الاثنين ١٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم توفيق الحاج

بنحبك برشا .. برشا..!!

كنت في طريقي لنشر مقال (تخاريفي)...!!

عندما لفتت نظري الأخبار الغاضبة من تونس..، والتي تسارعت في عدة أيام سقط فيها 90 تونسيا برصاص تونسي..!! ثم سقط زين العابدين بن علي الذي هرب ب(زود الرجل) الى السعودية، وقد سبقته إلى الإمارات زوجته القوية القادرة ليلى بنت الطرابلسي..!!

نهاية (زين العابدين) الذي يشبه الكثيرين من الزعماء، والملوك، والسلاطين في بلاد العرب والمسلمين..!!

جرس إنذار لكل فاسد ومفسد ..، ولكل ساحر.. دجال ...، ولكل تاجر ..، ولكل قاتل لأبناء شعبه بفتوى أو بغير فتوى...!!

حال القادة المسلمين والعرب لا يسرأحدا منهم.. فالركب تهتز، والقلوب ترتعش، والنظرات تزيغ، والاصوات تتحشرج، والسنتهم تقول: ياترى على مين الدور..؟!!

الشعب التونسي.. الهادئ ..المتسامح.. المكبوت أشعلته النار المتصاعدة من جسد الشاب الجامعي الفقير (محمد بوعزيزي) الذي ألجأته البطالة المستفحلة إلى الارتزاق من عربة خضار..، حيث لا توجد في تونس كوبونات ..!!

بالمناسبة أفتى احدهم أمامي بأن (فقيد الحرية) مات كافرا..فما كان مني الا أن بصقت..!! وتعوذت بالله من الشيطان الرجيم!!

الكف الأمني الظالم على وجه (بوعزيزي)...جعل منه ..نبي حرية ..وصاعق ثورة عفوية عارمة يقودها فقراء تونس وخلعاؤها..!! الى ان سار في ركابها المعارضون الكرتونيون، والانتهازيون، والحزبيون، والدجالون، والفصائليون، والانفصاليون...الخ..الخ

لذا على كل جهاز أمن ظالم ان يخشى منذ اللحظة على نفسه، وعلى أسياده من غضب العيون المغمضة، والنفوس الخائفة..!!

درس تونس يؤكد للطغاة في كل مكان أن الخوف الدائم من زنازين التعذيب وفرقعة السياط على الجسد المشبوح..!! قد يتحول في لحظة الى زلزال يقلب الصوره رأسا على عقب..!!

لن اختلف مع احد على صحة ما روي وقيل عن ديكتاتورية الرئيس، ومافيا زوجة الرئيس، وفساد عائلة الرئيس فقد قامت بالواجب (ويكيليكس)، ولهذا ساطلق زوجتي فورا اذا تحقق المستحيل واصبحت رئيسا..!!

الا اني اشعر بأن ايد خارجية غريبة استغلت لدوافع خفية غضبة الناس وشعورهم المتعاظم بالظلم، والقهر، وساهمت في زرع الخوف في ليل الشارع التونسي بمزيد من السطو، والحرق، والتخريب، والنهب .!! والى ما بعد هروب (الزعيم القائد) بأيام..!!

نقطة أخرى أثارت استغرابي....

وهي ذلك النفاق المكشوف الذي أظهره دعاة كبار ومثقفون عرب وفلسطينيون تعاملوا مع (زين العابدين) كبقرة وقعت.. وكثرت سكاكينها..!!

فبعد عقدين من المدائح والنسيب في وصف محاسن ابن على الحبيب وحدبه على الشعب الفلسطيني الغريب..جاء الهتاف المصفوف، وكلام الشعارات المعروف...، وكأن كل واحد منهم تقمص شخصية إمبراطور صوت العرب (أحمد سعيد) أو (الصحاف) عدو العلوج العتيد..!!

خطيب اخضر.. يعلن ان زين العابدين نسي صلاته، وزكاته، وترك الشورى فتنبأ بغضب الله، وعباده عليه.. وقد كان!!

وكاتب احمر يؤكد ان زين العابدين لم يقرأ كتاب رأس المال لماركس جيدا فكان ان اطاحت به الثورة البلشفية في سيدي بوزيد..!!

ومحلل اصفر يدعي ان زين العابدين لم ينتبه للمحصنات الشعبية فلم يؤسس لجانا تنفيذية أو مجالسا ثورية أو مركزية وبالتالي كان متوقعا سقوطه في اقرب مجاري سياسية..!!
وأنا....

أتحدى أي من إياهم أن يكون قد لمح يوما إلى ما جري ويجري في تونس المغلقة.. قبل اسبوع فقط من تاريخه!!

الأمر ببساطة ان (التابع الأول) انقلب على رئيسه في سبع وثمانين وحكم لثلاثة وعشرين ..كمم فيها الأفواه وفتح السجون الزنازين، ونهب ما نهب من الملايين..!! فكان ما كان في شهر بإذن رب العالمين ..!!

فهل يتعظ من ذلك كل الظالمين..؟!!

تكرار تجربة تونس متوقع في كل مكان...، وأول الرقص كما يقولون حجلان..، فاحذروا يا أولي الكراسي، والصولجان...، وكل من عليها فان، ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال، والإكرام..

الحكم..ليس عباءة، وطاقية ..ودرسا دينيا..، والأمن تمام التمام ..!!
الحكم ليس خطابا تاريخيا... وقص أشرطة ..!! والسلام...
الحكم ليس تفاوضا..، ولا تهدئة ... في ظل انقسام..!!
الحكم ليس اعتقالا... وافتراء من خفافيش الظلام..!!

الحكم أن يتقى الله في شعب ..أي شعب ينهكه الغلاء، والأعداء، والعسس وفساد تجار الحرام ..!!

المهم...أن ما جرى في تونس جعلنا كفلسطينيين نحبها أكثر...لانها وهي وطن (أبو القاسم الشابي) .....

أكدت بالدم والغضب إرادة الشعب التي يستجيب لها القدر..!! بعيدا عن زعيق الزاعقين وضجيج القاعدين ..!!، ولن ننسى أنها كانت الصدر الحنون الذي احتضن يوما فلسطينيي بيروت..!! في وقت سدت فيه الأبواب..، وندر فيه الأحباب ..!!

حماك الله يا خضرا...
رعاك الله يا تونس....
وبنحبك..برشا..برشا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى