الأربعاء ١٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم النانة لبات الرشيد

نكوص

معلمي
أما زلت تلميذة؟
فقد غسلت ذاكرتي
و نسيت كل حروف الهجاء
نسيت كل التعاليم التي عرفت
و نسيت آياتي
و أمحت من أمامي أثار الأدباء
كأني ما خبرت صحائف يوما
كأني ماحفظت المعلقات
و لا صادفت المقدمة
و لا قرأت البؤساء
كأني ما عرفت من الشعر أوله
و لا قرأت نسيبا و لا فخرا و لا رثاء
كأني ما دمعت التهم الكلمات
و لا سهرت اصفف ارث الخطباء
كأني ما زرت معاقل علم
و لا رأيت فنا
و لا سمعت غناء
كأني أخطو للمرة الأولى
كأني ما استنرت بنور الفقهاء
كأني ما استمعت للساسة
و لا جالست البلغاء
كأني يامعلمي من عالم لا اعرفه
فلا أنا تعلمت
و لا أنا صحيفة بيضاء.
هذبني مرة أخرى
فالأدب ليس كالذي علمتني
و الشرف انتهى
منذ انتهى الشرفاء
علمني تعاليم حاضرنا
فالحكمة لم تعد منشودة كما قلت
و لم يعد الكرم صفة النبلاء
لم يعد للوفاء صدى
و الإخلاص بات كلمة جوفاء
هذبني مرة أخرى
و أرقصني دمية في سوق البغاء
قتل الشعر في صلبه
و ناحت أنغامه خلف أفق
الانتهاء
هذبني يا معلمي
هل قلت لي يوما أن الوطن أنا
و أن قلبي يكنزه.. كياقوتة زرقاء
هل قلت لي أن مساحاته لا تضيق
و بحره يخبئ لي كنوز الاشتهاء
هل قلت لي انه بسمرتي
و أن شعري جسر
يعبره إلي كل مساء
كلا يا معلمي
لم يعد هذا الوطن موجودا
و انتحر ملحنوه عطشى
غرباء
رفعت كلمات حبه من صحائفها
و جفت أقلام كتبتها
ملئ الضياء
لم يعد هذا الوطن موجودا
بل عكاظ باهتة
لا بيع و لا شراء.
تمزقت مناهلنا التي عرفنا
لم تعد للحروف رائحة
و لا للهوامش طعم
و انتفت المعاني في قاموس السفهاء
هل علمتني كي أكون امرأة
تحبل بالشعر و الكلمات
و ترضع ألوان النخوة و الإباء
هل علمتني كي أظل امرأة لا تنكسر
و أن أبقى باسقة فيحاء
كل ما علمتني محظورا
فانا امرأة مبحوحة
مذبوحة على أعتاب الفرقاء
كل ما علمتني لم يعد زاد
لم يعد فيئ و لا ري
لم يعد يا معلمي حتى هراء
كل ما علمتني مسخته دنياي
و أحالتني شبه امرأة
في حجر صماء

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى