الخميس ١٥ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم عظيمة ريحاني أردبيلي

الشعر الکویتي ودور المرأة في تطویره

من سنة 1901 حتّی الیوم

الملخص

تهدف هذه المقالة الی دراسة الشعر الکویتي ودورالمراة في تطویره بدأً بالبدایات الشعر في الکویت ثم العوامل التي اسهمت في تطوّر النهضة الادبیة في الکویت والاشارة الی مراحلها وکذلک الاشارة الی بدایة رحلة المراة في الکویت مع الشعر والادب وظهور الحرکات النسائیة والمنظمات والاندیة وسائر الانشطة ثم دراسة نصوص شعریة للمرأة الکویتیة.

الکلمات الرئیسیة: النهضة الادبیة في الکویت، الشعر الکویتي، المرأة

المقدمة

کانت منطقة الخلیج الفارسي وشبه الجزیرة العربیة متأخرة عن رکب الادب والثقافة في الادوار السابقة کما أنها لیست معروفة بمشارکتها الثقافیة فی مطلع هذا العصر. حینما هاجر الناس الی الکویت في أوائل القرن الثامن عشر ونشأت الدولة في ظل بیئة فقیرة ولم یکن للادب والحرکة الادبیة أثر فیها (فتال وسکري ، ص370 ) بظهور النفط، أصبحت الکویت تعد من المدن الصناعیة وهذا النوع من المدن ظاهرة حدیثة نوعاً ما بالمقارنة مع المدن الأخری. وهي لا تحدد بوجود مهارات صناعیة بل بکونها بنیت في المقام الأول علی الانتاج الصناعی وهذه المدن في البلاد العربیة بنیت علی صناعة النفط وتتمیز بوجود نسبة ضخمة من العمال الأجانب فیها.(برکات ص90) الأدب في الکویت لم یحظ باهتمام کبیر کما حظي غیرها من البلدان فلم ینل نصیبه بالقدر الکافي ولا سیما أدب المرأة والشعرالنسوي بحیث لاتوجد دراسة وافیة في هذالمجال حتی الان وقد تمّ امّهات الکتب التراثیة الکویتیة نشرها فی الفترة الأخیرة والأدب الکویتي قد شهد جمهرة من النساء الشاعرات اللواتي أبدعن شعراً کما ابدأ الرجال طوال السنین. فالأدب لدی المرأة مرتبط بالعوامل الذهنیة والنفسیة والأمور المتعددة الأخری أهمّها عاطفة المرأة وإحساسها، فهي أرق عاطفةً وشعوراً من الرجل وأقدرمن الرجل علی التعبیرعن إحساسها وشعورها وأحزانها وکلامها یتّصل بالقلوب مباشرة دون أن یحتاج إلی تزویق أومحسنات أوغیرذلک. تتمتع المرأة الکویتي من دورٍ بارز في نشر الحرکةالأدبیة في الکویت وتنتقل بهذه الحرکة إلی آفاق بعیدة حتی وصل إنتاج بعضهنّ إلی العالمیة.لهذا نجد أن الشعر في هذا البلد بدأ بالشعر العامي کما أن النثرکان ولید المرحلة التي ظهرت فیها المجلات الأدبیة وأقدمها کانت مجلة «الکویت »وهي عبارة عن بحوث دینیة إجتماعیة ومواضیع مختلفة ذات صلة بقضایا الکویت والدول المجاورة لها .(حاتم ص24)
هذا البحث کشف النّقاب عن أدب المرأة والشعر النسوي في الکویت وکشف عن خصائصه الفنیة من خلال الشعر منذ عام 1901 م حتّی الیوم. وفي الأخیر أنا آثرت المرور علی طائفة من الشاعرات الکویتیات واشعارهنّ، کالشاعرة«موضي العبیدي»، «سعاد محمد صباح»، « عالیة شعیب» «جنة القریني»، «خزنة بورسلي» و« غنیمة زید الحرب».

بدایات الشعر فی الکویت

من خلال الدراسة لتاریخ الحرکة الشعریة فی الکویت نستطیع أن نقسم الشعر الرایج آنذاک الی قسمین: الشعر الذي کان یکتب باللهجة العامیة والشعر الفصیح العمودي وینقسم الشعر العامي الی نوعین: الشعر النبطي (الشعر البادیة) وشعر أهل المدینة. «أمّا الشعر الفصیح لم یحدّد له تاریخ معیّن لقلّة المعلومات في هذ المجال ومن خلال الدراسة لکتب الباحثین مثل: «أحمد الشرباصی»،«فاضل خلف» و«خالد العدساني» وکذلک الباحثة «عواطف خلیفة الصباح» وغیرهم نشاهد بأنّهم قد أجمعوا بأنّ الشاعر«عبدالجلیل الطباطبائی» هورائد الحرکة الشعریة في الکویت وهوشاعر الکویتي الأوّل، وهوالذي ترک أثراً ملحوظاً في الکثیر من الدواوین الشعریة والکتب الأدبیة وإستطاع أن یطلع الکویتیین علی روائع الشعر القدیم» (خلیفة،ص12) و« هم یعتبرونه شاعراً کویتیاً وذکروا بأنه ربما یکون عراقیاً أوقطریاً أوبحرینیاً وهذا لیس بغریب لأنّ یوجد هنا التنازع بین الشعراء وصعوبة انتساب الشاعر الی بلدٍ معیّن».(عبدالرزاق،ص10)

« الشعر الفصیح في بدایاته لم یبدوعلیه التکامل الّا أنّها أخذت فی النّمووالتوسع شیئا فشیئا الی أن تکونت ثورة ادبیة کویتیة کبیرة إذا ما قورنت بالأقطار العربیة الاُخری وأکثر نصوص الشعریة الکویتیة تعود إلی منتصف القرن التاسع عشرفإن حصیلة هذه الفترة الزمنیة القصیرة تعد کبیرة بالقیاس إلی ما خلّفه التاریخ الأدبي الطویل من شعراء الأقطار الأخری».(عواطف،ص34)

هناک شعراء آخرون یماثلون عبدالجلیل الطباطبائي في توسیع الحرکة الادبیة کالشاعر «عبدالله الفرج» «الذي کان له مکانته في الحرکة الشعریة الکویتیة وله دیوان کبیر ویعتبرهوو«خالد العدساني» من المبتدین القدامي فی الشعر الفصیح في الکویت».(طلال ص20)

ومن الشعراء الکویتیین في القرن التاسع العشرنستطیع أن نذکرأیضاً الشاعر«خالد بن محمد آل فرج» الّذي خلّف آثاراً ادبیّة قیمة ،منها:دیوانه وکتابه «أحسن القصص » وله عشرات المقالة والبحوث»(محمد حسن ص 10) امّا في النصف الثاني من القرن العشرین والّذي تزامن مع ظهور النفط ، «فقد حدث فیه انقلاب کبیر في جمیع مجالات الحیاة الثقافیة والادبیة بشکل عام وتفتّحت في الکویت مواهب کثیرة من الشعراء الّذین إنتقلوبالشعرالی مواکبة الأحداث العربیة والاسلامیة منهم:«عبداللطیف النصف»و«محمود الأیوبي» الّذین تطرقوا إلی القضایا العربیّةخاصّة القضیّة الفلسطینیّة والتحریر والوحدة».
امّا الادیب «احمد بشر الرومي»فقد کان له الید الطولی في جمع الکتب والتألیف .«وبدأت مع إندلاع الحرب العالمیّة تدفّق المدّ القومي والتبادل الثقافي وظهورعددکبیرمن الشعراء الّذین ساهموا في تطویر أغراض الشعرأسالیبه». إنّ اکثر الّذین درسوا الشعر الکویتي قد أجمعوا علی مراحل مختلفة بهذه الحرکة وبما انّ هذه المراحل الّتي مرّت بها الحرکة الأدبيّة في الکویت کانت ذا أثر کبیر علی تطوّرأدب المرأة نوعاً ما، لابدّ أن نذکر تلک المراحل باختصار حتّی تتکون صورة واضحه عن مسیره الحرکة الأدبیه في الکویت الی زمنها الحالي.

المرحلة الاولی:

هي التي بدأت من النصف الثاني للقرن التاسع عشر و« تتّسم هذه المرحلة بالتصنّع والتکلّف من حیث الشکل وکانت اغراض الشعر امتداداً للأغراض الشعریة العربیّة القدیمة من مدح ورثاء وتشطیر وتخمیس والغاز. ومن الذین مثلّوا هذه المرحلة نستطیع أن نذکر السید الجلیل الطباطبایی». (خلیفة ص20)

المرحلة الثانیة:

تبدأ مع مطلع العقد الثالث من القرن العشرین وهی مرحلة ازدهار وتحوّل، حیث «شهدت البلاد خلالها تطورات کبیرة منها إنشاء المکتبات والنوادي الأدبیة وتغیر نظام التعلیم واصرار الصحف والمجلات والاحتکاک بالأجانب والاروبیین وقطعت هذه المرحله أشواطاً طویلةً في مجال التحرک الفکری. تمیّزت هذه المرحلة بظهور «عبدالعزیز الرشید» في الساحة الکویتیة الشعریة».(عواطف ص31)

المرحلة الثالثة:

«بدأت مع اندلاع الحرب العالمیة ولعبت الصحافة دوراً بارزاً في خلقها وکذلک إشتراک الأساتذه في مجال البناء العلمي والتعلیمي وارسال البعثات وإصدار مجلة « البعثة» ثم مجلة «کاظمه» وإعادة إصدار مجلة «الکویت ومجلة الرائد».

فالمجلات لعبت دوراً اساسیاً في ولادة هذه المرحلة المهمة من تاریخ الأدب الکویتي» .(عواطف ص33) ومن ابرز الشعراء في هذه المرحلة «احمد العدوانی» و«احمد المشاری».

المرحلة الرابعة:

تمتاز هذه المرحلة بصدور مجله «العربي» عام 1958و« قد تفتحت مواهب أدبیة جدیده في هذه المرحله، منهم «علی السبتي» و«خالد سعود الزید» و«خلیفة الوقیان» والشاعرة الدکتورة« سعاد محمد الصباح» و«نجمه ادریس» و« خزنة بدر بورسلي» في مجال الشعروالمسرح».

المرحلة الخامسة:

هي التي تبدأ من أوائل التسعینات من القرن الأخیر وتستمرّ إلی هذه الأونة الأخیرة من تاریخ الادب الکویتي وتتسم هذه المرحلة بازدهار أدب الحرب وحکایات المقاومة .« إنّ المرأة في تلک الفترة استطاعت أن تخلق آثار أدبیة رائعة في قوالب الشعر والنثر».

العوامل التي أسهمت في تطور النهضة الأدبیة في الکویت:

إنّ لکل نهضة أدبیة أینما کانت ووجدت عوامل ساهمت في خلقها وتطورها ، وهذه الحالة تنطبق أیضاً علی النهضة الأدبیة في الکویت. فقد کانت آنذاک عوامل مهمة دفعت هذه النهضة إلی الأمام وساعدت في تطورها وظهورها علی هذا المستوی. منها خمسة عوامل أساسیة و« هي :

  1. أثر حرکة التعلیم وإنشاءالمدارس والنوادي الأدبیة والمکتبات.
  2. أثر الحرکة الاقتصادیة والتجاریّة.
  3. أثر الحرکة الصحافیة.
  4. أثر الاحتکاک بالثقافات الأخری وخاصة بالأروبیین وازدهار حرکة الترجمة .
  5. واخیراً یأتی دور تاسیس الربطه الأدبیة ومن ثمّ رابطة الادباء الکویتیین.کل هذا کان له أثره ودوره البارز علی انقتاح الکویتیین علی العلم ووقوفهم علی المصادر الأ دبیة والثقافیة القیمة والمتنوعة.»

کیف بدأت الحرکة الشعریة النسائیة في الکویت؟

عاشت المرأة الکویتیة في ظلّ مجتمع الغوص والسفر عیشة متخلفة ،فهي لا تعرف القراءة والکتابة ولا تشارک فی الوظائف العامة ولا تعامل بکرامة تلیق بشخصیّتها وانسانیّتها وکان ینظر الیها فی ظلّ قیم أشبه بقیم الجاهلیة وعلی رغم تمسک هذا المجتمع بالقیم الاسلامیة ولکنه وفی جوانب معیّنة خاصة فیما یختصّ بالمراة ،قد تأثّر شدیداً بما أخذه من عصور التخلّف والانحطاط الجاهلي .

فکان موقع النساء في تلک الأوقات خلف الابواب قابعات فی دورهنّ ، محرومات حتی من ابسط مشاعر الحبّ .«والمجتمع الکویتی مثل بقیة المجتمعات العربیة یعاني من الفوارق بین الجنسین ،خاصة في النشاطات القتصادیّة والادبیّة .وکانت تعزز القیم والتقالید الدور الممیز للرجل ویتحدد دور المرأة الاجتماعی في النشاط العائلی والتربوی ولکن رغم العوامل الکثیرة والتقالید والعادات التي أبعدت المرأة من المراکز المهمّة الحساسة، ولم تسمح بتعلیمها أدبیاً وفنیاً، نجد المرأة الکویتیة التي أفلتت من هذا الحصار العتیق الاجتماعی ولکن لیس بالعدد الکبیر الذي یلفت الأنظار حیث نصادف في فترة مبکرة أثناء دراسة أدب المرأة في الکویت وقبل حدوث التغیرات الاجتماعیة والاقتصادیة والتطورات الذي أحدثها ظهور النفظ والعوامل الاخری، بالشاعرة «موضي عبدالعزیز العبیدی» التي تعتبر اول شاعرة کویتیة عرفها تاریخ الأدب الکویتي وذکرتها مصادر ومراجع ادبیة کثیرة » ونستطیع أن نذکر الفترة الممتدة ما بین1940 و1970 م بأنها مثلّث بدایة ظهور الجیل الجدید للمرأة الذي بدأ به بعد حصوله علی التعلیم العالي ونلاحظ عند دراسة هذه الحرکة الأدبیة بأن مضت السنون علی اول شاعرة واول معلمة، حتی شهدت الکویت السیدة الثانیة في کل من المجالین المذکورین. فهناک فاصل زمني کبیر إمتد أکثر من 30 عاماً بین الشاعرة موضي العبیدي والشاعرة التي تلیها وکان ذلک مصاحباً للتغیرات الاجتماعیة والاقتصادیة مثل الحرکة النسائیة والثقافیة وااکتشاف النفظ وظهور النوادي الأدبیة.

إنّ الحرکة النسائیة بدأت في الکویت في أواخر الأربعینات وأوائل الخمسینات متأخرة نسبیاً فلم توجد تنظیمات أوجمعیات نسائیة قبل الاستقلال حتی هذه الفترة قامت به النساء أنفسهنّ مطالبة بالحریة والسفور وحق العمل في طور الحرکة النسائیة في الکویت منادین بحریة المرأة. وبدلیل هذه الموجة الکبیرة التي حدثت آنذاک اثمرت جمعیات ومنظمات متعددة.

و« في الأونة الأخیرة نشاهد ما یقارب عشرة منظمات وحرکات خاصّة فقط بالنساء مع أکثر من مئة عضوثابت وفعّال في هذا الجمال».

سیر ذاتیة ودراسة النصوص الشعریة للمرأة الکویتیة

1- الشاعرة الکویتیة «موضي عبدالعزیز البراک العبیدی »:

اوّل شاعرة کویتیة نصادفنا خلال دراسة مسیرة المرأة الأدبیة في الکویت بعدأن عرفت الکویت کیانها وتاریخها هي الشاعرة موضي العبیدي و«علی الرغم من اصلها الذي یرجع إلی قبائل سعودیه من نجد الاّ انه لجوء قبیلتها إلی الکویت وبقائها هناک ومن ثم زواجها من بعض الأسر الکویتیة العریقة. وکذلک شهادة کتب ومراجع أدبیة یدلّ علی کون الشاعرة موضي العبیدي، تعدّ اوّل شاعرة کویتیة یعرفها تاریخ الکویت ویشهد لها ولکن لم یبق من شعرها الکثیر. أما عن أصل أسرة العبیدی فهي قد إنحدرت من نجد إلی الکویت في اوّل القرن التاسع عشر. تربّت في حجرأبیها وعاشت موضي العبیدي في هذا البیت مع زوجها الاوّل ثم زوجها الثاني وقد أنجبت موضي العبیدي ثمانیة عشر ولداً ومن هناک تعلمت مبادي القراءة والکتابة وحفظت شعراً من القصائد. وکان اوّل انشاد لها من الشعر قصیدة کتبتها تدعوفیها ابنتها بأن ترجع إلی بیت الزوجیة وتقول لها بأن زوجک رجل شجاع ویحب علیک أن لا تخرجي عن طاعته»(جلداوی ص199)

یا وفت ونت فهد بن فرحان
علی غزال همله من تضابه
مدامعه تجري من فوق الوجان
وخطرعلیه أن یشقق أثیابه
أبوخدود کانها الرمان
وأبوأردوف شایلات1 ألقابه
لیقام یمشی یشتکي تعبان
من زود ردفین یتلونه

وکان أحد جیرانها یعطف علیها وقت الشدة وعلی هذا الإحسان ردت الشاعرة
بقصیدة فقالت:

بیاض یلّی وصلّني بالغنیمة
ابومسعد یعلّه2 بالجود یلقاه
الّلي عزّ حقي شیمة
ویدري إنّي من الشین ملفاه
یالله عسی الدهر ما یضمیه
وأخوه علي یعلّه بالجود یا خاه
ویرزقه الله بزوجة حلیمة
بعد أم یوسف راحت بجافاه

نستطیع من خلال هذه الأبیات الوصول إلی ذات الشاعر وشخصیتها الکبیرة وفهم نفسیّتها ونوعیة معدنها فأرادت ردّ الجمیل حتّی بکلام بسیط تعبّربه عن مدی شکرها وإمتنانها کما وهي کانت طریقة مرسومة في فترة من تاریخ الجزیرة العربیة .

إنّ أغراض الشعر المستخدمة لدی الشاعرة لا تتوقف عند حد المدح والإرشاد بل تمتدّ حتی تصل إلی الهجاء ثمّ الی الرثاء والمرثیة الّذي هوأکثر أغراض الشعر المستعمل لدی المرأة واحب إلیها لانّه صادر من القلب ونابع من الإحساس وأقرب إلی العاطفة وموضوعه یکون غالباً حول وفاة أوفقدان شخص عزیز علی القلب وبعید عن العین والنظر.

« الشاعرة لم تکن باستثناء عن غیرها من شاعرات الجاهلیّة وصدر الإسلام والعصر الحدیث فحین تفقد ابنها الأوّل «عبد العزیز » تتفجّر قریحتها فی الرثاء وتنشد أبیات معبرة عن ما ألم بها من حزن وهي تبکي لولدها»:(احمد ص395)

یا بوسعد عزي لمن ضاعت أرباه قلبه حزین ودمع عینه یهلّي
یسهرطوال اللیل والنوم ما جاه في مرقده کنه بجمر یملي

2- الدکتورة الشیخة سعاد محمّد الصباح:

إذا ما تحدّثنا عن الشعر في الکویت خاصّة شعر المرأة ،لابدّ أ ن نذکر اسم سعاد الصباح الّتي أصبح اسمها ملازما للشعر الکویتي والعربي من خلال ماقدّمته من کتاب وقصائد ودواوین شعریّة من اوائل الستینات إلی یومنا هذا.

ولدت الشاعرة في 1942 م في العراق(فوزی ص107) وهي البنت البکر لوالدها الشيخ محمد الصباح وهي تنتمي لأسرة عربيّة کبیرة ،ذات سلطان سیاسي وثراء مادّي کبیر،«تلقّت علومها الأوّلیة في مدرسة الخنساءوفي ثانویّة المرقاب للبنات بالکویت .بدأت بالکتابة وهي لم تتجاوز الثالثة عشر عاماً،ثمّ جمع قصائدها فی دیوان نشرته عام 1963 م تحت عنوان «من عمري »،وکان اوّل دیوان لإمرأة خلیجِیة یصدر فی ذلک الحین .
تزّوجت وهي في ثانیة ثانوي من إبن عمها الشیخ عبد الله المبارک الصباح في عام 1965 م فکان زوجها رجلاً مثالي یومن بالعلم وبحق المرأة في طلب العلم.

تابعت دراستها وهي متزوّجة وأم، إلتحقت بجامعة بیروت والقاهرة ودرست الإقتصاد وحصلت علی بکالوریوس إقتصاد ثمّ دکتوراه من جامعة ساري جلفورد البریطانیة .»(جلداوی ص206)
تأثّرت في بداياتها کغیرها بالمتنبي وأبي تمام ومن ثمّ بشعراءالمهجر اللبنانیین وبشوقي وفی أواخر الخمسینات بنزار قباني الّتي تعتبر الشاعرة نفسها تلمیذة في جامعته .

وإلی جانب إهتماماتها المتعددة من أکادمیة وبحثية ومهنیة وإجتماعیة ،لم یتوقف نتاج سعاد الصباح یوماً بل علی العکس ،ففي خلال أربعین عاماً نشاهد وتیرة متصاعدة وباستمرار ،فما عدا السبعینات حیث لم تنتشر سوی دیوان واحد «أمنیة،1971»کانت العقودالأخری غنية جداً بالعطاء الشعري :ثلاثة دواوین في الستینات «ومضات باکرة»، 1961»،«لحظات من عمري،1961»و«من عمري،1969» وأربعة دواوین في الثمانیات «إلیک یا ولدي »،«فتافیت إمرأة ،1987»،«في البدءکانت الأنثی ،1988»و«حوار الورد والبنادق ،1992» وستة دواوین في التسعينات «برقیات عاجلة إلی وطني ، 1990»،«آخر السیوف ،1992»،«قصائد الحب ،1992»،«إمرأة بلا سواحل ،1997»،«خذني الی حدود الشمس،1997»وأخیراً«القصیدةأنثی والأنثی قصیدة ،1990».(معجم البابطین ص365)

« في شعر سعاد الصباح تداخلت وتمازجت قضیتان مترابطتان،هما قضیّة تحرر المرأة وتحرر الوطن العربي .ففي الأولی یتداخل ذلک الصراع بین الرجل والمرأة وعلی الرغم من هذا الصراع نشاهد الحب الجامع بینهما ،وهوحبّ کبیر وفي الثانیة الحمیة القومیة وحبّها العمیق لوطنها .هذا ما تقوله الشاعرة في مطلع قصیدة «قصیدة حبّ »:(محمد الصباح ص 29)

أکتب إلیک هذه الرسالة
ولا انتظر جواباً علیها
جوابک لا یهمّ کثیراً
المهمّ هوما اکتبه أنا ...
إن الکتابة عندي
هي حوار أقیمه مع نفسي
قبل أن أقیمه معک...
أنا أستطیع أن أستحضرک
دون أن تکون حاضراً

ومن خلال هذه النمازج الشعریة ،نستنتج بأنّ الشاعرة« إستفادت من إیحاءات الفلسفة الصوفیّة والمتافیزیقیة في العبور بأشعارها إلی الافاق الّتي یلتقي عندها العالم المرئي بالعالم غیر المرئي وإستطاعت بذلک أن تتوغل في أعماق النفس البشرية .
وأخیراً أذکر أجمل ما قالته الشاعرة في هذا المجال :(محمد الصباح ص 7)

وکلماتي أحرف من الخيال
ونبض قلب عاش یبغي الکمال
یقدّس الحب ویهوي الجمال
الشعر في الروحي أعز إبتهال
لربّة الإلهام ذات الجلال

3-الشاعرة غنیمة زید الحرب:

ولدت الشاعرة في الکويت عام 1949م ،لعائلة عریقة ،ورثت عن أبیه موهبة الشعر وتأثرت به شدیداً ،بدأت الشاعرة بکتابة الشعر منذ الطفولة متأثرة بوالدها وبالجوالشاعري الّذي عاشته ونشرت محاولاتها الأولی في صحيفة المدرسیة وکانت معظم کتاباتها الأولی وطنیة وقومية .«أکملت تعلیمها الثانوي بتفوق ثمّ حصلت علی لیسانس آداب ، وعلم النفس والإجتماع من جامعة الکویت وهي تأثّرت کغیرها بشعراءالمهجر والعذریین ،هي بدأت بنشر قصائدها في الصحف الیومیة وفي مجلّة بیان .إن أوّل عمل أدبي لها کان دیوانها وجمعت الشاعرة فیه قصائد والدها المرحوم ومن ثمّ أربعة دواوین شعریة في التسعینات». (مجلة الکویت ص 86) وهم:

1-قصائد في قفص الإحتلال «1991»
2-هدیل الحلم «1993»
3-أجنحة الرمال «1993»
4-في خيمة الهلک «1993»

« قدّمت الشاعرة في هذه الدواوین قصائد رائعة تتغنی بالوطن والأرض والحبّ والجمال والحرب والصلح والشهداء باسلوب یتمیزبالوضوح والإحساس الصادق والسلاسة .کما وتطرقت الشاعرة کغیرها من الأدباء الکویتیین إلی محنة الإحتلال والحرب وما نتج عنه من أسر وشهادة ومن ثمّ الإستقلال والحریّة .
تقول الشاعرة :«رحلتي مع الشعر هي بدایة رحلتي مع الحیاة ،فقد کان الشعر أوّل ما إستقبلته أذناي من الأصوات المحیطة بي .»

وأما عن الإحتلال وآثاره المدمرة فکتبت الشاعرة العدید من القصائد ،هي تقول في مقدّمة دیوانها «قصائد في زمن الإحتلال»:(محمد الصالح ص235)

خذ ما شئت من المنزل
خذ ذهبي
خذ أمتعتي
خذ أوراقي
وأترک قلمي
ورمال البحر
ورائحة الأرض
وصدی أوراقي

4-الشاعرة خزنة خالد راشد بورسلي:

ولدت الشاعرة في الکویت 1946 م في بیئة أدبیّة تتذوّق الفن والأدب حیث کان عمّها الشاعر «فهد بورسلي» وکذلک قریبها الشاعر الغنائي «فهد بورسلي»
« بدأت الشاعرة بکتابة الشعر متأثرة بجوالعائلة وهي في الرابعة عشرة .قرأت لشعراء المهجر والمتصوفین ، مثل الحلاج والمتنبي وإبن فارض وبتد ریج شرعت في نشر إنتاجها في الصحف المحلیة وفي المجلات الأدبیة الخلیجیة والعربیة .حصلت علی لیسانس اللغة العربیة والدراسات الإسلامیة من جامعة الکویت عام 1970م ومن ثمّ شرعت في الدراسة لنیل شهادة الماجستر .هزت قصائدها الساحة الشعریة وترکت بصمات واضحة لن یمحیها الزمن حیث جمعت الصدق والبساطة والحب والعذوبة في قصائدها کلها لم تعبّر عن نفسها فقط بل کانت تکتب بالعموم وتحاول أن تکون لسان الجمیع ، وهکذا جمعت الشاعرة عدّة شخصیّات وتحدّثت بعدّة لغات .لها دیوان مخطوط بعنوان «أزهار آیار » .

یمتاز اسلوبها في کتابة الشعر بالغناء والموسیقی والرومانسیة والأحلام المعاصرة ممزوجة فکریّة وثقافة راقیة .وأهمّ ما یمیّز قصائدها تعمقها في التراث العربي والإسلامي وإستلهامها المفردات من التراث الشعري العربي مع مراعاة الحداثة والمعاصرة تقول حول قضیّة الإنتماء الی الأرض والوطن وکإبنه هذه الأرض تقول الشاعرة»(معجم البابطین ص246)

توحدت فیک ............. اشتعلت حنیناً
أتیت الیک ..............ارتویت یقیناً
وابحرت في موطن الذکریات
فایقنت أن الحنین صلاة

5-الشاعرة جنة القریني:

ولدت الشاعرة جنة عبدالرزاق القریني فی العراق عام 1956م، وبعد حصولها علی الثانویة العامة في الکویت، «إلتحقت بجامعة الکویت عام 1975م لدراسة الفلسفة وحصلت علی اللیسانس عام 1980م، تعمل حالیاً في المجلس الوطنی للثقافة والفنون والآداب »(القرینی ص193) . من اهمّ مؤلفاتها دیوان « الفجیعة » و« من حدائق اللهب ».

إنّ الکاتبة تأثرت في اعمالها الأدبیة بکل ما کتبه « جبران خلیل جبران» ومن ثمّ بکتابات « مي زیادة». یمتاز شعرها بالحزن العمیق وسط حدائق تطفئها الجروح. أذابت الشاعرة نفسها في شعرها کما ذاب شعرها فی حیاتها حتّی لا یمکن الفصل بینهما، فهي تحب العزلة ولکن الشعر أخرجها من عزلتها وقادها إلی عمق الحیاة الواسعة الملیئة بالأفراح وألأحزان.

«قصائدها الوطنیة والقومیة تفصح عن عمق حبها لوطنها ووفائها لأرضها وعشقها الدائم للبطولات والأمجاد التاریخیة»(محمد الصالح ص290).

کما وتستدعي الشاعرة ایضاً شخصیتین علي والحسین علیهما السلام في قصیدة «الشعب الشهید»، التی أطلقت علیها الشاعرة إسم «أوبریت»، و«هي قصیدة متعددة الأصوات وتسودها مسحة تقریریة».

یا إمام المومنین
یا عدوالناکثین القاسطین المارقین
یا إمام الحقّ ،یا من حبّه یشفي العلیل
یا حبیب الله بعد المصطفی یا زوج زهراء البتول
یا علي، یا علي، یا علي

6-الشاعرة الدکتورة عالیة محمّد الشعیب:

وأخیراً نذکرشاعرة وقاصّة بل وفنّانة تشکیلیّة مثیرة للجدل من الجیل الجدید في الکویت، إمرأة لیست عادیة ودائماً تسبح ضد التیار، محکومة بالأرق والإنفعال والإحساس العمیق بالوجود، أستاذة الفلسفة وأخلاق في جامعة الکویت .

ولدت الشاعرة في الکويت عام 1964م أي في عصر النهضة الأدبیة والتحوّلات الإقتصادیّة والإجتماعیة ،حصلت علی درجة الماجستر فی عام 1991م من جامعة برمنجهام في بریطانیا ودرجة الدکتوراه من نفس الجامعة عام 1994فی فلسفة أخلاق.
« أسهمت الشاعرة في الحرکة الأدبیة فی الکویت من خلال قصصها ومقالاتها ودواوینها الشعریة ولها دور بارز في الحرکة الفنیة التشکیلیة من خلال لوحاتها ومعارضها الفنیة.من اهم مولفاتها : «عناکب ترثي جرحاً » ومن دواوینها : ایضاً « الذخیرة »، «نهج الورد»،«أحبک لاأحبک»، «سأغلق هذاالباب خلفي» ومن قصصها «أمرأة تتزوج البحر».(محمد الصالح ص354)
شعرها قائم علی فلسفة فکریة فهي صدیقة للطبیعة بل وتعشقها وتعتبرها الجوهر والکیان والروح.
تقول الشاعرة:(محمد الشعیب ص1)

أحلم
أن أمشي دون أن أصل
أو
أن أمشی دون أن یعرفني أحد
أو
أن أکون امتدادآً
لأفق الخرافة
أحلم
أن أعبر
للحظة فقط
خریطة الکون السریة
فأکون
فیروزة الفضاءات الأولی
أو
لؤلؤة في خاتم أبي
أو
ألسمکة الأولی
أوالفراشة الأولی
أحلم دائماً
أن أمنح عیني
لعتمة خالصة
وأن أهب روحی
للشجرة الساکنة في رحم أمي
وجسدي
لالأحد
سوی
دود الأرض

النتیجة

من خلال الدراسة المختصرة نستنتج بانّ الأدب هوالمرآة الّتي تعکس حياة الأمّة بمختلف جوانبها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، أمّا حول بدایات الأدب والشعر في الکويت، أنه لایوجد شي یطلق علیه أدب أوأدباء حینما نزح الناس الی الکویت في أوائل القرن الثامن عشر ولکن بعد إستقرار الدولة والحکومة ولجوء عدد کبیر من الأدباء وأهل العلم مثل عبد الجلیل الطباطبائي وغیره وبعد تغیّرات الّتي شهدتها البلاد في جمیع الأنحاء، خاصّة بعد الإستقلال وإکتشاف النفط، تمیّزت دولة الکويت في مسیرها الحضاریّة بتعدّد الشعراء والأدباء وأستنتج أیضاً أنّ المرأة الکویتیّة إمرأة واسعة الخیال والثقافة والإطّلاع في مجالات المختلفة ولکن دورها محدود بقسوة في الحیاة العملیّة ووصفها القانوني إلا أنّها لم ولن تستسلم ولا یزال متفائلة بمستقبل أکثر إزدهاراً وإشراقاً ومع مرور الزمن وتطوّر الأحداث، تطوّرت أیضاً أشعار المرأة الکویتیّة وفتحت أبواب الجدیدة وهنّ ینشدن في أغراض لم تعرف من قبل من أهمّ هذه الأغراض: القومي‍ه والوطنيه والجهاد في سبیل اللّه والدفاع عن الحقیقة وتصویر مأساة الحرب والأسر والإستعانة من التراث الإسلامي ورعایة الطفولة والأسرة.

المراجع:

  1. برکات حلیم ،المجتمع العربی المعاصر، بحث استطلاعی اجتماعی، مرکز دراسات الوحدة العربیة، بیروت 1998م
  2. جلداوی خیرالله، مقالة في الشعر الکویتي الحدیث، طهران سنة 1377ه ش
  3. حاتم عبدالله، من هنا بدأت الکویت، دار مطبعة القیس، الکویت 1980م
  4. حسن محمد عبدالله، الشعر والشعرا في الکویت، دارالنشر، الکویت 1987م
  5. الشعیب محمد عالیة ، بلاوجه، منشورات عالیة، الکویت،1990م
  6. الصباح محمد سعاد ، دیوان امنیة،دارسعاد للنشر،1971 م
  7. الصباح محمد سعاد ، دیوان قصائد حبّ،دار سعاد للنشر،1992 م
  8. طلال سعید،الشعرالنبطي،اصوله،فنونه،تطوره،ذات السلاسل،الکویت،دارالنشر1981
  9. عبدالرزاق القریني جنة ، دیوان الفجیعة، دارالکتب الکویت،1991 م
  10. عبدالرزاق حسین،التنازع علی الشعراء في الخلیج والجزیرة،دارالنشر عمان،1985م
  11. عزیز احمد، المرأة في الشعر الکویتي، الکویت (مجلّة شهریة ثقافیة) العدد104، 1993م
  12. عواطف خلیفة، الشعر الکویتي الحدیث، الکویت،دارالفکر1990م
  13. فوزي عیسي، القصیدة أنثی والأنثی قصیدة، قراءة في شعر سعاد الصباح، دارالجمیل،قاهرة،2002 م
  14. معجم البابطین للشعراء العرب المعاصرین،المجلد الثاني،الکویت،الطبعة الاولی1995م
  15. الوقیان خلیفة ، القضیة العربیة في الشعر الکویتي، الکویت،1974 م
  16. www.kuwaithistory.net
من سنة 1901 حتّی الیوم

مشاركة منتدى

  • سلام علیکم.انا مدرسة و مترجمة من العربی الی الفارسی و بالعکس.لدی ماجستیر فی الترجمة.بعد قراءة هذا المقال تمنیت لو استطیع ان اترجم اشعار شاعرات الکویت الی الفارسیة و طباعتها.و ارجوا التواصل من جانبکم .مع الشکر و التقدیر.رحاب من ایران.09356110926

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى