السبت ٢٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٠
بقلم سعود الأسدي

يا زمانَ الهوى!

يا زمانَ الهوى!
إليكَ إيابي
علّني التقي ببعضِ شبابي
 
آهِ يا غفوةَ الزمان أعيدي
ليَ حُلْماً يَرِفُّ في أهدابي
 
كنتُ صَبّاً،
ولم أزلْ خيرَ صَبٍّ
وشعورُ الصِّباءِِ مِلءُ إهابي
 
والتّصابي تركتُهُ لحسودٍ
أو عذولٍ
يضمُّ ثوبَ التصابي
 
وشرابي الغرامُ مُذْ كنتُ لَدْناً
ونديّاً ألهو مع الأترابِ
 
وبناتُ الجيرانِ يرقصنَ حولي
جَذِلاتٍ من كلِّ بِكْرٍ كَعَابِ
 
والعتابا أقولها في شروقٍ
وغروبٍٍ،
وما بها من عِتابِ
 
هي بوحُ الهوى،
ويشرحُ شجوي
عزفيَ النايَ في حمى الأَحبابِ
 
أين ليلى؟
وأين دعدٌ ولُبنى؟
أين سلمى؟
والكلُّ يدري بما بي
 
بيَ شوقٌ ينتابُني منه وَجْدٌ
ضِقتْ عنه بالوصفِ حينَ انتياني
 
فإذا انتابَ قد أشقُّ ثيابي
فكأنّي أصيرُ دونَ ثيابِ
 
وأسير الطريقَ من غيرِ هديٍ
نحوَ غابٍ يطولُ فيه غيابي
 
وأغنّي في الغابِ طيلةَ ليلي
راقصاً في العَراءِ بينَ الذئابِ
 
قد تكونُ الذئابُ أُنساً لطبعي
فأنادي الذئابَ
يا أصحابي!
 
لا تخافوا مني فإني أليفٌ
وتعالوا إليَّ دونَ ارتيابِ
 
أنتمُ الناسُ لا أناسٌ ذئابٌ
ألتقيهمْ مُكَشّري الأنيابِ
 
مرحباً بالشرابِ عذباً فراتاً
قُبُلاتٍ ما شُبِّهتْ بشرابِ
 
وجمالٌ في روحِ من رُحْتُ أهْوَى
رفعتني بالحبِّ فوقَ الترابِ
 
عزفتْ في دمي جنوناً ولحناً
من مجونٍ كمثلِ عزفِ الرّباب
 
فأنا الماجن المشوقُ وقلبي
ليس يخشى في الحبِّ ايَّ انقلابِ
 
في اغترابٍ أعيشُ
لكنَّ قلبي
ليس يحيا بحبّه في اغترابِ
 
وأغنّي،
وفي الغناء صمودٌ
وثباتٌ في وجهِ أيِّ اكتئابِ
 
أنا أهْوَى،
وكلُّ حسناءَ شمسٌ
قد حبتني الهوى فلستُ أُحابي
 
أُوسِعُ الوافداتِ شمّا وضمّاً
حينَ منحي ذراعَيِ الترحابِ
 
منذُ عشتارَ والجمالُ عشيقي
ولكنعانَ مُذ خُلِقْتُ انتسابي
 
وعَنَاتُ الهوَى رفيقةُ دربي
في حقولٍ فينانةٍ وهضابِ
 
ونجومٍ تتيهُ فوقَ كرومٍ
من جمالٍ زاهٍ ومن أعنابِ
 
ورعاةُ الظباءِ تعزفُ حولي
ما يثيرُ الأشواقَ في أعصابي
 
ألفَ جنّية عشقتُ وحولي
ألفَ حورِّيةٍ ببحرٍ عُبابِ
 
زورقي حاملٌ حسانَ الصبايا
وشراعي يمورُ مَوْرَ السّحابِ
 
وجهتي قِبْلةُ الوجودِ وقُطْبي
جاذبٌ نحوَهُ رُؤَى الأقطابِ
 
ووفودُ العشّاقِ حوليَ كثْرٌ
وهَوَى الجمْعِ سائرٌ في ركابي
 
كلُّ حسناءَ نجمةٌ حينَ تبدو
أورثتني ضَنَىً وعَذْبَ عَذابِ
 
إنّني قد بدأتُ عُمْراً جديداً
ألفَ عُمْرٍ وضعتُهُ في حسابي
 
وأنا لن أموتَ ما دامَ عشقي
وشرابُ الخلودِ بعضُ شرابي
 
منذُ جلجامشٍ شربتُ حياةً
وهبتْني عُجْبَ النّسور العِجابِ
 
فإذا قيلَ: ذي الحياة سرابٌ
فحياتي في الدهر غيرُ سرابِ
 
لستُ أبغي إذا قضيتُ بكاءً
من حسانِ الحمى ودمعَ انتحابِ
 
إنما زفّةٌ،
وطبلٌ،
وزمرٌ،
وغناءٌ،
وفرحة بذهابي
 
وذهابي ليلٌ وبعضُ نهارٍ
ثمّ يأنَي إلى الحياة إيابي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى