الخميس ٢٥ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم رياض ثنيو

لِمَن يريد فعلا أن يكون

إنني موجود أحيا بين ظهرانيكم، إنها حقيقة لا أحد بإمكانه نكرانها، أشاطركم زادا اْنتم منه تقتاتون، و شرابا اْنتم منه ترتوون، و نعمة تحيون بها و لكنّكم لا تاْبهون، و أشياء أخرى مما تعلمون و مما لا تعلمون.
في اعتقادكم هل وجودي هنا هو لمجرّد أن أكون؟ لعمري إنه سؤال ينزح بي إلى الجنون، إني اْشغل حيّزا، و حيّزي محدود في العيون، إذن هي علبة كل شيء فيها بقدر و قانون، لماذا وجدت الآن؟ لماذا في هذا المكان؟ لماذا بالذّات أنا؟ شخصي خائف حيث ما من شيء حوله يبرّر الأمان في اْيّ زمان، أسئلة هكذا كانت تحيّرني حتى أجابني عنها اليقين.

كلّنا في اختلاف متشابهون كما أننا في شبه مختلفون، نمثّل الجديد في القديم،كما اْنّنا نلعب اْدوار القديم فيما سيكون جديد، و في كل هذا لست اْدري هل السّرعة هي التي تحدّنا، أم نحن نحدّدها، أم كلانا مخبول و الحقيقة سكون؟

نعدو و نعدو حتى صار العدو غايتنا في هذا الوجود، و بما اْنّنا قُصَّر فلابدّ لمعلمنا الذي لا يفتقد إلى نقطة بداية من نظيرة لها تمثّل النّهاية، و ما نحن إلا نقط تسهم في تشكيل المنحنى البياني الذي نجهل عنه اْبسط المعلومات و أدنى الحقائق،و المثير في الأمر اْنّ هذه النّقط تولد مشعّة ثمّ يطمس نورها ما عدا عددا يسيرا منها بريقه اْزليّ لا يخفت، و ما اْخالها إلاّ قرائح الشخصيات العظيمة التي استطاعت أن تخلّف بصماتها الراسخة في سجلّ الحضارة الإنسانية.

و في هذا الصّدد اْودّ المناشدة و الحثّ على اجتناب ذلك الخطاْ الذي اْعدّه شنيعا، و الذي ما يزال معتمدا في تقدير الأعمار، فجميع البشر يتّفقون معي في اْنّ العقل البشري الّذي عجزت أحدث الاْجهزة الكشف عليه هو ميزة الإنسان الفريدة، و من هذا المنطلق كان اْحرى و اْجدر أن يُرفق كل حامل له بعدّاد حسّاس يرصد الزمن الذي يشتغله هذا الجهاز الجبّار الذي عطّله الكثير من الناس عندما آثروا عيشة البهائم باتّباعهم الغرائز والشهوات، حتى أضحى عمر هذا الكائن المختار مرهون ببقاء جسم يُنهك ثمّ يُترك.

ومن ثمّة فالعمر الفعليّ لدى كلّ فرد من البشر إنّما يُقدّر في نظري بالزّمن الذي اشتغله العقل الّذي يحمله، و ما دون ذلك إنّما هو فراغ و هدر لاقيمة لهما، فأعجب كلّ العجب من مقارنة لا يمكن باْيّ حال من الأحوال إجراؤها بين كائنات متباينة الأصول و إن أراد بعضهم توحيدها، و العقل البشريّ أمانة حملها الإنسان بينما أبت سائر المخلوقات حملها، لذلك وجُب على من تحدّى بحمله تشغيله وعدم تعطيله لأنّه عليه مسؤول.. على كل حال هذه كانت رؤيتي فيما ينبغي لمن أراد فعلا أن يكون.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى