الخميس ٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم توفيق الحاج

محمد وطوني وشلومو

الله واحد.. الدين واحد.. الأرض واحدة..
هذا اعتقادي كانسان بغض النظر عن المسميات المشتبكة،والمتناحرة لهذا الدين الواحد،وليس لدي الفضول البتة للبحث عن الحقيقة بين عدة نسخ دينية يدعي أنصار كل نسخة منها أنها النسخة الأصلية الحصرية،وغيرها من النسخ إما محرف أو مجدف أو مزيف..!!

ما يهمني في الأمر أن الدين أي دين ان لم تكن كل كلمة فيه تدعو عمليا
الى المحبة والتسامح والتآخي بين بني البشر فهو لعنة شيطانية يبرأ الله منها وأنبياؤه.
وعيت فوجدت نفسي مسلما بالوراثة.. قنعت بذلك،وحمدت الله الذي لو أرادني هندوسيا مثلا لكنت كما يريد،فهو من خلقني،وهو وحده القادر على أن أكون فأكون..!!
لكني في داخلي الآن أحس بإيمان عميق،وهدأة نفس،وقرب من الله..
لا فضل فيه لواعظ مسيس أو داعية فضائيات..!!

لم أجد يوما ما يغري أو يشجع أو يقنع بالغمز أو اللمز في ديانة بشرية أخرى مهما كانت مختلفة وغريبة عن ديانتي من منطلق احترامي لها كموروث إنساني ولمعتنقيها بالوراثة أيضا مثلي تماما..!!

هكذا خلق الله الدنيا وهكذا أراد أديانا متشابكة متباينة لذاته الواحدة رغم عبث واحتراب الحاقدين والمحرضين والمنافقين والفاتحين والمبشرين..!!
و ما علينا بالمنطق الإنساني المحض الا قبول معتقدات الاخر واحترامها ليقبل عقيدتنا ويحترمها..!!
انه لمن المؤسف والمخزي للبشرية جمعاء انها لم تتخلص بعد من صراعاتها الدينية،وعقدها العنصرية رغم مرور 500قرن فيها ما فيها من تراكمات حضاريةعظيمة.ولازلنا نعيش.. نرى.. ونسمع عن مذابح فظيعة بين المسلميين والمسيحيين وبين اليهود والمسلمين وبين الهندوس والمسلمين..!! ومأسي مريعة بين الايجور والهان الصينيين
وحتى بين المسلمين انفسهم سنة وشيعة،وسنة وسنة.وشيعة وشيعة..!!

ما دعاني حقا إلى هذه المقدمة هو تصاعد موجة الكراهية والاهانة المتعمدة بين الأديان وخاصة ما نرى ونسمع من اهانات موجهة ضد الدين الإسلامي وأخرها ما أطلقته الألمانية (ميلاني) عبر الفيس بوك من رغبة قذرة في استخدام المصاحف كورق تواليت..!!
يا الله......
هذه الاهانة تفتح مجاري الاهانات الشيطانية الامريكية والدنماركية والالمانيةالكريهة على مصارعها وتنكأ جراحا عميقة يحاول تطبيبها وتسكين الامها ولو بتواضع وقلة حيلة مرهم غير فعال اسمه حوار الاديان والحضارات..!!
أنا لا اعتقد أن هكذا اهانات تصدر عن مجرد قلة أدب فردية وعفوية وإنما لدي إحساس متنام أن وراءها مؤسسات وسياسات وميزانيات عالمية استخبارية دولية الله وحده يعلم مداها

هناك مراكز دينية عالمية مسيحية ويهودية منتشرة تحت مسميات براقة مهمتها تحريك الفتن والصراعات حتى بين ابناء الدين الواحد والوطن الواحد كما نرى في دار فور ونيجيريا وأقباط مصر و....و.....
بينما المركز العالمي للإخوان المسلمين في برلين مثلا يوظف نفوذه بطريقة مافيوية مستثمرا التجارة الدينية وغسيل الأموال جيدا لمصالح الحركة الضيقة، وهو جد منشغل فقط في حبك تحالفات سرية واللهاث وراء استعادة حلم حكم العالم الإسلامي بخلافة رشيدة أو مشيخة حميدة..ّّ!!
في حين يهرب من أولى مسئولياته وهي الدفاع الواعي عن مصالح المسلمين وايجاد لغة الخطاب الإنساني الملائمة للتعريف والترغيب دون الترهيب بالإسلام كدين ونهج..!!

المشاحنات الدينية قديمة، ومتجذرة منذ نشأة الخلق،فقد اكتوى بنارها الأنبياء والرسل، وذابت في اتونها البغيض جماجم البشر،وتاجر في سوقها الرهيب حتى الان الرومان والعربان والمغول وحملة الصلبان والصقالبة والمماليك والتتار والفرنسيسكان والانجليكان والألمان والصهاينة والأمريكان..!!

واعتقد أيضا ولو من باب النقد الذاتي ان المسلمين المتشددين والمكفرين لسواهم حتى من هم من أبناء ملتهم قد لعبوا دورا لا بأس به في حرب الكراهية هذه بممارساتهم الدموية من قطع لرقاب الرهائن وقتل النساء في ملاعب الكرة وتفجير الناطحات والأسواق بينما لا يوجد في قراننا أو سنتنا نص قطعي أو ظني واحد يدعو إلى ذلك..!!

منذ مدة شاهدت صدفة فيلما لعادل إمام اسمه حسن ومرقص فأدركت على الفور سبب نقمة المتشددين المسلمين والمسيحيين على السواء على الرجل لأنه أرانا وبشكل هزلي العورات البشرية المتسترة بالدين والتي تنز حقدا وتطرفا وبغضا مع أن الأديان كل الأديان في جوهرها الإلهي الواحد تدعو إلى التسامح والمحبة..!!

من هنا فاني أكاد اجزم أن الاستعمار والاستيطان واستعباد الشعوب في البدء والاتجار بالأديان في الخاتمة لهما الدور الأساسي في تصاعد اشتعال حرب الكراهية بين معتقدات البشر، بل وأكثر من ذلك فاني موقن بأن أي رحل دين يدعو الى الحقد والبغض ولو بالدعاء هو في الحقيقة فتنة شريرة تلبست بالدين وتتنكر جهارا نهارا لأروع وأعظم مبادئه..!!

لقد هزني بالأمس كثيرا ما جرى من دم بين الإخوة باسم الدين والوطن فزعزع إيماني بأشياء كثيرة، مما جعلني لا اندهش كثيرا من هجمة اليهود المتطرفين الأخيرة على الأقصى مستغلين يتم أهله ونومة أهل الكهف العرب وتواطؤ العجم..!!
لا استبعد من باب كل شيء ممكن وفي ظل الحفر المتواصل ان ينهار أولى القبلتين وثالث الحرمين في النهاية تحت سمع وبصر اليونسكو (التي اعتبرت مشكورة (رقصة التانجو)..!! تراثا ثقافيا إنسانيا يجب المحافظة عليه) بينما الأهل يتفرجون على أنفسهم في باب الحارة ومسلسل سنوات الضياع التركي بدبلجة سورية وهم يستبسلون بحماس في الجهاد والنزال على الورق..!!

إن الإنسان حقا علمانيا كان أو مؤمنا هو من يحترم كينونة وفكر أخيه الذي يشاركه الأرض والسماء حتى ولو كان من عبدة النار والبقر..!!، ويبحث عن القواسم المشتركة التي تقرب وينأى عما ينفر، لذا فليس غريبا ان اشعر بالخشوع والإيمان وإنا أشاهد مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو حتى بوذيا يصلي تماما كما اشعر برغبة في البكاء أما كل طفل يتيم وأمام كل أم حزينة..!!

سأظل أحلم كانسان..ان يأتي يوم يصلي فيه محمد وطوني وشلومو معا لله الواحد الأحد كل على طريقته وفي أرض فضاء..بلا سماسرة أو وسطاء..!!

*أتمنى ممن يستطيع من القراء ان يساهم معي في إيصال الحلم من لغة إلى أخرى لعله يتخقق في حياتي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى