 
تخرج غزة إلى واضحة الرماد,
ترص الحكايات والأهازيج وبضع صلوات
والبرتقال وأغنية عن شارع حوله الرصاص إلى ظل وذكرى لأرملة
هيأت من ضفائرها كعكا للعيد
وضحكات توزعها على عيون الأطفال.
تخرج غزة من البنادق إلى عنق الحقيقة
تمتشق غصن ريحان وقبلة توزعها
على مواسم الانهيار؛
إني أذكركم يا المارقون من دمي
لأنتعل تاريخكم عندما تتزين الزنابق
على مرآى السنونو!
سأذكركم كما لا يذكر الموج موتاه...!
 
غزة تفر من شطط السؤال:
من يغلب من؟
هل انتصر الشيطان أم سيخرج الله من الشظايا وينتصر؟
غزة ما هو البحر عليه,
يكتوي بالرمل إذ تداهمه الريح
يعتلي انهمار الجزر إذ يعاين شقوة القمر..
فقط غزة تلوح لآخر رحلة يعبها القطار
الذي مر من اسمها عابرا نحو اندلاع الحصار.
غزة اختصار الأحقاب؛
هل تكون غزة النهاية؟!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى