السبت ١ آذار (مارس) ٢٠٠٣
سلة خضار فلسطين

مناطق الاغوار الفلسطينية تتعرض للتدمير المبرمج من قبل الاحتلال الاسرائيلي

نابلس: امين ابو وردة

تركت اجراءات الاحتلال الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية وخصوصا في الضفة الغربية بصماتها القاتمة على مناطق الغور الفلسطيني التي تعد من من اخصب اراضي فلسطين بسبب طبيعتها الجغرافية والمناخية وقربها من الحدود والمعابر.
وتشكل مناطق الغور مساحات واسعة من الاراضي الفلسطينية والتي تستقطب القطاع الاوسع من الثروة الحيوانية و الزراعية الفلسطينية و رغم الخطوط الحمراء التي تضعها اسرائيل في نظرتها لمستقبل مناطق الغور وخاصة المحاذية لنهر الاردن فان الجانب الفلسطيني يضع امال كبيرة على هذه المناطق من اجل رفع المستوى الاقتصادي الفلسطيني و رفع وتيرة مشاركة القطاعين الزراعي والحيواني في الناتج القومي الفلسطيني.

ومنذ سنوات الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية في العام 1967 احتلت مناطق الغور مركزا هاما في الاطماع الاسرائيلية نظرا للاهمية الكبيرة التي تحظى بها ضمن زرعها بالعديد من المستوطنات ومعسكرات الجيش الخاضعة الى مساحات للتدريب والرماية كما ان قادة الدولية العبرية اكدوا في مواقف عديدة رفضهم لاي انسحاب من مناطق الغور المحاذية للاردن على عرض قرابة 20 كيلو مترا واعتبارها منطقة امنية.

وادت تلك الاجراءات الى حرمان اصحاب الاراضي وخاصة المزارعين ومربي المواشي من الوصول الى مناطق الرعي وخاصة في مناطق البقيعة وطمون الامر الذي ساهم في انقاذ الثروة الحيوانية بعدا لا يستهان به.

ويشير الدكتور عزام طبيلة وكيل وزارة الزراعة الفلسطيني الى ان الدولة العبرية تعتبر منطقة الغور منطقة مهمة استراتيجيا لوجودها وبقائها وتطورها على الارض بسبب القيمة الاقتصادية العالية لهذه المنطقة زراعيا وسياحيا وبيئيا وصناعيا ولكونها منطقة حدودية يمكن ترسيمها والدفاع عنها وكذلك ممر جيد يسهل الحركة بين شمال فلسطين وجنوبها حتى خليج العقبة.

ويعتبر طبيلة ان اهمية الغور الزراعية تعود لكونها منطقة معتدلة المناخ شتاء بحيث يمكن دورة الانتاج الزراعي من الانتاج في موسم الشتاء بدون منافسة حقيقية أي انها بيت زجاجي"دفيئة" طبيعية وهي المنطقة التي يمكن فيها انتاج الفواكه الاستوائية وشبه الاستوائية وتنكو فيها المراعي الطبيعية.

ويشير المزارعون الى ان السلطات الاسرائيلية مارست خلال الثلاثين سنة الماضية بشكل عام وخلال عامي الانتفاضة سلسلة من السياسات والاجراءات التي ادت الى دمار المنطقة برمتها وهجران اصحابها واضرار قسم كبير منهم للعمل في المستوطنات اليهودية او التوجه للعمل في المدن الفلسطينية الاخرى في ميادين بعيدة عن مهنهم الاصلية.ويقول تامر اشتيه عضو مجلس قروي بيت حسن احدى نواحي الاغوار القريبة من مدينة نابلس ان اجراءات الاحتلال خلال الانتفاضة اثرت بشكل سلبي على المنطقة وتسببت بخسارة كبيرة لجميع المزارعين الذين لم يتمكنوا من شراء مستلزمات الزراعة وخاصة الاعلاف والاسمدة كما تقف مشكلة التسويق عائقا اضافيا لا يستهان بها.ويضيف ان السلطات الاسرائيلية اعتبرت ادخال بعض الاسمدة محظورا بحج امنية وخاصة التي تسخدم لمياه الري ما يؤثر على نوعية الانتاج وجودته.كما يعاني المزارعون من انعدام برامج الارشاد لعدم قدرة خبراء الارشاد من نابلس وجنين الوصول الى مناطق الاغوار بسبب منع التجول والحصار المتواصل.واورد اشتيه جانبا اخر يسبب الضرر للقطاع الزراعي وهو اغراق الاسواق الفلسطينية بالمنتوج الاسرائيلي الذي يعد منافسا قويا للمنتوج الفلسطيني مما يضاعف خسارة المزارع وخاصة منع المزارعين من غير حملة هوية اريحا بالبقاء في المنطقة واتخاذ اجراءات امنية وقانونية للحد من نجاح العمل الزراعي .

ويشير عبد اللطيف اشتيه من سكان بلدة النصارية ان خسارته جراء نفق المواشي التي منيت بها الثروة الحيوانية قبل فترة وجيزة تقدر ب 20 الف دينار اردني فيما خسر المزارع ابراهيم خليل من منطقة فروش بيت دجن 30 راس ماشية من اصل مائة يملكها لنفس السبب وتم توجيه اصابع الاتهام الى انواع المصل الذي حصلوا عليه من دوائر الصحة المختصة.

ويقطن قرية النصارية زهاء 5 الاف مواطن فلسطيني غالبيتهم من مزارعي ومربي المواشي من مناطق متفرقة يعرض الضفة الغربية وخاصة من الخليل استوطنوا فيها منذ عشرات السنين للاستفادة من خيراتها كونها مناطق للرعي والزراعة.

لم تكن المأساة التي مني بها ابو كايد في ماشيته مؤخرا الحادثة المؤلمة في حياته بل انه تعرض في العام 1992 لمحنة مؤلمة كما يقول عندما استشهد نجله كايد اثناء اشتباك مع الجنود الاسرائيليين على احد الجبال الغربية المشرفة على الاغوار .

وفي منطقة فروش بيت دجن المجاورة لبلدة النصارية تبرز المأساة المزدوجة فالى جانب تفوق مئات المواشي ما يزال خطر التهديدات سلطات الاحتلال الاسرائيلي بهدم البركسات والتناكيات وبيوت الشعر هاجسا يدب الرعب في نفوس المزارعين ومربي المواشي.

وحسب نتائج مؤتمر نظمه مؤخرا مركز البحوث والدراسات الفلسطينية ومقره نابلس حول الاغوار الفلسطينية يتبين من اوراق العمل والمداخلات المقدمة ان هناك قصورا بالغا من قبل الجهات المعنية بموضوع الاغوار.

ويشير رئيس الدائرة الاقتصادية للمركز الى ان قصورات سلطات الاحتلال خلال الثلاثين عاما الماضية مفهومة تماما ومنسجمة مع المصالح الاسرائيلية في المنطقة واما ما يصعب فهمة فهو الموقف الغير مبالي الذي اتخذته المؤسسات الفلسطينية والعربية والدولية بالنسبة للموضوع طيلة العقود الماضية.

واكد ان حجر الزاوية في أي خطة لانقاذ ما تبقى من الاغوار ودمج صمود المواطنين هناك هو العمل على تحسين ظروف المعيشة في المنطقة من جميع النواحي منوها الى ان سلطات الاحتلال لا تزال تشكل عائقا امام تطوير المناطق الفلسطينية بشكل عام وهذه المنطقة بشكل خاص.
ووفقا لدراسة اعدتها وزارة الحكم المحلي الفلسطينية فان مساحة الاغوار الكلية تقدر بحوالي 8400 كم 2 وهي تمتد من صفد شمالا ومن النقب جنوبا وقد احتلت راسرائيل اثر حرب 48 ما مساحته 6000 كيلو متر مربع من منطقة الاغوار وهي تمتد من بيسان حتى صفد شمالا ومن عين جدي حتى النقب جنوبا في حسين بقي 240كم مربع من مساحة الاغوار الكلية في الفة الغربية وهي المساحة التي احتلتها اسرائيل اثر حرب 1967 وتمتد هذه المنطقة من محافظة جنين وطوباس شمالا وحتى محافظة الخليل جنوبا ويبلغ حوض هذه المنطقة بالمعدل حوالي 20كم الى الغرب من نهر الاردن.

ويشير المهندس الزراعي احمد علامي من وزارة الزراعة الفلسطينية الى ان منطقة الاغوار تعتبر من اهم المناطق الزراعية في فلسطين وذلك بسبب توفر الظروف الجوية المناسبة والمياه العذبة والصالحة للزراعة والتربة الخصبة المناسبة لزراعة المحاصيل المختلفة .
كما انها تعتبر سلطة خضار فلسطينية ومدفا طبيعيا يمكن ان يغطي احتياجات المنطقة ككل من الخضار والفواكة.
وحسب علامي فان هذه المنطقة تشكل اكبر المساحات المروية في الضفة الغربية حيث يزرع فيها اكثر من 90% من مساحة الخضار المروية التي تزرع في الضفة ويشكل انتاجها اكثر من 50% من انتاج الخضروات وقيمة الانتاج الحقيقية لهذا الانتاج تصل الى 80 بالمائة من قيمة الانتاج ببقية المحافظات وذلك لانها منطقة مميزة وفريدة من نوعها في المصالح بسبب ملائمة الظروف الحيوية للانتاج الكثير من الخضروات وفي غير مواسمها وفي وقت مبكر من الشتاء مما يجعل اسعارها منافسة لاسعار الخضار في المناطق الاخرى.
ويشير مدير عام الغابات والمراعي في مصلحة الزراعة الفلسطينية، عادل بريغيث، الى ان سلطات الاحتلال الصهيوني، انشأت 17 مستعمرة يهودية في سهول غور الاردن وقد التهمت واقتطعت اكثر من 100 الف دونم من الاراضي الفلسطينية، وان سلطات الاحتلال، استغلت هذه المساحة زراعيا وسياحيا لطريقة اضرت كثيرا بالزراعة والثروة الحيوانية الطبيعية لدى الفلسطينيين.

وفي دراسة قدمها بريغيث، كشف فيها الجوانب السلبية التي اضرت بالمزارعين الفلسطينيين، من جراء السياسة المعادية التي سلكتها سلطات الاحتلال في مناطق الغور وبوسائل متعددة ومنها مثلا: اقامة المستعمرات بشكل مبرمج. واماكن للتدريب العسكري ومصادرة الاراضي الزراعية واستعمال المبيدات الحشرية، وادخال الجرافات، الامر الذي قضى على تجمعات نباتية كبيرة. واستغلال المنطقة سياحيا، واستنزاف طبيعتها مثل عين الفشخة وشاطئ البحر الميت مما اضر بالبيئة الطبيعية، واختلاط المجتمعات النباتية الصحراوية مع غيرها نتيجة عمل الطرق، وازالة الاشجار لعمل المواقف والمرافق، ورمي النفايات، وتحويل المياه عن مجاريها الطبيعية لبرك السباحة. وعلى سبيل المثال لم يبقى في المنطقة سوى شجرة واحدة من "السيال" على شاطئ البحر الميت وهي في طريقها الى الموت.

وهناك مساحة 3 دونمات فقط من شجرة "الاراك" التي يستعمل جذورها واغصانها "سواك"لتنظيف الاسنان. اضافة الى اغلاق مناطق شاسعة مما قيد حركة رعاة الاغنام، علاوة على ما سببه ذلك من خسائر مادية مباشرة لشراء الاعلاف، وتدهور صحة الاغنام بسبب تردي البيئة في المناطق المتاحة للرعي. واستغلال الارض مع تجويفها، مما اسفر عن خلل واضح في حياة وحركة الحيوانات البرية، والطيور المقيمة والمهاجرة، كقطع اشجار "السدر" ومنع مصدر الغذاء للحياة الحيوانية البرية، وقتل الحيوانات على الطرق بوساطة السيارات، خاصة في اوائل فصل الربيع، وبعد فترة البيات الشتوي، وعمليات الصيد التي يقوم بها المتنزهون على طول نهر الاردن، للحجل وللغزلان.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى