الأربعاء ٢٣ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم فلاح جاسم

ردّ الفعل

هل نحن أمة تدير جميع شؤون حياتها عن طريق ردود الأفعال؟ ويُقال: إننا نفكر بالحلول جديا، كما يقول المثل:"بعد أن تقع الفأس بالرأس"، وتطيح به، عندها لا يجدي أي حل نفعا، لأن الأمر كما يقول مثل عربي آخر:" إذا فات الفوت ما ينفع الصوت"، كررتُ هذه الأمثال علّ الدرس يُفهم من قبل أولئك من بأيديهم الحلّ والربط، وليس الربط والربط فقط، والذين ليتهم عملوا حتى بمقولة امرئ القيس؛"اليوم خمر وغدا أمر"، لكنهم على ما يبدو عملوا، بمبدأ اليوم خمر وغدا خمر، حتى نسوا حظا مما ذكروا به.

تسود الوطن هذه الأيام حالة من الصخب، والهياج العام على جميع المستويات، وبات ذلك مؤثرا على المزاج العام للمواطن العربي. حتى أن صديقا لي قد تأثر بما يجري، وقرر التمرد على حبيبته، التي لا يرفض لها طلبا على حد قوله، حتى لو أنها طلبت لبن العصفور لأتاها به، لكنه والحالة هذه قال لي : لو أنها لو طلبت لبن الجاموسة لما أتيتها به، فقط لأعلن تمردي وعدم استكانتي. وقال آخر لا أستبعد ذهابي إلى بيت والد زوجتي، وإحراق نفسي أمام بيته احتجاجا على دكتاتورية ابنته منذ عقود من الزمن، وبذلك يخلده التاريخ كما فعل مع "البوعزيزي"، الذي أصبح رمزا للاحتجاج على سوء الأوضاع، لكنه عندما لمّح لزوجته عما تراوده به نفسه، قالت له: "تريد أن تصبح مشهورا على حسابي"، فأسقط في يد المسكين، وسقطت على رأسه معظم أدوات المطبخ، لكنها مع ذلك عمدتْ إلى إصلاحات كثيرة على الصعيد المنزلي وعلى مستوى علاقتهما.. وهذا هو ديدننا دائما كعرب، ليتها فكرت يوما بأن هذا المسكتين ربما سينتفض يوما، وكان هذا شأن معظم الحكومات العربية، ليتها عمدت إلى الإصلاح عندما كان الشعب المسكين يرضى بأقل القليل، ولو نجا بجلده ينام قرير العين لا له ولا عليه، ولكن كان يُهان ويـُشتم ويُسحق، ويَنام ويُعزي نفسَه بمقولة:" يا بخت من نام مظلوم ولا نام ظالم". الشعوب اليوم في تقديري لا تقبل بـرشى إصلاحات غير جوهرية، أقرب إلى محاولة تقويم شجرة عن طريق تقليم أوراقها، وساقها مائلة منذ سنين طويلة.

لا ننسى الكثير من زبانية بعض الأنظمة الذين تستضيفهم بعض الفضائيات وعند سؤالهم: هل بلدكم بمنأى عمّا يجري الآن؟ نفاجأ بأنه يجيبُ بكل غباء وبكل مكابرة، بلدنا ليست تونس. كذلك قال قبله من يقفون في صف النظام في مصر، وقالها أنصار النظام الليبي، نصيحتي للزعماء عدم الاسترشاد بآراء مثل هؤلاء، لأن المستشار مؤتمن.

كلمات لها معنى:
الزعيم العربي الوطني: هو من يصاب بجلطة، فور الإطاحة به وإزالته عن الكرسي، متناسيا أنه جلط الملايين لعقود طويلة.

ردّ الفعل: لا يكون مساويا للفعل في قوته، و معاكسا له في الاتجاه كما يقال، لكنه استفاقة المسؤولين وإجراء تعديلات بسيطة في حكوماتهم، نزولا عند رغبة الشعب.

نفكر، وأفكر: قديما قال ديكارت:"أنا أفكر إذا أنا موجود"، أما الوضع السائد فهو؛ "أنا أكذب إذا أنا موجود".

الفأس: تشبه البلطة على حدّ كبير، ولها عدة أنواع، وأحجام مختلفة، تستخدم عادة في أعمال الفلاحة، للعناية برؤوس القرنبيط واللفت.

الرأس: هو الجزء الذي لم يخطر ببالنا ان نتحسسه قبل وقوع الفأس به.

الوطن: هو ذلك المكان الذي ضاق بأبنائه، وبعصافيره.

مزاج المواطن العربي وشعوره: هو ذلك الشيء الذي لم يفكر فيه معظم الحكام، منذ جلاء الاستعمار، واستلامهم سدة الحكم.

لبن العصفور: لا أعرفه، ومن يعرفه من القراء الأفاضل، عليه التواصل معي عبر أي قناة فضائية، التي أصبحت تستضيف أي شخص بدعوى أنه محلل سياسي، تماما كما حدث إبان احتلال العراق، فأصبحت القنوات تستضيف حتى (الكشكرجية)، أي الإسكافية، بدعوى أنهم محللون سياسيون، وخبراء في شؤون الشرق الأوسط. شريطة إجادتهم لبعض المصطلحات الانجليزية، ويتم سؤالهم هل بإمكان الجيش إن يتقدم بما ينتعل أفراده من أحذية ونِعال؟ وكم يحتاج من الوقت ليصل إلى العاصمة بغداد، ألا ترى معي أيها القارئ الكريم أن ذلك يقع في صلب اختصاصهم؟

الاحتجاج: هو الشيء الذي لم يعرفه المواطن العربي قبل ثورتي تونس ومصر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى