الخميس ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٠
من أدوات اللغة العربية:
بقلم يوسف الصيداوي

كل، كلا وكلتا، كلا، كلما

كلّ

 تدخلها الألف واللام - خلافاً للأصمعيّ - فيقال مثلاً: [الكلّ حضروا]، كما يقال: [حضر كل القوم].

 الأصل أن يتلوها مضاف إليه، نحو:«كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت» [1]، فإذا حُذِف نُوِّنَتْ، ومنه «كلٌّ في فَلَكٍ يسبحون» [2].

إعرابها:

 لها في العبارة حُكْمُ ما تضاف إليه. فلو وُضِع المضاف إليه موضعها، لكان إعرابه هو إعرابَها [3].

معناها:

معناها هو معنى المضاف إليه بعدها، إفراداً وتثنيةً وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً، سواء أكان مذكوراً أم محذوفاً [4] . ولذلك يعود الضمير إليها، على حسب ما يكون المضاف إليه في الحالات المذكورة [5].

تنبيه:

إذا كان المضاف إليه بعدها معرفةً، جازت المطابقةُ والإفرادُ فيقال مثلاً: [كلُّهم حضروا] و [كلُّهم حضر].


نماذج فصيحة من استعمال [كلّ]

 «كُلُّ امرئٍ بما كسب رهينٌ» [6]

[كل امرئ]: كل، معناها معنى ما تضاف إليه. وقد أضيفت في الآية إلى [امرئ] وهو مفرد مذكر، فكلّ إذاً مفرد مذكر. ومن هنا أن عاد الضمير إليها من الخبر مفرداً مذكراً: [رهين (هو) + كسب (هو)].

 «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ» [7]

[كل نفس]: كل، معناها معنى ما تضاف إليه. وقد أضيفت في الآية إلى [نفس] وهي مفرد مؤنث، فكلّ إذاً مفرد مؤنث. ومن هنا أن عاد الضمير إليها من الخبر مفرداً مؤنثاً: [ذائقة].

 قال الشاعر:

وكلّ رفيقَي كلِّ رَحلٍ-وإنْ هما تعاطى القنا قوماهما-أَخَوانِ

[كل رفيقَيْ]: كل، معناها معنى ما تضاف إليه. وقد أضيفت إلى [رفيقَيْ] وهو مثنى مذكر، فكلّ إذاً مثنى مذكر. ومن هنا أن عاد الضمير إليها من الخبر مثنى مذكراً: [أخوان (هما)].

 قال الشاعر:

وكلُّ أناسٍ سوف تدخل بينَهمْ دُوَيْهِيةٌ تصفرُّ منها الأنامِلُ

[كل أناس]: أضيفت [كل] إلى [أناس] ومعناها جمع مذكر، ولما كان معنى [كل] هو معنى ما تضاف إليه، كان معناها جمعاً مذكراً. ولذلك عاد إليها الضمير من: [بينهم] ضميرَ جمعٍ مذكر.

 قال الشاعر:

وكلُّ مصيباتٍ تصيب فإنها سوى فرقةِ الأحبابِ هينةُ الخَطْبِ

[كل] أضيفت إلى [مصيبات]، وهي جمع مؤنث. ولما كان معنى [كل] هو معنى ما تضاف إليه، كان معناها جمعاً مؤنثاً. ولذلك عاد إليها الضمير من [تصيب] ضميرَ جمعٍ مؤنث. ونوجّه النظر إلى أن جمع ما لا يعقل وهو هنا [المصيبات] يجوز في ضميره الإفراد والجمع. أي: [هي = هنّ].

 [كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أَبَى] (حديث شريف) [8]

[يدخلون]: فاعله الواو، ضمير لجمع المذكر، لأن معنى المضاف إليه: [أمتي] جمعٌ للمذكر. ولو أريد لفظُ كلمة: [أمّة] وهو مؤنث، لقيل: [كل أمتي تدخل (هي)]، فيعود الضميرالمؤنث: [هي] إلى [أمة] باعتبار تأنيث لفظها.

[هداة - داعون]: كلاهما جمع مذكر، لأن المضاف إليه: [كم] ضميرٌ لجمع المذكر.

 «قل كُلٌّ يعمل على شاكلته» [9]

حُذِف المضاف إليه بعد [كلّ] فنُوِّنَتْ، والأصل: [كلّ أحدٍ يعمل]. وفاعلُ [يعمل (هو)] ضمير للمفرد المذكر، لأن المضاف إليه المحذوف [أحد] مفرد مذكر.

 «وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كُلٌّ في فلك يَسْبحون»

 [10]

حُذف المضاف إليه بعد [كلّ] فنُوِّنتْ، والأصل: كلّ هؤلاء يسبحون. وفاعلُ [يسبحون] هو الواو، ضمير لجمع المذكر، لأن المضاف إليه المحذوف [هؤلاء] لجمع المذكر.

 «وكُلاًّ ضربنا له الأمثال» [11]

حُذِف المضاف إليه فنُوِّنت [كلّ]، والأصل: [وكلّ إنسان ضربنا له الأمثال].

 فسجد الملائكة كُلُّهُمْ أجمعون (ص 38/ 73)

[كل] في الآية توكيدٌ للملائكة، لأنّها تعرب على حسب موقعها من العبارة.

 قال الشاعر:

إذا المرءُ لم يَدْنَس من اللؤم عِرضهُ فكلُّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ

[كل]: إعرابها على حسب موقعها من البيت: مبتدأ، خبره [جميل].

 «قد علم كُلُّ أناس مشربهم» [12]

[كل]: فاعل لـ [عَلِمَ].

 «وإنْ يَرَوْا كُلَّ آية لا يؤمنوا بها» [13]

[كل]: مفعول به.

 «فلا تميلوا كُلَّ الْمَيْل فتذروها كالمعلقة» [14]

[كل]: مفعول مطلق. وضابطُ ذلك أن تكون [كلّ] مضافةً إلى المصدر كما ترى هاهنا. ونذكّر بأننا قلنا في تضاعيف البحث: [كل] لها حكم ما تضاف إليه، فلو وضع المضاف إليه موضعها لكان إعرابه هو إعرابَها. وتطبيقاً لذلك يكون إعرابها مفعولاً مطلقاً، لأن [الميل] مِن [لا تميلوا ميلاً] هو مفعول مطلق.

----

كِلاَ وكِلْتَا

اسمان لفظُهما مفرد، ومعناهما مثنّى. ولذلك يجوز مراعاة لفظهما أو معناهما، نحو: [كلا الطالبين مجتهدٌ، وكلا الطالبين مجتهدان].

الأحكام:

 يعربان على حسب موقعهما من العبارة: فاعلاً أو مفعولاً أو توكيداً إلخ...

 يلزمان الإضافة أبداً إلى مثنّىً معرفةٍ، نحو: [نجح كلا الطالبَيْن، فهنّأت كليهما].

 إذا أُضيفتا إلى اسمٍ ظاهر، عوملتا معاملة الاسم المقصور، فقُدِّرت الحركات الثلاث على ألفهما، كما تقدَّر على ألف العصا والفتى، نحو: [سافر كلا الرجلين، فودّعت كلا الرجلين، ووثِقت بكلا الرجلين].

 وإذا أُضيفتا إلى ضمير، عوملتا معاملة المثنى، فتُرفعان بالألف، وتُنصبان وتُجرّان بالياء، نحو: [عاد كلاهما، فاستقبلت كليهما، وسلّمت على كليهما].


كَلاّ

لها معانٍ، منها:

 الزَّجْر: ومنه قوله تعالى: «واتَّخَذوا من دون اللهِ آلهةً ليكونوا لهم عزّاً كلاّ سيكفُرون بعبادتهم» [15]

 والنفي، بمعنى: [لا]، ومنه قول الشاعر [16]:

قريشٌ جهازُ الناس حيّاً ومَيِّتاً فمَن قال: كلاّ، فالمكذِّبُ أكذَبُ

 والاستفتاح، بمعنى: [أَلاَ]، ومنه قوله تعالى: «اِقرأْ وربُّك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم. كلاّ إنّ الإنسان ليطغى» [17]

 وبمعنى: [حقّاً] ومنه قوله تعالى: «كلاّ إنّ كتابَ الأبرار لَفِي عِلِّيِّين»

 [18]

 حُكْم: إذا تَلَتْها [انّ] كانت همزتها مكسورة: [إنّ]، وقد تقدّم من أمثلة ذلك: [كلاّ إنّ الإنسان...] و[كلاّ إنّ كتابَ...].

فائدة: الأصل أنّ [كلا] للمذكّر و [كلتا] للمؤنث، ولكن قد تُستعمل [كلاهما] للمؤنث فيقال مثلاً: [نجحت الطالبتان كلاهما]. قال هشام بن معاوية:

يَمُتُّ بقُربى الزينبين كليهما إليكَ وقُربى خالدٍ وحبيبِ

وكان الأصل أن يؤنّث فيقول: [كلتيهما]. ولكنه أوقع المذكّر موقع المؤنث فقال: [كليهما]، وذلك جائز.


نموذج فصيح يقاس عليه

 «كِلْتا الجَنَّتَينِ آتَتْ أُكُلَها» [19]

[كِلتا]: لفظها مفرد، ودليل ذلك أنها لا تثنى ولا تُجمع. فليس في اللغة [كليان أو كلوان]، ولا [كلتيان] ولا [كلتيات].

ثم هاهنا دليل آخر على أن لفظها مفرد، هو أن خبرها جاء بصيغة المفرد، فقيل: [آتَتْ]؛ ومن المقرر أن المفرد يُخبَر عنه بالمفرد، فلا يصحّ أن يقال مثلاً: [التلميذان قصيرٌ].

ثم لو رُوعِيَ معنى [كلتا] وهو مثنى، لقيل: [آتتا] وهو في العربية جائز غير معيب. لكنْ لمّا لم يُرَد معناها، بل أريد لفظها وهو مفرد، أُتِيَ بالخبر هنا مفرداً.

وتبقى في الآية مسألتان:

 الأولى: أنّ [كلا و كلتا] يلزمان الإضافة أبداً إلى مثنى معرفة، وذلك متحقق في الآية، إذ أُضيفت [كِلتا] إلى كلمةِ [الجنّتين] وهي مثنى معرَّف بـ [ألـ].

 والثانية: أنّ [كلتا] مبتدأ مرفوع بضمة مقدَّرة على الألف، وذلك أنّ [كلا وكلتا] إذا أُضيفتا إلى اسم عوملتا معاملة الاسم المقصور، فقُدِّرت العلامات الثلاث على ألفهما كما تقدّر على ألف [العصا والفتى] كما جاء في الآية. وأما إذا أُضيفتا إلى ضمير فإنهما تعاملان معاملة المثنى، فتُرفعان بالألف، وتُنصبان وتُجَرّان بالياء.


كلَّما

أداة مؤلفة من [كلّ] و [ما]. وتُجمِع كتب الصناعة على أنّ [كلّ] منصوبة على الظرفية. وأمّا [ما] فمصدرية ظرفية. فالمعنى في قوله تعالى: «كلَّما دخلَ عليها زكريّا المحراب وجد عندها رِزْقاً» [20] هو: كلَّ وقتِ دخول:

[كلَّ]: ظرف زمان منصوب وهو مضاف، متعلق بالجواب المعنوي الذي هو [وَجَدَ].

[ما]: مصدرية ظرفية. والمصدر المؤول منها ومن الفعل بعدها في محل جرّ مضاف إليه.

حكم:

 تدخل [كلّما] على الفعل الماضي، وتفيد التكرار، ولا بدّ لها من جواب.


[1(آل عمران 3/185)

[2(الأنبياء 21/33)

[3فهي: فاعل إن أضيفت إلى فاعل، نحو: [جاء كلُّ الناس = جاء الناسُ]، ومفعولٌ مطلق إن أضيفت إلى مفعول مطلق، نحو: [لا تُفْرِطْ كلَّ الإفراط = لا تفْرِطْ إفراطاً]، وظرفٌ إن أضيفت إلى ظرف، نحو: [سهرت كلَّ الليل = سهرت الليل] وهكذا

[4ذلك أن المضاف إليه بعد [كلّ] إذا كان محذوفاً فإنه يُقدَّر، فكأنه مذكور.

[5ففي التذكير والإفراد والتثنية والجمع: كلُّ طالبٍ يجتهد - كلُّ طالبين يجتهدان - كلُّ الطلاب يجتهدون

[6(الطور 52/ 21)

[7(آل عمران 3/185)

[8(فتح الباري 13/249)

[9(الإسراء 17/84)

[10(الأنبياء21/ 33)

[11(الفرقان 25/ 39)

[12(البقرة 2/60)

[13(الأنعام 6/25)

[14(النساء 4/129)

[15(مريم (19/81-82)

[16(اللسان 11/597)

[17(العلق 96/3-6)

[18(المطففين 83/18)

[19(الكهف 18/33)

[20(آل عمران 3/37)


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى