الجمعة ٢٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم أحمد تحسين الأخرس

إكليل ورد

كفكف دموعك يا ابن غزةَ بالأنينْ
و انثرْ جراحك فوق حزن العالمينْ
أطفِئْ شموعَ الليلِ بالوجعِ الذي
لم تحتملْهُ الباقياتُ من السنينْ
و اصفعْ وجوهَ العارِ بالصمتِ الذي
مازال لغزاً غامضاً للحائرينْ
الطفلُ يبكي، و الجموعُ تفرَّقتْ
و الأهل تحتَ القصفِ باتوا ميتينْ
أهليْ، و خلاني أمنتُ جواركمْ
تحتَ الركامِ على جوارِ الصاغرينْ
يبكي الصبيُّ مرارةً في قلبهِِ:
 
أهلي اعذروني قد ذرفتُ الدمعَ من عينيَّ حتى ما بقى لي دمعةٌ أحمي بها نفسي
لعلَّ العسكريَّ إذا مضى قربي رآني غارقاً في الدمعِ، يشفقُ إن رآني هكذا..
و لعلَّه يحنو عليَّ بكلْمةٍ مكسوّةٍ بالحبِّ ترعاني على مرِّ الدهورْ..
الله أكبرُ يا زمانُ على أهالٍ أصبحَ الأعداءُ أرحمَ من قلوبهمُ التي هي كالحجارة أو أشد قساوةً..
الله أكبرُ يا زمانُ على أعادٍ يقتلونَ الميْتَ ثمَّ يشيّعونَ على الورى جثمانهُ
و يساومونَ الميْتَ أنْ يرضى بإكليلٍ من الوردِ الذبولِ
على تنازلهِ لهم عن حق عودتِهِ فيأبى أن يقولْ..
و يقولُ: أرضي منزلي، أرضي هي اللحدُ الذي أرضى،
فلولا إن رأوهُ مثابراً بعنادهِ قتلوهُ أيضاً مرةً أخرى
و هذي حالنا..
ستونَ عاماً نفسَ طعمِ الموتْ.. قد ضقنا بهِ ذرعاً على آهاتِهِ
ستونَ عاماً قد مللنا موتنا..
أو أن ذاتَ الموتَ ملَّ تربصاً بالميّتين..
 
أناْ طفلُ غزةَ أرتمي فوقَ النعوشِ مقيِّداً نفسي بجنزير الرثاءْ
قد حمّلوني ما تبقّى من أكاليلِ الورود أجولُ بينَ الميتينَ..
يا دهرُ فاذكرْ أنني قدْ ذقتُ طعمَ الموتِ قبلَ ملوحةِ الدمعِ المرير..
يا دهرُ فاذكرْ أنني طفلٌ ينامُ بلا سريرْ..
يا دهرُ و اذكرْ أنني طفلٌ سيرفضُ أن يغادرَ أرضهُ..
حتى إذا داستهُ دباباتهمْ عندَ المسيرْ..
 
يا دهرُ أخبرْ عالِماً في النحوِ من أهلي الذينَ نسوا وجوديَ
أن تفسيرَ الكلامَ –على الهوى- في علمهِ باتَ احتمالاً..
و الدليلُ: ضمير "نحنُ" هو الضميرُ المنفصلْْ..!
و أرى بأن الأهلَ صاروا كالــ"أنا" بعد انفصالهمُ الذي ما خالفَ النحوَ الكريمْ..!!
يا نحوُ حتى أنتَ ترضانا لألوانِ المذلةِ راكعينَ و ساجدينْ !
ترضى لنا التشتيتَ و التفريقَ في أوهى الأمورْ..
عذراً، فلنْ أرضى لهذا أن يكونْ..
يا نحوُ فاذكر من نكونْ..
 
أخبرْ عدوّيَ أن سفكَ دماءِ أهلي ما نسيتُ..
و أنَّ ذاتَ الإنتقامِ تسودُ في نفسي، مع الأيامِ تكبرُ أشهراً..
لا تنسَ يا دهري بأن الوعدَ أصبحَ موعداً..
و اللهِ عهدٌ ما بقيتُ بأن أعيدَ الحقِّ لي و لأهلهِ..
و اعلمْ بأنَّ: الوقتَ باتَ خرافةً تمضي سريعاً..
أنني وطنٌ من الأوجاعِ لن يرضى بصلبهِ مرتينْ !
و الآنَ سافِرْ نحوَ أهليَ في السماءِ و قل لهمْ
أن البلابلَ غرَّدتْ في ساعةِ الصفرِ انتصاريَ ..!
أنَّ ذكراهمْ ستغمرني كما وجعي الدفين..
يا دهرُ عذراً إن تطاولَ ذا لساني مرةً أخرى
و لكنْ كنْ كما أرجوكَ، عدلاً في وجوهِ الظالمين...

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى