الاثنين ١٦ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم بلقاسم بن عبد الله

رحيل متنبي الرواية الجزائرية

.. وما عسانا نكتب الآن بعد رحيل متنبي الرواية الجزائرية، الأديب العالمي الطاهر وطار، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.. القلب يحزن، والعين تدمع، والقلم تجمد حبره، في هذه اللحظة الحرجة الحزينة، أضطر إلى الاستنجاد بما كتبته منذ عام، ونشرته بجريدة صوت الأحرار، وبموقعي أصوات الشمال وديوان العرب، في أواخر سبتمبر من السنة المنصرمة تخت عنوان بارز: وطار وجائز نوبل.

.. ولماذا لا يطمح أديبنا القدير: الطاهر وطار عميد الرواية الجزائرية في نيل جائزة نوبل للأدب، خاصة بعد فراغ مقعدها العربي؟.. هكذا تساءل صاحبي العزيز المعزز وهو يرشف قهوته الساخنة، فرد مرافقنا الطيب الأمين: هذه الجائزة المحبوبة والمرغوبة والملعونة تعرف إسم صاحبها، ولون بشرته وفصيلة دمه وعرقه، ولذا، لا ننتظر هذه المرة حصول المفاجأة، ولكن يكفينا فخرا بأديبنا الطاهر وجهوده المثمرة المستمرة عبر نصف قرن في خدمة الأدب والصحافة والثقافة والنضال الوطني؟..

طويت صحيفتي اليومية المشرقة و المشرفة، بعد أن قرأت الحلقة العشرين من رواية أديبنا الطاهر وطار: قصيد في التذلل، واستوقفتني فقرتها الرابعة حيث يقول على لسان أحد أبطاله: أخبار الأدباء والكتاب والفنانين، وطرائفهم وذكرى وفاتهم، تتعلق كلها بالفرنسيين والفرنسيات.. ومن حين لآخر يظهر إسم كاتب ياسين أو محمد ديب...

وقتئذ، عاد بي شريط الذكريات إلى تلك الأيام الزاهية من الزمن الجميل، عندما أجريت أول حوار شامل مع أديبنا وطار، ضمن برنامج دنيا الأدب بإذاعتنا الوطنية في منتصف شهر جوان 1970 إثر صدور مجموعته القصصية: الطعنات. ثم كتابتي لأول مقالة نقدية مطولة بجريدة الشعب. بتاريخ 4 سبتمبر 1970 بعنوان: الطعنات ونضال الكلمة، وقد نشرت كاملة بكتابي: بصمات و توقيعات، الذي صدر ضمن منشورات وزارة الثقافة الجزائرية.

وأتوقف لحظة عند تجربتي معه في جريدة: الشعب الثقافي. التي كانت تمثل التيار الجديد المتقدم في الأدب والصحافة والثقافة، طوال سنتين، من جوان 1972 إلى مارس 1974 أنتجت 42 عددا متميزا ومختلفا في ظل هيمنة وثقافة الحزب الوحيد.

أتذكر جيدا اللقاءات التي جمعتني به هنا وهناك، والحوارات التي أجريتها معه، على فترات متقاربة ومتباعدة، ونشرت بعضها خارج الوطن. بتفويض خاص منه، لتعميم الفائدة.

وعندما أعود إلى مكتبتي الخاصة، كثيرا ما أعيد قراءة أعماله القصصية والروائية، ومعظمها تحمل توقيعه الشخصي، أشعر بقيمته الأدبية الرفيعة.

وكلما تتاح لي فرصة زيارة عمنا الطاهر في منزله أو في جاحظيته، أسترجع معه شريط الذكريات بحلاوتها و قساوتها، فالأيام تتغير، وما يبقى في الواد غير حجاره. أتجاذب معه أطراف الحديث عن مستجدات الأدب والصحافة، وعن هموم الساسة والسياسة، لتتأكد لدي مواقفه الثابتة في الدفاع عن البعد الحضاري العربي الإسلامي لجزائرنا الخالدة.

رحمك الله يا أديبنا الكبير الطاهر وطار، فكتاباتك الأدبية ونشاطاتك الثقافية، ونضالاتك ومواقفك تظل خالدة بين الأجيال الحاضرة واللاحقة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى