السبت ٨ آب (أغسطس) ٢٠٠٩
بقلم صبري هاشم

لكلِّ موجةٍ زورقان

شجناً يزهرُ هذا المساءُ
وعتمةٌ تمتهنُ دمعةً تفجّرتْ خلسةً
في زاويةٍ مُهمَلةٍ
وأنا شاطئٌ جنوبيٌّ يفترشُ أرصفةَ بلادِ الجليد
أنا طائرُ النّواحِ المُخضّبُ برذاذِ طلعٍ
يتشهّى في أعلى تيجانِ النخلِ
رائحةَ نخلةٍ أُنثى
أنا المُضمّخُ بماءِ الفحولةِ
عشرون امرأةً احتلبتْ شريانَ قلبي
وتركتْني أمطرُ حبراً في صحنِ الوفاء
ومنهنَّ لم أرَ وفاءً
عشرون فجيعةً فتحتْ صدري
تبحثُ عن طفلٍ تمرّد ذات بذرةٍ فاسدةٍ
عشرون محنةً التهمتْ وردتي
ونثرتْني في أرضٍ يباب
 
****
تمهّلْ يا هذا
لطَمَني القلبُ للمرّةِ الخمسين
والليلةَ أتنقلُ بين أسرّةِ مشفى عليلاً
علامَ تُعاقبُني أيها القلبُ ؟
هل لجمتُ طموحَكَ كثيراً ؟
هل كبحْتُ جموحَكَ كثيراً أو قليلاً ؟
قلْ لي ، لماذا ؟
 
****
طريقان لي في هذي المنافي
واحدٌ يمتدُّ إلى المشافي
وواحدٌ هامَ في الفيافي
طريقان يختارُ القلبُ ويركبُهما معاً
عجبي
 
****
هي خيبةُ العمرِ تسيرُ معي منذُ العثرةِ الأولى
فكم مِن العثراتِ حطّتْ في طريقي رحالَها
هي خيبةُ العمرِ معي منذُ الدّهشةِ الأولى
وكم صرفتُ وقتاً بحثاً عن مدنِ الخيالِ
أعترفُ أمامَ أبوابِ الصمتِ
إنني سأهزُّ أركانَ الكلامِ وأُربِكُهُ
وأُنادي :
أيتها الشطآنُ التي تنتظرُ المراكبَ العاهرةَ
هل فكّرتِ بالرّحيلِ ؟
أيتها الشطآنُ التي ما تشرّفت
بعناقِ قدميّ المُتعبتين
ستجفّين ذاتَ يومٍ مِن كمدٍ
ستندمين عليّ
أنا ينبوعُ المُصادفةِ
الذي تفجّرَ في صمتِ البوادي
أنا عينُ ماءٍ في صحراءِ العربِ
فاقبلي يا إبلَ الأعرابِ
ولتقبلْ تلك الخيامُ الطاهرة
 
****
شجناً يحتطبُ هذا المساءُ
وفي سماء برلين
غيمةٌ تأكلُ وجهَ القمرِ
وعلى يمينِ عرشي
نساءٌ مورّداتٌ في حدائقِ الصيفِ
نزفْنَ كلَّ الرائحةِ وبتْنَ في العراء
على يمينِ عرشي
نساءٌ أزهرْنَ فوق أغصانِ النشوةِ
كنَّ ثملاتٍ فارتجفْنَ للنسمةِ العابرةِ
 
****
تعففي قليلاً
فأنا ما أبقيتُ للعفافِ رائحةً
مزّقتُ خلفه كلَّ الأستارِ
ولم أبلغْ حدّاً في عمقِ العفّةِ
وموجتي حملتْ زورقاً نحو القاع
وزورقاً نحو الساحلِ
ولم استجلبْ في هذا المساءِ حكمةً
فالحكمةُ تأتي عنوةً
تتقصدُ عبورَ القارّاتِ لتحطَّ
فوقَ أديمِ الصمتِ مسترخيةً
أيها القلبُ
هل تراني أستحقُ عذاباً ؟
فانبضْ إنْ شئتَ
وابدأْ مشواراً جديداً
منذ الآن

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى