الأربعاء ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٣
صدر حديثا كتاب :

الأنثى مصباح الكون

الكاتب: محيي الدين اللاذقاني
الناشر: مكتبة مدبولي – القاهرة

مغامرة النساء منذ حواء حتى آخر امرأة مراوحة قلقة بين العاطفة والواجب، ورحلة شاقة بين الحرملك والحرية، وبالعكس فالكثيرات ممن حققن أحلام الحرية والانطلاق عدن بعد التجربة الى أحلام الأمهات والجدات حيث الأمومة فوق أي اعتبار دون أن يعني ذلك أن رحلة التمرد الأنثوي تقتصر في تجلياتها على رغبات الجسد وتوق الروح الى الاستقرار بعد مخاصمة الغرائز . .

إن المغامرة العقلية كما يعتقد الدكتور محيي الدين اللاذقاني في كتابه الجديد "الأنثى مصباح الكون" هي التي تحكم مسار حركات المرأة، وتعيد تشكيلها وفق الظروف الاقتصادية في كل حقبة من الحقب بحيث يمكن ربط أنثى الكهوف التي كانت تخرج للصيد والرعي والزراعة، وتملك قرار مصيرها المستقل بآخر صيحة لنساء الأمال المتحررات المعاصرات اللواتي تحولن الى ظاهرة ناجحة لإصرارهن على التحرر الاقتصادي أولاً، فلا حرية للمرأة كما ينص اللاذقاني في كتابه دون قطع حبل السرة مع الأب والزوج والمعيل. ولأن معظم الرموز المعاصرة للمرأة مبنية على تجربة تراثية وأسطورية خصبة اختار الدكتور اللاذقاني أن يبدأ كتابه المثير بفصل عن "تجليات الأنوثة الاسطورية" جال عنه بين الشرق والغرب وربط رموز عشتار وايزيس ونانا، بالأساطير الصينية التي كانت تحتقر المرأة وتسميها المياه المؤلمة لأنها تغسل السعادة والمال في كل بيت تدخله دون أن ينسى طبعاً التحريج على دليلة وعدد آخر من تجارب النساء الشرقيات اللواتي تجدهن بكثافة في فصل "طيوف نسائية من التراث العربي" حيث تجربة نساء الطبقة الوسطى والجواري ونساء الطبقة العليا اللواتي يقتل الترف عندهن كل المغامرات العقلية المؤدية للتحرر، ويظل الجسد هو المساحة المتاحة للتعرف على العالم بعقل ودونه كما في حالتي علية بنت المهدي وعائشة بنت طلحة.

ويرصد اللاذقاني الأوديسة النسائية بين الحرية والحرملك من خلال الفكر والتاريخ والاقتصاد والفنون السينمائية والمسرحية ويقف وقفة طويلة مع الإبداع النسائي، العربي في فصل "روايات وروائيات" الذي يتعرض فيه لأجمل روايات غادة السمان "أيام الحب والياسمين" ولرواية نوال السعداوي المثيرة للجدل "سقوط الإمام".

ويتعرض من الأدب الروائي العربي لإشكالية أحلام مستغانمي التي لم تجد من يفصمها لاختلاط أسلوب حياتها برغبات بطلات رواياتها وعن الروايات النسائية المسيسة يتوقف اللاذقاني عند رواية العراقية عالية ممدوح الغلامة التي تتعرض فيها ليس لاغتصاب امرأة واحد بل لاغتصاب مجتمع كامل تتحكم في أدق تفاصيل حياته أجهزة سرية رهيبة.

وكان المؤلف في فصل حمل عنوان "احلامهن بأقلامهن" قد درس أعمال الكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي التي يراها ظاهرة مشرفة للعقل العربي المذكر والمؤنث امتلكت الجرأة على نقد رحلة تطورها الفكري قبل أن تعمل مبضعها لتعرية زيف المجتمع العربي والعقد التحكمية في المجتمعات الاسلامية. وقد استخدم الناقد كتاب طفولتها في فاس عن أحلام النساء لتقديم تشريح غني لمخيلة الحرملك في الذهن العربي. أما لماذا المرأة مصباح الكون فإن المؤلف يقول في شرح عنوان كتابه : لعله ليس من قبيل المغالاة أن يقال أن الأنثى مصباح الكون وهي كذلك فعلاً، ودورها كمصدر دائم للإشعاع كأم وحبيبة وزوجة وصديقة وأخت من البديهيات المستقرة في الوجدان ومن الأدوار التي يصعب مهما تمادى الظلم تجريدها منها أو سلبها إياها لأن الأنثى بالفعل نبع نور وتنوير وقوة معرضة للتغيير لكنها لا تزال في بعض أقطار العالم العربي كالرقيق ونظام الجواري والتسري ما يزال معمولاً به في قارتين على الأقل من العالم. وبعد مداعبات تراثية عن الجواري اللواتي يتحكمن بسيادهن يقدم اللاذقاني في واحد من أخطر فصول الكتاب فضاء الأنوثة المسيسة" مجموعة قضايا جدالية عن الحقوق السياسية للنساء وإشكاليات حكم اللون ويرفض أن يكون الاسلام هو سبب ابتعاد النساء عن الحكم، فشبه القارة الهندية مسلمة بالأغلبية ومع ذلك فقد حكمتها المرأة وفق التقاليد المرعية وعبر صناديق الاقتراع وبالاساليب كلها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى