السبت ٢٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩

ضيف وقضية

بقلم: فتحي العابد

برنامج ضيف وقضية من إعداد وتقديم: طرنان بن فرنان
تصوير: النيل للتصوير
الهندسة الصوتية: لاعين رأت ولاأذن سمعت
الإضاءة: الفسفور الأبيض
إخراج: غريب بن غريب
البرنامج برعاية: بيبسي كولا وماكدونالز

طرنان بن فرنان:
أعزائي المشاهدين الأوفياء الكرماء في كل غرفة وتحت أي سماء، أسعد الله مساءكم بكل خير، مع هذا الصباح الجميل.. ونسيم الليل العليل.. وضباب الفسفور الزخيل، أود أن أتشرف وإياكم باستقبال ضيف لطالما تمنينا قدومه، وانتظرنا بزوغه، وهاهو اليوم يشرق بوجهه الصبوح، وفكره الجموح.. دعونا نرحب بضيفنا الدكتور "شوف ماتشوف"
مرحبا بك يا دكتور وأهلا وسهلا بك.
د. شوف ما تشوف: أآآآه أآآآه أآآآه أآآآه
طرنان: أحم أحم
د. شوف: كخ كخخخ.. هاااه هاااه.. إنتهى الإشهار؟!
طرنان: حياك الله يا دكتور، أنت على الهواء
د. شوف: الهوا.. الهوا.. أي هوا؟ الهوى هوايا.. أنا سعيد بحضوري معكم في هذا البرنامج الرائع
طرنان: لماذا سعيد؟
شوف: من سعيد؟
طرنان: لماذا أنت سعيد بحضورك معنا؟؟
د. شوف: آآه... سعيد لأني ضيفكم في قضية أرى أنها من أهم القضايا في وقتنا المعاصر.. نعم نعم
طرنان: صحيح يا دكتور... برنامج ضيف وقضية اليوم سنتحدث فيه عن موضوع هام للغاية، وحسّاس جدا وعنوانه: غزّة.. حتى أخر رمق.
يا دكتور إلى أي شيء يوحي لك هذا العنوان؟!
د. شوف: سامبا..!!
طرنان: نعممممم!!
د. شوف: آآهههه.. آآههه... يوحي لي العنوان إلى شعب صامد أمام التحديات، ولكنه في وعاء كان ممتلئ بالفداء ويكاد ينضب.
طرنان: هل لنا دور في ملء هذا الوعاء؟
د. شوف: ألا تنظر!! ألا تتابع لقد ملأناه..!
طرنان: بماذا؟؟!!
د. شوف: لا يهم بماذا؟... المهم ساهمنا في تعبئة الوعاء... لقد اكتشفت أمراً مهماً!
طرنان: ماهو؟
د. شوف: لقد طفح الوعاء.
طرنان: آآه.. فهمت، ولكن يا دكتور.. وعاء الفداء والإباء لأهل غزة بماذا نعبئه؟
د. شوف: بالهراء.. بالإدعاء...
طرنان: ماذا تعني بالهراء؟
د. شوف: شعارات ولافتات.. وبكاء وحداء.. تطير في الهواء ولكن لا ترجع بالماء!!
طرنان: وماذا تقصد بالإدعاء؟
د. شوف: لا حاجة لنا اليوم في أن نأخذ حقنا.. يكفي أن ندّعي أنه لنا..
طرنان: كأني أفهم أنك من معارضي الهراء والإدعاء!!!
د. شوف: لا.. لا لا لا... لاتفهم كلامي خطأ.. أريد أن أرجع إلى بيتي وأنا مازلت عيني تشوف..
طرنان: هااااه.. هاااه..
د. شوف: نعم.. نعم
طرنان: طيب معنا اتصال من أخونا وعيد من غزة.. تفضل أخ وعيد!
وعيد: ياااددد.. أين كلمة الحق.. أين النصرة.. أين حث المسلمين على التضامن والتظافر...؟؟
د. شوف: أخي وعيد ممكن تخفّظ صوت التلفاز؟؟
وعيد: ما عندي تلفاز!!!
د. شوف: طيب خفف صوتك لأن نبرتك توحي بالوعيد.. وحتى أفهم المشكلة بالضبط
وعيد: ألاتفهم.. أنت المشكلة!!
د. شوف: لو سمحت لا ترفع صوتك.. أنا أكاديمي مثقف... ألا ترى حرف الدّال أمام إسمي؟!!
وعيد: ماذا... يعني دنااااءة!!
د. شوف: لو سمحت... إحترم نفسك... لماذا أنت متوتر؟.. ماذا وقع؟.. كم من شهيد مات ولم يقل شيء!!.. وأنت حي ولاتستطيع أن تمسك أعصابك...؟!! لعل سبب توترك أنك ولدت في بيئة غير مناسبة للإبداع الحواري، والثقافي والتمثيلي والغنائي والبطيخي.. ولايمكن بأي حال من الأحوال أن نجعل من الأزمات والنكبات مناسبات لإستعراض المهارات والمواهب في السب والشتم؟؟ أنا قبل يومين كتبت على لوحة رسالة لأهل غزّة، وعلقتها في الشارع تحثهم على الصمود والثبات بلغة أدبية راقية وتصميم قرافيكي متقن مرفوقة بصور غالية الثمن.. وفي آخر الرسالة عبارة: حملة لمناصرة أهلنا في غزة!!..
وعيد: نعم.. نعم.. حملة... هذا هو المهم، يا سلام يا حملة... لديكم الكثير من الإبداع والتميز.. لكن ألا تعتقد أنك لو تصدقت بتلك المائتي ريال لصالح أسرة جائعة لكان ذلك أفضل من توجيه رسائل لن يقرأها إلا من أمنوا على أولادهم، وأطمأنوا على أنفسهم، وشبعت بطونهم؟ لاأدري هل تتغير مدينتك التي لا يعرف عنها أهل المدن الأخرى شيئا وتصبح محط أنظار أهل غزة يتلقون منها الرسائل.. بعد هذا البرنامج، أم أنها ستصبح هي نفسها غزة ويجب حث أهلها على الصمود في ظل ضعف ثقافة أبنائها من أمثالك.. أم أن الذين على شاكلتك حملاتهم لا تقام إلا للبهرجة الإعلامية والرياء والسمعة؟ وصارت المسألة بالنسبة لهم تفاعلات ليس فيه روح ولا ألم حقيقي ولا دموع صادقة.. لا أدري ياسيد طرنان كيف يستطيع أحدكم أن يتناول الميكروفون بينما يشير للجوقة بأن تبدأ العزف ثم يبتسم ويبدأ بالغناء والإهتزاز؟ واضعا في رقبته كوفية، وخلفية وراءه في شكل لوحة عريضة مكتوب عليها: من أجل غزة..!
طرنان: آسف انقطع الخط.. يظهر أن أخونا وعيد غاب من الرادار.. ولكن يادكتور لم أشاهد حماساً وتشجيع في كلماتك له؟
د. شوف: أخاف أن أشجعه فيذهب ويفجر نفسه.
طرنان: جيد جدا!
د. شوف: في زمن الشدائد لابد أن تتريث حتى تخرج الحكمة..
طرنان: حسنا معنا آخر اتصال من الأخت كفاية من غزّة أيضا، تفضلي ياأخت..
كفاية: أنا من سكان شارع سهل بن سعد.. أو هذا الإسم الذي أعطيته للجندي المستعمر الذي قبض علي، إذ انهال علي بعد ذلك ضربا وصفعا واتهمني بأني أخفي إرهابيا في شارعنا، ولابد أن أدله عليه وإلاّ قتلني وقتل عائلتي.. ففهمته أنه هذا إسم للشارع الذي أسكن فيه، فزاد ضربا وركلا، بل تكسيرا للعظام واتهمني بالكذب.. وأنه لايوجد في مدينتي شارع بهذا الإسم.. فأقسمت له بأن شارعنا هو ذاك.. وبما أنني واثقة تمام الثقة أن إسم شارعنا هو سهل بن سعد، وعدته بأن أرحل عن مدينتي إن كان كلامه صحيحاً!! فأخذني الجندي مكتوفة الأيدي وأرجعني للشارع الذي أقطن فيه، وأراني اللوحة التي نصبت في بدايته، مكتوب عليها شارع الأمير علان بن فولان.. ياالله شارعنا قد تغيّر إسمه خلال هذا الأسبوع، كهدية منهم لسموه على مواقفه الشجاعة والتي تخدم السلام العالمي... يادكتور، غير معقول!.. سهل بن سعد.. سهل يا راااااجل غير موجود في التاريخ..؟؟!
د. شوف: طيب.. أي تاريخ تتحدثين عنه..؟! لقد قمت بدراسة أسماء الشوارع واكتشفت أنه لايوجد في التاريخ الحديث ولا القديم شخص إسمه سهل بن سعد!!..
طرنان: شكرا للأخت كفاية.. يادكتور لقد قرأت منذ فترة دراستين أجراهما مركز الدراسات للكوارث الطبيعية في أمريكا، مفادهما أن للحب وللكره طاقة تأثر حتى على الأعاصير والزلازل.. الأولى تبين التزامن بين الأعاصير والزلازل.. والثانية تبين التزامن بين الكوارث الطبيعية في مجملها وبين الحروب التي خاضتها إسرائيل.. مما يعني أنه كلما زادت قوة الأعاصير تبعها إزدياد طردي في حدة الزلازل. وإن إزدياد حدة الزلازل يتبعه إزدياد يكاد يكون مطابق في حدة المجموع العام لكل الأعاصير الكبرى والصغرى، مع مراعاة أن هناك تخلف زمني بسيط بين وقوع الأعاصير وبين وقوع الزلازل..
د. شوف: أحسنت.. من خلال هذه الصورة التي سردتها لنا ياأخ طرنان نستشف أنه أيا كان السبب في حدوث هذه الكوارث، فهو أولا لأن تأثيره على الجو.. أسرع منه على الأرض.. وثانيا أن هناك تزامن مذهل بين الكوارث الطبيعية والحروب.. وهذا يشجعنا على أن نتحدث في برامجنا أكثر عن الحب.. لماذا نحن نكره أبناء العم سام كل هذا الكره.. حتى يصب علينا كل هاته الحمم المحرقة التي لم نرى لها مثيل..؟
طرنان: دكتورنا الحكيم هل لك من كلمة أخيرة توجهها لمشاهدينا الأعزاء؟
د. شوف: رغم أن الغصون مالت، وذبلت الأوراق، وجفت ينابيع الأمل، وملت الجبال من وقوفها الطويل.. وغارت النجوم في كبد السماء.. لن أتزحزح عن موقفي هذا.. وأبقى أنا رجل المرحلة الذي ينظر إلى المستقبل بعين تشوف ماتشوف، رغم أنه ربما يتهمني أحدهم أنني لم أرضع من حليب هذا الوطن... أو نبت خارج أرضه... أو لم أغزل شيئا من خيوطه… أو أنا شخص رمتني الأزمنة في أحضان الغرب.. ورضعت حليبهم المجفف... ونبت في أرضهم المالحة..
طرنان: نشكر لدكتورنا الفاضل تشريفه لنا في هذا البرنامج، وإتحافنا بآرائه المميزة، وصبره علينا.. ونترككم مع باقة من أغانينا الخالدة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بقلم: فتحي العابد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى