الثلاثاء ١٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٩
بقلم توفيق الحاج

قرفان.. في حزيران

أيها القراء المحترمون..

اكتموا أنفاسكم.. ركزوا جيدا حد النجوم.. اقرءوا ببطء وبتمعن.

وحذار.. حذار من أي رد فعل قد يجلب القرف.. في محيط ذكرى الخامس من حزيران!!

لايوجد في تاريخنا ما يسمى ب "نكبة فلسطين" لأن نكبتنا الوحيدة المعترف بها شرعا هي وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

لا يوجد شيء اسمه وطن فالوطن الحقيقي الذي يجب أن نسعى إليه فقط هو الجنة.

لا يوجد ما يسمى حق العودة وان حق العودة الوحيد هو العودة إلى الدين.

الشعب نصفه من المؤمنين الصالحين أحفاد العشرة المبشرين تحت الشجرة..!! والنصف الآخر من المنافقين المارقين أحفاد ابن أبي و أبي لهب وأبي جهل المارقين الكفرة..!!

ولابد من إعلان نفير الجهاد وبدء الهجوم من النصف المؤمن على النصف المزمن أولا لتنظيف التخوم وازاحة الهموم..!!

مهلا..

هذا ليس رأيي..!! وإنما هو آخر صيحة في قناعات أحد الخطباء المكلفين بوعظنا وجوبا.!!

طلع علينا يوم جمعة في خطبة عصماء..تحت سمع وبصر وزارة الأولياء!!

همهمنا نحن المصلين، وتململنا..، وكدنا أن نخرج إلى حدود اللغو..!!

فقد تغاضينا عن رداءة اللغة ،واندفاع الجعجعة في سجعيات عثمانية مخلعة، وهنا لا زلت اجهل سر العلاقة الوطيدة بين معظم الخطباء والزعيق..!!

فالكلمة الطيبة الصادقة من القلب تدخل القلب همسا مع الميكرفون دون عناء، ولا حاجة لعصبية المزاج، وانتفاخ الاوداج..!!

المهم..سيطرت علينا الدهشة والصدمة تماما من وجهة نظر عجيبة غريبة على منبر عالي المقام.. ينظر إليه عادة بكل إجلال وثقة واحترام، ومن المفترض أن يدعو دائما إلى التآخي ورص الصفوف!!

منطق لم يجرؤ عليه حتى اشد غلاة التطرف في الوجه الآخر

يعني بهذا المنطق..

لا قضية اسمها فلسطين أساسا.. ولا يحزنون ولا شهداء مسلمين..عرب.. وطنيين..قاوموا الأتراك والانجليز واليهود على مدى عشرات السنين..!!

يعني لا فؤاد حجازي..، ولا عطا الزير، ولا محمد جمجوم، ولا القسام، ولا خليل الوزير..، ولا...، ولا..... انسى..!!

ولا الآلاف المؤلفة التي قضت في المذابح، والحروب.. اشطب.!!

ولا مئات آلاف القصص عن المعاناة، والتضحيات ،والتغريبات، والنكبات.. أقلب..!!

ولا ملايين القصائد التي تتغني بالوطن وتبكيه..اسحب..!!

فقط طالما تحقق لنا القدر الكافي من طهارة الوضوء ،والبدن، وجاهدنا كل المرجفين من دعاة الشر والفتن..!! ،ورفعنا راية الإسلام على تخوم المنافقين..!! ،فإننا نصل إلى المراد من رب العباد.!!

أي حق أريد به باطل كهذا الذي قذفه داعية من دعاة أخر زمن في وجوهنا ومضى..؟!!

أي تسطيح للقضية..؟!!

أي تعميق للخلافات والكراهية..؟!!

أي تهميش للوطن والوطنية..؟!!

الم يسمع أو يقرأ هذا المتشيخ الجديد عن أحاديث صحيحة لرسولنا الكريم عن حبه العظيم لمكة مسقط رأسه ووطنه الأول والأخير ،وان حجرا من حجارتها لهو أغلى من بلاد الدنيا كلها ، ولولا أن هجر منها قسرا لما تركها..؟!!

ولو كان الأمر فقط رفع راية الإسلام في أي مكان..فلماذا بالله إصرار النبي عليه الصلاة والسلام على فتح مكة بالذات.؟!!

وما رأي اللاوطنيين الجدد في حديث الرسول الكريم بما معناه"من قاتل دون ماله أو ارضه أو عرضه وقتل فهو شهيد.!!..؟!!

وهل المقولة "أينما كان الإسلام فهو وطني" تجعلني استبدل سنتيمترا واحدا من فلسطين بكل اندونيسيا و فوقها تركيا وباكستان..؟!!

ألا نقع حينئذ في محظور نفي الخصوصية والهوية لحساب الشمولية التي كرهناها في العولمة ومن قبلها الشيوعية..؟!!

هل هو غسل أدمغة سخيف و بمنطق ضعيف لكي نهرب من وجه مصيبتنا ،ونلغي عقولنا، ونتدروش..؟!

هل مطلوب منا حسب مقتضيات المرحلة أن نخلع انفسنا من معاناة انتظار آخر الأخبار عن نجاح الحوار.!!

أو من متابعة تفاسير الفقهاء وما أكثرهم لما وراء الكلام في خطاب أوباما للعوام..!!

وأن وننشغل عوضا عن ذلك بأخر الفتاوى عن تحريم حمام العروس أو حسم الجدل القائم حول الطول الملائم لذكر الرجل وهي قضية الساعة التي تختلف عليها المنابر المرئية منها والمذاعة..!!

أتذكر بالمناسبة تلك الفتوى البغيضة التي تقيأها شيخ نصف أمي بعد حرب بيروت 82 والتي أكد فيها أن كل القتلى الفلسطينيين بما فيهم شهداء صبرا وشاتيلا في لبنان مجرد جيف.!!

وأتذكر أيضا شعار " ممثلنا الشرعي الوحيد هو الله " والتي كان يطلقه اتجاه معروف لمحاربة منظمة التحرير الفتية تماما كما فعلت روابط القرى في حينه.. ولم أكن أدري كيف كان سيفاوض الإسرائيليون الله عندئذ..!!

لكني علمت بعد ربع قرن من المساومات التحتية على 40% ثم التحريم المرحلى ، فالاباحة أن التفاوض ممكن ، ومتاح مع الممثلين الشرعيين للممثل الشرعي الوحيد..!!

لم تكن الأديان الذي نعرفها عبر التاريخ نقيضا أو عدوا للوطنية يوما وإنما على العكس من ذلك كانت ولا زالت داعمة ومساندة

ومن هنا فاني اشك بقوة في كل دعوة إقصاء للوطن والوطنية، واعتبرها دعوة مشبوهة مهما تمسحت بالدين والتصقت به..!!

ان هناك توجه مقصود لا يخفى على كل ذي عينين من البعض المدعوم بقوة من حركة عالمية معينة أخذ في التعاظم في الفترة الأخيرة بجعل الدين زورا بديلا عن الوطن والوطنية، ونقيضا لهما بل يجرؤ أصحاب هذا التوجه أحيانا على رجم الوطنيين الشرفاء في كل مناسبة علنا بالخيانة والعمالة والتشكيك في وطنيتهم.. ربما للتخلص مما يعيق تحقيق أحلام اليقظة المتأخرة ،أو كخدمة مجانية لجهات ما تحت بند عدو عدوي هو صديقي!!

أن هناك بعض الخونة والفاسدين بلا شك، ولكن ذلك لايعنى أن الجميع هنا في قمة الطهارة والنبل..!!

وصدق من قال قبل أن ترى الدمل في رقبة أخيك.. تأمل الورم بين عينيك..!!

إنهم يغطون بضجيج المارشات على ذلك العرض المغري المتكرر الذي يقدمه كبير الطهاة لفتح باب الغزل مع البيت الأبيض وعرض نفسه كبديل..!!

ويتناسون أيضا ماذا فعل ويفعل اشباههم السوريون والعراقيون والليبيون الذين باعوا الدين بالجملة والقطاعي خدمة لسياسة البنتاجون..؟!!

ومما يحزن فعلا ذلك الافتعال المتعمد لبعض المشاحنات هنا أو هناك واستغلاله لزيادة الرصيد السياسي والمناكفات الإعلامية والتغطية على الأخطاء والخطايا.!!

أنا شخصيا لا أصدق ولا اثق في روايات السلطة وحماس معا عن أحداث قلقيلية ،واعتبر ما حدث هو احتكاك مدبر بين الخائفين من تكرار تجربة غزة، والمتحفزين لانقلاب جديد..!!

وما يدل على ذلك تصريحات متشنجة بين الفينة، والأخرى عن قرب تحرير الضفة..!!
تقابلها تصريحات أكثر تشنجا تصف المطاردين، والخلايا النائمة بأنهم خارجون على القانون ولن يسمح بوجود سلاح آخر تحت أي مسمى..!!

نعم..

سلطة فتح في رام الله لن تقبل بأي حال أن تصحو ذات صباح لتجد نفسها على خازوق غزة للمرة الثانية حتى ولو استنجدت بكل شياطين الأرض..!!

وحماس يبدو أنها كما استهانت قبل سنتين بمصير أنصارها في الضفة مقابل السيطرة على غزة فإنها الآن لا تفكر كثيرا فيما سيحدث لهم لو تغلبت عليها شهوة الانقلاب هذه المرة..!!

دعونا نتفق أن ما جرى في قلقيلية يحمل في طياته خطرا نوويا مباشرا وبعيد المدى علينا وعلى المتصارعين بالتساوى خاصة أن انتقل إلى مناطق أخرى ،ولن ينقذ بأي حال أحدا من مآزقه..!!

لن ينفع بالمرة الاستغراق في تبادل الاتهامات والتخوينات والدايتونات والإيرانيات..!!

ولنكن ولو لمرة واحدة أكثر جرأة ومسئولية في مواجهة خيباتنا المشتركة.!!

لقد سقط من سقط.. وهذا أمر مخجل ومصيبة جديدة تضاف إلى زكايب المصايب التي تحط على شعب سيء الحظ في ظروفه وقياداته، ومن المؤسف أن البعض يلوح بتمزيق ورقة الحوار كما لو أنها ملكه وملك الذين خلفوه، ولا يعلم أن هكذا تلويح قد يقلب الطاولة على الجميع..!!

وهنا تتنظر الأكثرية الصامتة المحبطة أن لا تكتفي مصر بواجب الضيافة وتظهر العين الحمراء علنا لمن يتهرب من استحقاقات الحوار..!!

فعلى علمنا ان الفنادق والمطاعم المصرية باتت تعاني نقصا شديدا في الكنتاكي والستيكات والجمبري..!!
هنا

وفي غمرة الاعتقالات المحمومة المتبادلة بين غزة والضفة

فرحنا لتصالح العقول والحكمة في موريتانيا

وفرحنا لنجاح التجربة الانتخابية اللبنانية أيا كانت النتائج

ونقول: يارب عقبالنا وعقبال الصومال..!!

يارب. افرجها..!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى