الخميس ٢٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم السعيد موفقي

منذ بدء المسافة

قال: أحسبني على مسافة (...ما...) من حدودك البعيدة...وغورك القريب، ووطنك المشتبه يسأل عن خريطتك القديمة التي رسمها صوت كنبض الأسِرّة، كان سعيدا يوم رأى أشياء المحيط موزعة بمقاسات محسوبة، يتنقل بين أزقة المدينة و مواقعها حتى الافتراضية منها، اعتقد، كطفل نزق يجهل طبائع الأشياء، أنّه يحسن اللّعب، امتدت به غواية السفر و نهاية الأشياء، تراودهُ، تُوغلُ به في عمقها الأبدي، فوق الماء وتحته، يغرق وينجو، افتقد ذكرياته ضمن صورة ليست ملونة، ظنّها في الأول مجرد ذكرى، ولكنّها استحالت أشكالا، تموقعت في متاهات ظنّها تسلية، تعبث به، تحسن نسج الوهم، أهدته لغيرها واحتفظت به لنفسها.

تصنع بطولات غريبة.

تبحث عن مجد، لم يكن مجدا، وعن صورة جماعية في ساحة التفاوض و التدافع على لهيب ظنّه دفئا ولم يكن كذلك،

وعن تغلغل ضيّق على هامش المسافات الطويلة الفاضحة، يستأنس بومض الآخرين يبحث عن مجدِ متطفلاً...!!!

صارت الأشياء كبيرة تداعت في كل اتجاه، غمرت كلّ هش، ومتآكل، و سريع الغضب، ومتعشّق لأناه بجنون، فمارس معها الرذيلة، لفّهما رداء رثّ تنبعث منه رائحة الدسيسة، فانبثق منهما دسائس...
في يده دوما وردة جميلة مخادعة، يهديها للقادمين و العابرين و الصادقين و الكذّابين و الضاحكين و المستهزئين، و حتى لنفسه والمتشردين...و الداخلين و الخارجين...و الشمس و القمر و قبور النائمين...والطامعين في خبز المدينة الكبيرة، وكذا الوافدين من أماكن مظلمة...و الحائرين....و القلقين على معابدهم و مقدساتهم و مدوناتهم الممزقة و الذين يخشون على حروفهم الأكذوبة ...و الذين أصابتهم مصيبة و لم تثنهم عن غيّهم فأعجبهم حفل راقص بأقنعة النساء و الرجال و حتى البهائم...
كانت صداقة أفريل...!!!

سأله خزنتها: هذه الصورة رأيناها في قبو الضالين، يحاول أحدهم اقتلاعها من سيرة الأولين و الآخرين، و كانت ذات يوم جميلة ناصعة، غيرأنّها امّحت، و بقيت على الجدران العملاقة نقوشها، كالأشباح تتماسك بأشياء المكان، و خيوط ملتفة موزعة بين فضاءات كثيرة، كالهيولى تحنو و تتدلل في لين، تتقاطع كنسج على مسافات البدء، غير المتكافئة، تتلاقى على نهايات متشابهة !!!، وعدمٍ متساوٍ.
اضْحكْ بشدّة و ابكِ معزوفتك التي توشك على الانتهاء، فإنّ عصا الغيب تلوّح لك غيرما مرة ّو لن يخطئك وقعها أبدا.

شهيق، معاناة كالمسافة...

فأنت دوما تتحسس أصواتا و لو على مسافات بعيدة...و ستظل كذلك.... و كل الأصوات تعنيك...

صوت عابر: متْ... فقناعك رداء صامت يغشيك بياضه، ونصّك بلا قافية وموتك بلا معنى، فأنت مهزوم منذ بدء المسافة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى