الثلاثاء ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥
بقلم حسن سلمان

ممدوح عدوان.. الكاتب الاستثنائي

ممدوح عدوان

لم التقه، رغم أني سعيت إلى ذلك مرارا، لكنني قرأته وسمعته وشاهدته، لقد كان ممدوح عدوا ن أبا روحيا للثقافة السورية
وقد فقدت برحيله أحد أبرز رموزها.

كان عدوان، كما قال عنه( فيصل دراج) في إحدى الأمسيات،
كاتبا متعددا فقد أبدع في جميع الفنون.. في الشعر.. في المسرح...
في الرواية...في الدراما التلفزيونية...في الصحافة.. في الترجمة.
كان صادقا ثائرا في جميع كتاباته، ولهذا اتهم بأنه مولع بالصراخ
لكنه برر حقه بالصراخ حين قال: (أنا أصرخ ويجب أن تبقى لي هذه الحرية، الموجوع الذي لا يصرخ هو ميت.. وما يسمونه
صراخا هو ما أسميه لمس المواجع.. لا أستطيع أن أمسح الشعر والخد وأنا أ دعي أنني أعالج طعنة في الخاصرة).

وقد تجلت صرخاته الأولى في أعماله المسرحية(يوم القيامة-الزبال حال الدنيا)التي كتبها في الثمانينات وقدمها للجمهور بالتعاون مع الفنان زيناتي قدسية ضمن ما كان يسمى آنذاك (مسرح أحوال).
وتتالت الصرخات لتشمل جميع أعماله الشعرية والروائية وحتى تجربته الصحفية الثرية التي أخلص لها ومارسها بمهنية عالية باعتبارها نافذة واسعة على حياة يومية تستحق أن تمحص مشكلاتها
وتستخلص عبرها بالتجربة الذاتية المعاشة.

لقد كان ممدوح عدوان شخصا استثنائيا بحق، أراد أن ينتبه إلى نفسه من الداخل وأن لا يعيش الحياة بحياد، فكتب آلام الآخرين بحبره الخاص دون أن يفقد نرجسيته كشاعر مغامر ومثقف جوال، لذلك لم يرتبك وهو يجرب أدوات كثيرة لإيصال صوته من المنبر العالي إلى الغرف المغلقة، في مسيرة طويلة كانت تحتاج إلى التأمل والتوغل في مناطق كثيرة من قصيدة التفعيلة إلى قصيدة النثر مرورا بالرواية والقصة.

لقد كان ظاهرة نادرة في ميدان الثقافة والمثقفين، أراد أن يغرد خارج سربه، أراد أن يعبر عن إنسانيته بطريقة مختلفة، وقد عبر عن ذلك صراحة في كتابه الأخير(حياة متناثرة) حين قال:
(اكتشفت أنني لا أريد إلا أن أنام بطمأنينة، أن أمشي دون خوف..
أن أختلف عن قطيعي.. فنحن متشابهون مثل الخيار المقطوف من
الدفيئات مثل فراريج المداجن.. حتى أن الدجاجة لم تعد تقوقي بعد
أن تبيض).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى