الثلاثاء ١٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٠
بقلم فؤاد وجاني

لصوص حكومة الاحتلال العراقية

كلما تابعت أخبار لصوص العراق غمرني شعور بإعادة صياغة حكايات علي بابا والأربعين حرامي في تراثنا العربي، فقد طال أمد الليل العراقي ولو أنه يقينا بعد حين عن فجر لسوف ينجلي. فبينما يرغد اللصوص المتكالبون المتهارشون على حكومة الاحتلال الحريصون على كراسي النهب حرص الكلاب في ليالي الغدر التي فاقت ألف ليلة وليلة من أساطير شهرزاد، تعاني أطياف الشعب العراقي من الفقر والقتل والتهجير وقلة الكهرباء وندرة المياه والغذاء والخدمات الأساسية والأمن. ولعل هؤلاء اللصوص يحسبون أن "السمسم" سيفتح لهم باب المغارة العراقية المليئة بالكنوز أبد الآبدين، ولايعلمون أن زمن محوهم من خارطة العراق السياسية لابد آت، ولعلهم تناسوا كيد مرجانة التي دفعت اللصوص لقتل الجار السيء المتآمر معهم بدل قتل علي بابا، وأن مصيرهم حرق بزيت كهرمانة الشعب في دنياهم قبل سعير جهنم في آخرتهم. ولعلهم يحسنون ظنا بالاحتلال الأمريكي الذي لن يكِنَّ لهم ودا ولن يصون لهم عهدا، فالخائن لأرضه وناسه يبقى خائنا ولو كان حليفا أو عدوا، ولابد أنه خائن لحلفائه يوما بعد خصومه.

الخير ظَلٌّ بقاءَ الحق إلى يوم يُبعثون، ونُبل علي بابا لايموت فهو حي باق ظُلول الخير على الأرض، وقد يملك هؤلاء اللصوص الساعات التي سرقوها شنآنا من عروبة العراق، لكن العراقيين النبلاء يملكون الوقت، وعقارب الساعات إنما تتسارع نحو هلاك سارقيها من التأريخ، أما الوقت فملك لأرض وأهل الرافدين إلى يوم الدين.

وحين يصل سيل السرقة الزبى، يتحدث بها لسان الأدنى والأقصى والرديء قبل السوي، فهاهو ذا الممثل عادل إمام يكشف في إحدى لقاءاته علنا في الشاشات الفضائية عن وليمة عشاء أقامها له بمصر نائب التيار الصدري بهاء الأعرجي الذي لاتفارق يده سبحة بها مئة خرزة وخرزة بكلفة ثلاثة ملايين جنيه، وأن مستشار الشبح الصدري استطاع شراء أكبر القصور الأنيقة في شرم الشيخ، وله قصور وعقارات في النامسا وإيرلندا ودول أخرى عديدة. فهل هذه من أموال الخمس أم تلك من كرامات السمسم؟ لعلها من ثمرات الاستغفار باللحن الفارسي، ولعلها أموال بئر نفط مهربة نحو جار السوء، ولعلها سبحة أمريكية متطورة الصنع يصل مداها بؤرة الشياطين فتفتح الخزنة عن مصراعيها.

ملايين الدولارات التي يتقاضاها نواب ووزراء الحكومة الخالية كأجور، هي الأعلى في العالم في بلد يعمه الخراب والدمار، لم تملأ أفواههم الفارهة ولم تشبع جيوبهم النهمة ولم تثن أنفسهم الشرهة.

شهور قليلة بعد استقالة وزير الكهرباء السابق كريم وحيد المزعومة كانت كافية ليطفح كيله وتفيض أمواله على الأعراس والحفلات، فقد أقام حفل زواج عظيم لابنه بالولايات المتحدة حاجزا أشهر الفنادق وأبهظها ثمنا مع تذاكر الطائرات للمدعوين القادمين من أركان الدنيا الأربعة، كل ذلك من أموال الشعب العراقي المسروقة بينما ينعم أهالي العراقي بساعة كهرباء واحدة كل إثنتي عشرة ساعة أي بمعدل ساعتين من النور في اليوم والباقي على ذبل الشموع.

هذه نقطة من بحر ماسرقته حكومة الاحتلال والنهب العراقية بقيادة الطالباني والمالكي رئيسيْ العصابة الحكومية. ولو أحصينا السرقات المالية لكتبنا فيها كتبا ولطالت كل الأسماء الموجودة في الحكومة الحالية إلا من استثناه شرفه وإخلاصه وهم قليلون عدد الأصابع.

هذه هي اللوحة الوردية للعراق الجديد التي فاقت المدينة الفاضلة لأفلاطون اليانعة بالديموقراطية والعدالة، والتي رسمتها الآلتان الصهيونيتان الأمريكية والبريطانية. والنتيجة شعب منهوب وحضارة مغتصبة ومجد مسلوب وحكومة أضافت لمصطلح الفساد مرادفات شتى لتحين بعدها فترة التقسيم إلى ثلاث دويلات فيكتمل المشروع الصهيوني في العراق. هذا هو العراق الذي يريده خبثاء الصهاينة ويطمئن إليه المجوس. لكن هيهات مايكيد أقزام التأريخ، فعزة الرجال لاتُقهر ومكرُ الله أكبر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى