الأربعاء ٣٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٩
بقلم محمد الزينو السلوم

ظل الأفعى

أتجاوز «إلماح» أي التقديم، مع الكثير مما يفترض أن يقال عنه، وأدخل مباشرة فضاءات الرواية «ظل الأفعى(1)» للدكتور «يوسف زيدان(2)»، منذ البداية، يسأل «عبده» نفسه وهو يصعد الدرجة الثالثة من سلّم منزله، ساعة الغروب: آخرتها إيه يا عبده يا غلبان..؟ ويتابع الصعود واصفاً منزله المتلوم بلا هيبة، القابع بلا حضور مميز في المكان، وكيف استطالت من حوله العمارات، حتى بدا سطح المنزل مثل قاعٍ عميقٍ لبئرٍ لم يحفرها أحد، ومثل فناءٍ خلفيٍ للشواهق الثلاثة القبيحة التي أحاطت به بإحكام خانق.

ويستمر بمثل هذا الوصف الدقيق، التفصيلي، الشائق، وعند الدرجة العاشرة من السلّم الرخامي، يرى الدور الأول فيصفها أيضاً، ويعد بذاكرته إلى جدته العجوز التي قضت فيها عشر سنواتها الأخيرة، قبل وفاتها..كان حديثها دائماً عن إنجازات زوجها في تشييد هذا المنزل قبل أ توافيه المني يصل «عبده» سلّم الدور الثاني، يجتاز الدرجة العالية، الأخيرة، قبل الولوج إلى الشقة المقيمة بها امرأته، وقبل أن يدخل، يحدّث نفسه من جديد، وهو يلتقط أنفاسه: عندما أموت، هل ستقترن امرأتي الناعمة برجل آخر؟ هل سترتخي له؟ هل سيمر بباطن كفه الخشنة على أنحاء جسدها العاري الممدد بجواره؟ إيه يا عبده، يا مخلول. لماذا ترعدك هذه الخواطر والأفكار؟..هه..مشغول بما سيحدث عندما تموت! إنك الآن ميّت وأنتَ حيّ.. تدور كالترس في الفراغ، ليلكَ كئيب، ونهارك..لا أحد يهتمّ بكَ، يا مسكين، مع أنكَ لم تُقصّر في شيء..طيّب، الصبر عموماً طيّب ومطلوب، قد تتصلّح الأمور الليلة، وتكون آخرتها حلوة..(بهذا المونولوج الداخلي-وما أكثره في الرواية- يلخّص لنا الكثير من الواقع الذي يعيشه مع امرأته، ليدخلنا في أحداث الرواية لتتنامى فيما بعد..).

قبل أن يولّي وجهه نحو باب الشقة، تتسمّر قدماه، على الدرجة الأخيرة، يميل وجهه نحو بئر السلّم..ليرى بئراً أخرى-فارغة-كبئر الفراغ الذي يستقر منزله بقاعها، وبئر الفراغ التي انحفرت بداخله، خلال الأسابيع الماضية، بئر، ثم بئر، ثم بئر، ويسأل نفسه مرة أخرى:«متى سيخرج من دوّامة الآبار المتداخلة؟»..(حتى هذه اللحظة لم يدخل «عبده» شقته بعد، وجميع هذه الأسئلة «المونولوج الداخلي» جرت وهو يصعد السلّم). وأسأل نفسي: إلى أين يريد «عبده» أن يوصلنا بهذه التساؤلات..؟!

ينتبه «عبده» قبل ولوج الشقة إلى صوت امرأته الناعم، يأتي خفيفاً من الداخل، فيبيح لنفسه أن يلصق أذنه بالباب، ليستمع إلى الأغنية التي تردّدها ويسمع كلمات منها «محيطاً بلا نهاية/وحدي أنا/سأبقى ةأصبر/أفعى، عصيّة..». وكي لا يفجأها، وهي بوقفتها السامقة، الرائعة، ينقر الباب، نقرة خفيفة، تقترب من ناحيته وهي تترنّم، كالحلم، يرى رفرفة خصلات شعرها المتهدّل بنعومته الآسرة على كتفيها العاريين..كتفيها البضّين، البيضاويين، المنحدرين بانسياب سحري نحو مركز الإبط الدافئ، الممتدين بلون سحاب الصيف إلى حيث التقاء النهدين..في نهديها رقّة محيّرة، لهما ملمس أوراق الورد، وفيهما خلاصة الرحيق السماوي، كله..(إذن نحن أمام زوجة تمتلك مواصفات جمالية، جسدية، رائعة، ويأتي هذا الوصف على لسان زوجها «عبده»..! من هنا أتوقّع أن أكون في ما بعد أمام مشاهد وصفية، جسدية، مثيرة أكثر، وما كل هذا الوصف، على لسان «عبده» إلا البداية لما سنعرفه فيما بعد..).
يتابع "عبده" مشاهداته عن امرأته بوصف دقيق ومثير، ينمّ عن دراية بالفن الروائي والأسلوب الشائق في السرد، وتنامي الحدث، بلغة بديعة، فيها من الإثارة الكثير، والجرأة غير المألوفة في السرد الروائي عادةً، مما يجعل القارئ مشدوداً باستمرار لتنامي الحدث، مستخدماً اللغة الشعرية، والصور البليغة، والرمز، للتعبير عما يريد قوله، ومن هنا يُبرز الروائي قدرته في الوصف الجريء والمثير، لكن بلغة وبلاغة فائقتين.

يعود «عبده» بذاكراته للأمس القريب (قبل سبعة وأربعين يوماً، قبل الفجر) وهو في حضنها المتجرّد إلا من طغيان رغبتها المتأججة، الطامحة، إلى الإتاحة والمنح، كانت المرة الأخيرة (والكلام لعبده).. ويتابع وصفه لجسدها ولثيابها الداخلية وصفاً أخّاذاً، مثيراً..ويسأل نفسه:«إلى متى سيدوم هذا الحبس؟».

يعد بذاكرته ليوم التقيا من قبل، في حديقة المبنى الكبير، المسمّى مجمّع التدريب، حيث أُرسلا للتدريس، كلٌ من جهته..يومها هفا إليها، وصفا نحو جمالها..وأسماها«نواعم»، وقد ارتاحت لهذا الاسم بعد أن جرى ما جرى بينهما..كان ذلك قبل قرابة سبع سنوات، حيث تزوّجا..فلماذا أصبحت نعومتها، قاسية، قاصية، نائية عنه، موغلة في النأي..؟!ماذا لو اقترب منها الآن ولثم ما لثم؟ياالله، من أي مادة سماوية خُلقت هذه المرأة البديعة؟أسئلة، وأسئلة..

في غرفة نومها، وعلى السرير، بدا «عبده» يحاول، ويحاول..(يصف لنا مالا يوصف عادةً، وبلغة يعجز عنها الشعراء، وبأسلوب مثير، لكل حركة، ورد فعل منها، ومنه، بأدق التفاصيل التي لا تخطر على بال)إلى أن ينتهي عند الغاية والمنتهى. بعد ذلك تناديه:"عبّودي"وتضيف بدلال:عبدُ من؟أنتَ عبدي أنا..عبدي الصغير..عبّودي..

وجم، ثم عبس، وتوجّس، وطلب منها ألا تعود لمناداته بهذه الكلمة أبداً..ولكنها لم تأبه، وظلت تناديه كذلك..(كل ذلك يجري بينهما، ويصلنا بأسلوب، وصور، ووصف فيه من الإثارة ما لم يتوقّعه القارئ، وبلغة شعرية، بديعة، تجعلنا نعيش الحدث تماماً، وكأننا جزء منه..).

في(ص16) تسرّ في نفسها ك"إنّ ما يأتيني من خارج، باعثٌ لما هو كامنٌ أصلاً بداخلي.ففي منطقة عميقة مني، تكمن النقطة التي بدأ منها الوجود من النقطة التي خُلِق منها الكون..).

وكي تكتمل الحلقة بينهما، نأخذ بعض الأمثلة الأخرى من السرد الروائي نفسه..ومما يقوله وهو في غمرة الشهوة واللذة:(..شعر بالشلال يسّاقط ماءه، ثم لحظ انتفاضة خلاياها مع حرّ أنفاسه، فازدادت شجاعته، ازداد لهيب قبلاته بحركة طرف لسانه، ثم هبط بحمّى القُبل اللاهبة من موضع افتراق الناهدين، إلى حيث النعومة الخالصة..هبط بملهباته، ثم انحدر بها، فانتهى عند الغاية والمنتهى..).

وتسأل امرأته بعد لقاء حصلت فيه الغاية والمنتهى: (ماما، أين أنت الآن أيتها الروح السارية في العوالم القديمة؟ ماما، أخبريني، هل الآفاق التي تتقاذفني الآن، مع هذا الرجل الذي يكاد ينغرس بأرضي، هو ما ذكرته في رسالتك التاسعة، أهذا هو الجنس المقدس الذي كانت كاهنات الربّة، يمارسنه في المعابد؟).

ويضيف بصوت مسموع:«تلك ليلتي الأخيرة هنا، وبعدها ساحلّق نحوي، نحوك، لن أعود لما كنت فيه، ولن تعاودني شكوكي..ماما، خذيني..» ويٍلها«عبده»: تقصدي إيه بكلامك، بتكلّمي مين؟"لم يكن لديها الرغبة في الإجابة، ولا في أي شيء..دفعته كي ينزل عنها، تشبّث، توسّل، لكنه ارتمى كحطام سفينة قذفتها موجة عالية قل أن يصل غايته منها..
وفي متابعة لأحداث الرواية يمكن اختصار الكثير من وقائعها، والاكتفاء بالقول: اتصل جدها الباشا وجاء إليها في زيارة غير مرتقبة، فقد كانا هما يزورانه بالعادة كل فترة، ويجري بينهما حديثٌ حول رغبته بإنجاب ولد شقي من قبلهما..والاطمئنان على أمورهما المالية، وغير ذلك. لم يسبق له أن زارهما منذ الزواج..(كان الزوج على علم بالزيارة فقد زاره وطلب منه ذلك، واشتكى له من أحوال حفيدته معه، فلم يهتم الباشا بداية، إلا بعد أن أخبره بأمر الرسائل التي تصلها من أمها التي كان يكرهها، فقبل بذلك).

أخبرها الجد أنه على دراية بكل ما يجري بينهما..تستغرب حفيدته، يخبرها «عبده» عن زيارته للجد، وطلب التدخّل بينهما.يفاتحها الجد بمشكلته القديمة مع والدتها..يدور حوار يؤكّد فيه أن الأم مجرّد وعاء لا أكثر، وأن الأب والجد شيء واحد، وهما الأهم، وأنها تحمل اسميهما..وتؤكد الحفيدة أن مراسلتها أمها بسبب بعض الأسئلة التي تحتاج أجوبة عليها.. وتدافع عن أمها ما أمكن..يتفاقم الشجار بينهما بكلمات قاسية، خاصة من الجد، تخرج عن صبرها، وتكشّر عن أنيابها..بعدها يغادر الجد..ويعتذر الزوج لما حصل بينها وبين الجد.
(لا زلنا نلاحظ تكرار المونولوج الداخلي، من قبَلهما، وكذلك (الفلاش باك) العودة خطفاً للماضي، على شكل استعادة بعد الذكريات، وتكرار بعض الجمل التي تتضمن أفعال مضارعة متتالية، كقوله:(هيا..تجمّع، تشجّع، ابتسم، انطلق إلى غرفتها..).

يخرج الزوج من المنزل، يلتقي صديقه «نايل» في منزله مع «دلال» التي يراها عنده لأول مرة، ويدور بينهم حوار قلما يدور في مثل هذه اللقاءات، وتُظهر «دلال» جرأة وصراحة مملوءة بالحكمة والخبرة، ويتدخّل «نايل» ويعرّفه على "دلال"بأنها طالبة جامعة، وأنه على معرفة جديدة بها، وتغادرهما.

يتحاور «عبده ونايل»في أمور زوجته، والتي كان «نايل» يعرفها من قبل، يكشف له سبب برودتها عنه، والسبب يعود للرسائل التي تصلها من أمها، والتي فيها ما فيها..ويطلب منه العودة إلى المنزل ويعطيه "حشيشة"تصدر بخوراً يؤثّر على الأعصاب، ويقترح عليه أن يشعلها في الغرفة حيث تكون زوجته، لعلّ زوجته «تفرفش» (الحشيشة من ميّزاتها أنها تفرفش النسوان الزعلانين، حسب قول«نايل»).

ينفّذ الزوج كل المطلوب منه بعد أن يعود إلى المنزل، تشتعل الحشيشة ويبدأ الدخان على شكل بخور يفعل فعلته بأعصاب الزوجة، ومن خلال حوار هادئ، يحس «عبده» بتأثير البخور على زوجته، ويقترب من غايته منها، لكنها وللأسف تكتشف اللعبة، وتصارحه برفضها مضاجعته بعدما أدخل الجد فيما بينهما، وتصارحه أنها على وشك الرحيل عنه وعن عالمه..رويداً، رويداً، تأخذ الحشيشة مفعولها أكثر، يمسكها من يدها، تبدو مستسلمة..يسقط الكتاب من يدها، تمتلأ الغرفة بالدخان الناتج عن الحشيشة، تهيم امرأته في ملكوتها الباطن ونجواها..تقول في نفسها: «لا بأس، اليوم خمر، وغداً أمر.. في الغد سأبدا إبحاري الطويل، هجرتي إلى ذاتي، لحاقي بأمي..سأدع شهوتك تشويك، ولن أجعلك تنال مني يا..». ترفض مضاجعته بعنف، توبّخه بكلمات قاسية.. ثم تضيف بأسلوب أكثر ليناً: «ابتعد واتركني قليلاً، وحدي سأتصاعد مع خيوط الفجر، أتسامى، أعلو من أرض الغرفة إلى سمائها، من جوارك إلى جوهري، من تمدّدي إلى مددي الآتي من وحي الأنثى المطمور عبر العصور..الخ».وتعود مرة أخرى لتكيل له الكلمات اللاذعة والقاسية.

برغم كل ما جرى لم يزل عبده ينتظر تأثير الحشيشة على امرأته أكثر مما هو عليه، فخبرة"نائل"ليست بالقليلة، وللبخور بركاته الكثيرة.. اعتقد من جديد أنها هدأت أكثر من ذي قبل..بعد قليل ستنفك..راح"عبده"يركّز على عينيها بنظراته المليئة بالشهوة العارمة..فمنها ستأتي إشارة البدء..راح يتصوّر الحالة التي سيعيشانها بعد ذلك..راح يحلم ويحلم..راح يتذكر الليلة الوحيدة التي أمضاها معها من سنوات..وكيف، وكيف..!

أحسّ «عبده» أن امرأته في حالة غيبوبة تقريباً، بدأ يفكر بالانقضاض عليها، وقال في نفسه:«كن ثعلباً الآن، لتصير أسداً بعد قليل»..بدأ يمدّدها ويرفع الثوب عن جسدها، بدت له نائمة تماماً..عاد ليسأل نفسه، كما يفعل في كل مرة:«هي بالتأكيد مُلْتذّة مما يجري، وهي أشهى وهي مرتخية..حاول مضاجعتها، وكاد أن يهمّ بها..تنتفض من هول المفاجأة، تطلق أظافرها لتخمش وجهه المرتجف..يجري عراك بينهما، لكن في النهاية ينال منها مأربه، ويصل لغايته المنشودة..انتهى كل شيء وهو يرفّ، وهي أفعى تلتفّ.».بعدها راح «عبده» يغط في نومٍ عميق.
بعد سويعة، قفز «عبده» مرتجفاً، على صوت المؤذن لصلاة الفجر، ظنّ أنه الحلم المفزع، يتحقق، الحلم الغبي الذي يأتيه دوماً، آخر الليل، هيتدخل عليه، عارية، بيدها مشرط رهيف، تميل بهدوء نحوه، هو عاجز عن الحركة تماماً، تفصل بالمشرط خصيته، تدسّها في فمه..
كانت امرأته تُغلق شنطتها الكبيرة، تستعدّ للخروج من المنزل، يقترب منها، ينتزع الملف الذي يحتوي على أوراق بيضاء، بعد عراك طويل، ينتزعه منها..يقول في نفسه:"لا شك أن هذه الأوراق هي رسائل أمها الملعونة"، تتناثر الأوراق على الأرض، يتمزق بعض منها..يلتقط ورقة، يحاول فضّها، كأنه يفض بكارة كانت من قبل عصية عليه..يباغت بضربة على رأسه..يحس بدوار، يفقده وعيه..آخر ما رآه، بصقة منها باتجاهه، وهي تغادر المنزل..
بعد غيبوبة، يفتح عينيه، ليرى ضوء الشمس وقد افترش الأوراق التي تفترش أرض الغرفة..يحاول النهوض وجمع بعض الرسائل غير الممزقة، يبدأ بقراءتها..
*
نأتي إلى الرسائل التي تأخذ نصف صفحات الرواية، وهي غير متسلسلة وتحتوي على نصائح من الأم لابنتها، وهي تشكّل النصف الآخر من الرواية، وبالتالي تحتاج إلى قراءة متأنّية، لأن فيها الكثير..وإذا كان الجزء الأول من الرواية يمثّل في نظر"عبده"المرأة الأفعى، فالرسائل تمجّد الأنثى، تأكيد لمقولة الأم(الذي ذكّر المذكّر، أنّث المؤنّث).وإذا كانت الزوجة قد دافعت عن نفسها وعن أمها أمام الجد والزوج، ودافعت عن المرأة بشكل عام، فإن الأم تدافع من خلال الرسائل عن الأنثى دفاعاً قوياً، مبنياً على أسس فيها الكثير من الصدق والصحة..وسأشير إلى ما تضمنته بعض هذه الرسائل.

تتحدث في إحدى الرسائل عن الأنثى التي يطلقون علها أحياناً لقب «الأفعى» على أنها غير شريرة، وأن عدداً كبيراً منها غير سام، وهي ذات جلال وجمال، وفيها من القدسية الكثير..وهي لا تقاتل إلا للدفاع عن النفس..اكتشِف في فلسطين أكبر هيكل مخصص لتقديس الأفعى، وحتى أن اسم (حيّة) بالعربية (مشتق من الحياة) والحيا في اللغة هو المطر والخصب..
وفي رسالة أخرى تحدّثها عن الأنثى التي عبدها العرب قبل الإسلام ومنها (اللات والعُزّى، ومناة..وقد ورد ذكرهن في سورة النجم في القرآن.. وفي رسالة أخرى(قد تكون أول الرسائل) تتحدث الأم عن الرحم المقدّس الذي انبثق منه الوجود.. وفي رسالة أيضاً تحدّثها عن اللغة العربية وأهميتها، وخاصة وأن فيها بعض الدلالات مضادة لألفاظها، مثل (الجون) وهي تعني الأبيض والأسود، ولفظة (القُرء) التي تعني الطهر من الحيض أيضاً..وهناك عجائب أخرى في مفرداتها مثل كلمة (المرأة) التي لا تُجمع..وهناك رسائل أخرى يضيق المجال لذكر مضامينها.وتنتهي الرواية بانتهاء الرسائل، وبدون أي خاتمة، حيث تبقى مفتوحة، دون نهاية..
وأخيراً لا بد من القول: إن رواية ظل الأفعى للدكتور يوسف زيدان، من الروايات العربية الجديرة بالقراءة والتحليل والنقد لما فيها من شطحات فلسفية، ومونولوج داخلي، و(فلاشات باك) أي الخطف سريعاً للخلف، ووصف دقيق وجريء، ينمّ عن ثقافة ووعي وولوج فضاءات واسعة في عوالم المرأة، من خلال تفاصيل قد لم يسبقه إليها أحد، حتى أنه اقتحم غير المألوف في كثير من صفحات الرواية، لكنه لم يستخدم في وصف الجسد وما يلوذ به، إلا لغة شعرية، ارتقى فيها إلى الوصف بدلالات لغوية جديدة، بعيدة عن اللغة التي فيها ما فيها، وكان موفّقاً غاية التوفيق في ذلك..!

(1)-د.يوسف زيدان: وُلِد بسوهاج ونشأ بالإسكندرية-تخرّج في قسم الفلسفة بكلية الآداب(1980)وحصل من جامعة الإسكندرية على درجة الماجستير في الفلسفة الصوفية(1985)ثم الدكتوراه(1989)ودرجة الأستاذيّة في الفلسفة وتاريخ العلوم (1999).يعمل مديراً لمركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية-عمل سابقاً مستشاراً لمركز معلومات مجلس الوزراء، ومستشاراً غير مقيم للمجمع الثقافي بأبو ظبي، مشرفاً على عدة سلاسل كتب أصدرتها(الثقافة الجماهيرية-دار الأمين – دار الشروق.

أصدر خمسين كتاباً منها:شعراء الصوفية المجهولون-ديوان عبد القادر الجيلاني-ديوان التلمساني.تُرجمت بعض أعماله إلى عدة لغات، وفازت بجوائز دولية، منها:جائزة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية/مؤسسة الكويت للتقدم العلمي(1994)، وجائزة التراث العلمي العربي:مؤسسة الكويت للتقدم العلمي(2005).

(2)-رواية ظل الأفعى: تتألف من (126)صفحة من القطع الوسط-تتضمن عدداً من الفصول غير المعنونة-إصدار روايات الهلال في القاهرة عام 2006 –تأخذ الرسائل حوالي(50)صفحة من الرواية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى