السبت ٧ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم محمد العجلة

لم يذهب مع الريح

ضمن سلسلة ندواته المتواصلة، نظم ملتقى الفيلم الفلسطيني بمقره في غزة مساء الأربعاء 4/8/2010، لقاء لعرض ومناقشة الفيلم الوثائقي القصير "لم يذهب مع الريح" للمخرج عبد الرحمن الحمران الذي يتناول في عشر دقائق المأساة التي حلت بمنطقة عزبة عبد ربه على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء الحرب على غزة شتاء 2008-2009، مقارنة بما حل للشعب الفلسطيني أثناء نكبة عام 1948.

وأوضح المخرج السينمائي سعود مهنا رئيس الملتقى في بداية اللقاء أن العشرات من الأفلام الوثائقية المحلية لمخرجين من قطاع غزة تناولت ولا زالت تتناول الحرب الإسرائيلية على غزة، وهذا ليس عيباً، شرط أن يكون لكل واحد منها مذاقه الخاص وأسلوبه الذي يميزه عن غيره. وأشاد مهنا بالاتجاه نحو الأفلام الوثائقية لأنها أحد مقتنيات أرشيف المستقبل وللحفاظ على الذاكرة خاصة للأجيال القادمة.
أثار الفيلم بعد عرضه نقاشاً حول جميع عناصره بدء من اسمه ومروراً بالمشاهد الأرشيفية التي استعان بها المخرج وليس انتهاء بالجوانب الفنية التقنية والتعليق والموسيقى التصويرية.

الإعلامي محمود روقة حلل الفيلم من ناحية موضوعه معتبراً أن الفيلم يجسد معاناة قطاع غزة بعد الحرب وإن كان النموذج الذي اتخذه الفيلم اقتصر على منطقة عزبة عبد ربه شمال القطاع، فكثير من المناطق الحدودية تعرضت لدمار مماثل على يد القوات الإسرائيلية، كما أن الفيلم لجأ إلى أوجه الشبه بين مظاهر مأساة الشعب الفلسطيني عام 1948 وبين ما حل بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة، لكي يوجه رسالة مفادها أن معاناة هذا الشعب العربي مستمرة من ما يزيد على ستين عاماً.

الفنان التشكيلي فايز السرساوي أشاد بهذا الجهد التراكمي لشبان شجعان من صناع الأفلام الوثائقية، والذي يمكن أن يسمى الذاكرة التسجيلية، مشدداً على أهمية الارتقاء بالنواحي الفنية وخاصة اللغة السينمائية في العمل والاجتهاد في البحث عن قوة التعبير في الصورة المتحركة والتميز والاختلاف عن الأفلام التقريرية وعدم الاكتفاء بعظمة الفكرة. وعرّج بنوع من التساؤل على اسم الفيلم الذي يُذكر -بطريقة ما- باسم الفيلم الأمريكي الشهير "ذهب مع الريح" وقال أن هذا الفيلم ربما ينقصه الكثير من العناصر.

الفنان زياد نصر الله انتقد كثرة الاعتماد في الفيلم على المشاهد الأرشيفية. والفنان عمر أبو أمونة أشاد بالجهود التي تُبذل من أجل توثيق واقع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال رغم قلة الإمكانيات. الإعلامية صباح حسن أثنت على الفيلم. الصحفي محمد أبو الحسن قال أن اسم الفيلم من ناحية ألفاظه وصوره ودلالته يفتح المجال للخيال والاختلاف في التأويل وهذا نجاح للمخرج، على اعتبار أن هناك من فسر أن الذي "لم يذهب مع الريح" هو المخيم الذي ظهر مجدداً في هذا الفيلم كما تكرر في كل مراحل الشعب الفلسطيني، بينما اعتبر آخرون أن الذي "لم يذهب مع الريح" هو الشعب الفلسطيني نفسه بإرادته وصموده رغم المحن العاتية التي امتدت من نكبة 1948 وحتى حرب غزة 2008-2009.

المخرج عبد الرحمن الحمران عبر عن سعادته بهذا النقاش الذي يفيد الجميع، شاكراً لملتقى الفيلم هذا التقليد الذي يجمع بشكل دوري نخبة من المهتمين لتناول أحد الأعمال الفنية بالتحليل والنقاش. وشرح رؤيته التي جسدها في فيلمه وكيف تم الإعداد لإنجازه وتصويره والحصول بصعوبة على المشاهد الأرشيفية. جدير بالذكر أن الحمران من المخرجين الشبان في قطاع غزة. بدأ في عام 1994 بالتمثيل المسرحي وانتقل عام 2000 إلى الإنتاج التلفزيوني وأخرج مجموعة أفلام قصيرة لبعض الفضائيات العربية، وله العديد من الأفلام الوثائقية منها فتافيت ركام.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى