الجمعة ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩
بقلم غزالة الزهراء

أنا بريئة

الوجه المستهتر يطل علي من كل الجهات كبومة مشؤومة يبهجها التخريب، تقذفني بشرارات عينيها المتوهجتين حقدا، وغضبا، وانتقاما، تترصد حركاتي، وسكناتي عن كثب، وتلتصق بي كالصمغ الذي لا فكاك منه.

تستفزني بمقت شديد يثبط من إرادتي، تطاردني في مطاردة الصعاليك الأشرار، وتثير اشمئزازي، وسخطي، ونفوري.

يلتف شعرها الفاحم المهمل حول عنقي، تكبلني بكل ما أوتيت من قوة بسلاسل صلبة من فولاذ، أترنح في قبضتها كيمامة برية تهاوت بكل سهولة في شرك صياد، أحاول دفعها عن نفسي لأتحررمن جحيمها المستطير، وأنطلق خارج اللعبة الدنيئة مهرة وديعة تسابق الريح.

المرأة المسكونة بشياطين الحقد والجور تقهقه عاليا، يرتفع صداها المريع ليخترق الجدران الصماء، والسقف الباهت الأبكم، تهزني هزة عنيفة أعجز عن مقاومتها، وتضج صارخة كأنها الإعصار المريع:أين خبأت مصوغاتي؟ إعترفي وإلا.....

تكورت في ثوبي الرمادي مهزومة، صاغرة، قميئة، وأجهضت جملة مهزوزة، باردة من فمي:أنا لست سارقة كما تظنين، أنا بريئة، والله بريئة.

كشرت عن أنيابها القاطعة كأنها النمر الغضبان، ثم تقهقرت إلى الخلف شيئا فشيئا حتى توارت عن ناظري، حمدت الله على أنها اختفت، وشعرت بنوع من الطمأنينة تجتاحني كما تجتاح السحب القطنية قبة السماء.

زوجي يناديني بصوت جهوري مخيف، يقترب مني كالشبح، ثم ينآى بعيدا بعيدا كما الوهم.
أتلفت يمنة ويسرة وفي نيتي أن يفك أسري اللعين، يسيطر علي الوجل ثانية، ترتعش فرائصي ارتعاشا، وأشعر بالقيء والدوار. يعود مجددا، يتفحصني بعينين غاضبتين يتطاير منهما خبث وشر، ثم يزعق في وجهي والبصاق يتطاير من فيه: لماذا اختلست منها مجوهراتها؟ ألم تتوجسي خيفة من عقاب الله؟

ــ ألهذه الدرجة ينتابك الشك في نزاهتي؟

بسرعة فائقة استحال إلى ذلك الوجه المستهتر العابث، ومد يديه الخشنتين إلى عنقي محاولا خنق أنفاسي، صرخت بفزع رهيب: لا، لا، لا.

فتحت عيني المجهدتين على يد حانية تربت على كتفي برفق، قالت إبنتي سهى: أمي، أمي.
ــ إنه كابوس، كابوس مرعب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى