السبت ٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم بلقاسم بن عبد الله

بـلـحسـن وأوراقه المنسية

وماذا يمكن أن يقال ويكتب اليوم عن أديبنا المرحوم عمار بلحسن ومخطوطاته المجهولة والمغمورة؟.. ذاك هو التساؤل الكبير الذي ظل معلقا بعد مصافحتي السابقة بعنوان: بلحسن في ذكراه وملتقاه.. وأعود الآن، بعد الأصداء الطيبة التي ميزت ذكرى وفاته منذ أيام، للكلام عن نشاطاته في الحقل الإعلامي وأوراقه المنسية.

 ظل الجانب الصحفي مهمشا في أعمال عمار بلحسن، رغم أنه اشتغل سنتين بوكالة الأنباء الجزائرية APS بوهران (1976-77)، وبجريدة الجمهورية (1978)، كما راسل بعض المجلات الثقافية العربية مثل: الأقلام (بغداد)، المنتدى (دبي)، فصول (القاهرة) وظل مداوما على الكتابة المستمرة بملحق النادي الأدبي لجريدة الجمهورية من 79 إلى 86 يكتب عن أعلام ورموز الأدب العالمي، وعن تضاريس الثقافة والهم العربي.

وما زالت أذكر جيدا مقالته المتميزة بأقصر عنوان (كـ...) وقد نشرت بالعدد 396 من ملحق النادي الأدبي بتاريخ 18 نوفمبر 1985 ومما جاء فيها: كفلسطيني شتته الأمم، ويبحث في جغرافية العالم عن بقعة وجواز سفر.. كغابة تنزع أشجارها بين لهب حريق.. كروح هائمة تبحث عن جسد.. كلغة عادية تحلق عاليا نحو قصيدة.. كنغمة تعاني الوصول نحو سمفونية.. كقطعة حجر تبحث عن يد فنية.. كورقة تعشق قلما وتتوق لحبر ودواة..

 في الجو العائلي: ظل عمار وفيا لأسرته، يدخل المنزل لتواجهه ابتسامة زوجته فاطمة، وبشاشة ابنته الكبرى سناء، وبراءة الصغرى نسيمة وفضوليات ابنه الذكي أنيس. كنت أزوره من حين إلى حين، لأجده يقضي معظم وقته بين مداعبة الأبناء وقراءة الكتب والمجلات والجرائد، ومتابعة المفيد من الحصص الإذاعية والتلفزيونية، والإستماع إلى الموسيقى، وكتابة القصص والمقالات و الدراسات.

وكان يرتاح كثيرا لزيارة الأحباء المقربين من أهل الأدب والثقافة، ليتبادل معهم فاكهة الكلام. وغالبا ما كان يصحب أسرته في عطلة الصيف إلى الشاطئ للإستمتاع بروعة البحر.

 أوراقه المنسية: خلال لقاءاتي العديدة معه، وحواراتي الإذاعية ببرنامج دنيا الأدب، ظل يشكو من ضيق الوقت أمام الطموحات الكبيرة، ويعاني ككل المثقفين الجزائريين، من سلحفاة النشر. فأوراقه المكتوبة متناثرة هنا وهناك. وما طبع له هو جزء من كثير مما هو مخطوط، لا يزال يبحـث عن الأيادي البيــضاء الكريمة لتنتشــله من الإهمال والضياع.

فقد خلف المرحوم وراءه سيناريو وثائقيا تلفزيونيا عن الشهيد أحمد زبانا الذي دشن المقصلة الاستعمارية الفرنسية في 19 جوان 56، كما ترك عدة بحوث ودراسات حول المحاور التالية: الدولة والثقافة في الجزائر - الرواية والتاريخ في الجزائر، الأدب الوطني في الجزائر. بالإضافة إلى مقالاته العديدة بالنادي الأدبي، وبعض المجلات الثقافية.

رحل عنا عمار بلحسن في 29 أوت 1993 في ظرف نشكو فيه من الفقر الإبداعي والنقدي، والتهميش والإجحاف - كما كتبت وقتـئذ بعد يومين من وفاته بجريدة الجمهورية – آه يا عمار كم كنت شامخا وحدك، قبالة الداء والإحباط وفوضى الأشياء، فمن أين تأتي الدهشة الجديدة؟.. آه يا عمار رحلت في عنفوان الشباب (1953ـ 93) غير أن أعمالك تظل باقية راسخة بيننا، تضيء الطريق، و تقاوم البرودة واللامبالاة.

.. والآن، وقبل شهور قليلة من إقامة الملتقى المنتظر بتلمسان، عن أديبنا الباحث الإجتماعي عمار بلحسن يعود التساؤل الجوهري ليطرح من جديد: أي رصيد مفيد أضافه لأدبنا الجزائري المعاصر ولثقافتنا الوطنية؟..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى