الاثنين ٢ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم زياد يوسف صيدم

أمنيات رجل مختلف

عندما استقر به الحال، أيقن بان حبيبته قد غلفتها الأوهام وارتمت في أحضان جوقة تقتات كنباتات الحامول؟، فكانت إدانة لحماقة خطواتها التي طالما كان احمد يحذرها تباعا ومنذ البدايات ،لكنه أحس بفشله في إعاقة قدميها المتجهة بإصرار غريب، فلم يجد بد من الابتعاد عن ذلك العالم المجهول، التي أسلمت واستسلمت له بكامل إرادتها المسلوبة، والمتساوقة وراء أحلام هي الأوهام بذاتها مؤثرا السلامة لنفسه، فهو أدرى منها بتلك العوالم السفلية وان امتطت إليها سلما عاليا، لكنه يبقى من وَهْم وغُبار، كانت تلك قناعاته الشخصية! ...

في سكينة من هدوء الليل إلا من هدير جهاز الحاسوب، كانت حوريته التي يرعاها من فترة تفتح ذراعيها له، تأخذه حيث يريد وحيث يرغب، لجوانب متعددة تعزز من كيانه، فتعصف ببنات أفكاره فتشحنها اتقادا ... وتخاطب عقله بثقافات واسعة تترك صداها إعجاب ممزوج بحيرة أحيانا أخرى نتيجة لاتساع مدارك ووعى حوريته من نساء تنطق بلغة الضاد، فهو الذي لطالما أعجب بنساء الغرب، حيث لم يكن متيقنا بعد في بيئته التي طُبعت في مخيلته بصفاتها العذرية الخام، فبدأ يكتشف قدراتهن الخلاقة والمبدعة، في مجتمعاتنا المغلقة والكئيبة في معظم الأحيان والتي تحاصرها أفكار المجتمع الذكرى، فكانت الشكوك تراوده على قدراتهن بالانطلاق بحرية، من خلال فضاءات هو الحيز المسموح لهن من خلال التخاطب والتعبير، ووضع همساتهن وآلامهن وأحلامهن وأمانيهن عبر شبكة عنكبوتيه، ضمت بين ذراعيها الممتدة وقربت كل أنواع وأجناس البشر، وطوت المسافات الشاسعة على اختلاف وتباين في الثقافة والعادات، وجسدت الأحلام إلى واقع مرئي وان لم يكن ملموسا، لم يعد بالمجمل مستحيلا كما كانت عليه قبل الطفرة الأخيرة بوسائل الاتصال... كانت هي تخاطب جوانبه العاطفية من نواحي قلبه الذي لم يتوقف عن الخفقان تجاه ورود يانعة متفتحة.. هاربة من أجواء حصارها الثقافي الظالم أحيانا، أو المكابر أحيانا أخرى، جراء تلك البيئات المتقوقعة على نفسها، العاجزة في اغلبها من الإنعتاق نتيجة لتراكمات تشكلت من خوف وشك، سيطر على مجتمعاتنا لصالح عقد حبيسة لموروثات من التابو المغلق تجاه النساء، ولو كن من أصحاب الأقلام المبدعة والتي لا يُخشى عليهن نتيجة للوعي المتقدم واتساع مداركهن، إلا أن هذا لم يشفع لهن دوما، لان تبقى تحت السيطرة والمراقبة والملاحقة...

كان أحمد يتلقفها بقلب رحب وذراع مفتوحة، لأنه يعلم يقينا بأنه بغير الحب يستحوذ على فؤاده، لا يمكنه المضي قدما ليشق عباب المستحيل، وبغير أحاسيسه الإنسانية المنسابة ما بين ضلوعه ووجدانه، لن يقوى على مواصلة طريق الإبداع... فكانت تلك الهمسات الدافئة تتسلل إلى خلجات قلبه، تمنحه نوع من جنون وعنفوان، فيختلط المستحيل بواقع اللحظات، وتكبر الأحلام فتنطلق من بين السطور تلك الأماني، وان كانت أمنيات لابد وان تخترق طريقها وسط جبال من صوان ..لم تمنعه بأن تشرق في قلبه وفكره، شموس ساطعة تصهر صلابتها فتحيلها إلى قطع كالجبن طلاوة .. لتستمد معاني الحياة الحقيقية التي تلازم البشر في كل عصوره، انها قيم راقية تتخذ من معاني الحب والخير والجمال قيمها السامية وروعة الإحساس بها، فتمتزج أهازيج من الغبطة والألم، السعادة والشقاء، الخوف والأمان، المعرفة والجهل، في بوثقة سرعان ما تنضج، لتُخرج للنور صور من تسامى الروح ورضي الجسد، وهذا بدوره تجسيد لكيانيه الإنسان وسر أسرار وجوده، تلك القيم وعلاقتها بواقع العصر الحديث، الذي قرب البشر بكل مشاربهم وأجناسهم، بينما يجلس الإنسان في بيته، أمام لوحة من مفاتيح وفارة الكترونية.!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى