الخميس ١٦ تموز (يوليو) ٢٠٠٩

ستعوضك

بقلم: مصطفى خداد

..وجدها باكية، حاولت أن تخفي آثار دموع منهمرة على خدها الأحمر كالورد المبتل في محاولة لألا تلفت انتباهه، لكن، وبفضل ما يكنه من حب ومودة وطول عشرة بينهما، بادرها بسؤال فيه شئ من المزاح فقال: حبيبتي هل اعتدى عليك البصل مرة أخرى؟

لم تجب، بل بادرته بنظرة يائسة، فعلم أن الأمر أكثر سوءا مما تصوره.

ألقى بمفاتيحه في الموضع غير المألوف، وترك للحاوية البلاستيكية الصفراء المجال للانزلاق من خنصره،وتسارعت دقات قلبه، فسأل أول ما سأل عن ابنته الصغيرة التي تركها تعاني من ألم في سُرتها، أجابت بنوع من الاستهزاء:

ــ أسأل عن حالتي، أم إنه قد انتهت صلاحيتي؟

علم أنه ما من مجال للشجار فاعتذر وقبلها، وسألها في لطف بعينيه، فانهمرت الدموع من عينينها كالشلال واستطردت:

ــ لقد ماتت يا سمير، ماتت ولم تحقق ما كانت تصبوإليه، لقد تركت طفلة رضيعة في غاية الجمال .

تسمر في مكانه وحاول أن يهدأ من روع حبيبته، دون أن يستفسر عن ماهية الشخص الفقيد.

أحس أخيرا براحة ونزع حذائه، واسترخى بجانبها وشبك يديه خلف رقبته، وأخد يلهوا بأصابع قدميه وهوينظر إليها ولدموعها المنهمرة، في لحظة أخترق هذا الصمت وقال:

ــ وما كان سبب الوفاة حبيبتي؟

ــ أبدا لا شئ، إنها الحسرة على ذاك الحب الذي جمعهما ولم يكتمل.

ــ مسكينة .

أدارت عينها إلى ناحيته، واستشعرت من كلامه سخرية، فرمته بوسادة خفيفة على رأسه فضحك بصوت عال، وأمرها أن تحظر له ما يأكل ففزعت منه، وفضلت أن تعترف بأنها نسيت أن تحظر مأكلا بدعوى ان الوقت قد أخذها وسيطر عليها،وهي تشاهد مسلسلها المحبوب " سنوات الضياع "

انتفض من فراشه وانتزع سترته من عمود خشبي بجانب الباب، وأخذ مفاتيحه وتوجه إلى مقر التلفزة التي تبث المسلسل، فوجد حشدا من الموظفين يملئون استمارات طلب التعويض عن الغذاء، فملأ الاستمارة وبعد مضي زمن غير بعيد أصبح يتردد على ذات المقر ليملأ استمارة طلب تعويض عن العشاء كذلك.

بقلم: مصطفى خداد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى