الخميس ١٠ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم توفيق الرصافي

شهرزاد

خانك الديك هذا اليوم
يا شهرزاد
وما صاح عند الفجر
مثلما اعتاد
كي ينهي الليل الذي طال
ويوقظ الصبح من سباته
وتلك الشموس الغاربات من
زمن..
قد أغرقت نفسها
في حضن ذاك الوتر..
تلهو بأذيالها
حيرى..
لا صوت طير يرف
في عيونها السمر
أو خبر..
ما صاح عند الفجر
لينهي الحكاية..
خانك الديك هذا اليوم
يا شهرزاد
وفي أهذابك الناعسة
موت
يعزف اللحن العتيق
لحن الخلود
و الطفل ذاك الرجل
يجري حثيثا على الجمر
وفي صدره العاري غد يبتسم
وجرح قديم يفور
وحلم يكبر
ويكبر..ويكبر..
وفي عينه الدامعة
أعياد ميلاد حزينة
وبيت خراب..
والطفل ذاك الرجل
يحتال كي تشرق الشمس
من جديد في التلال
ترقص الأطيار في أحضانه
و الرصاص المطر
خانك الديك هذا اليوم
يا شهرزاد
وحيدة أمام الموت
وحيدة أمام الصمت..
تقامرين بكل العمر
والسيد الفرعون ثار
والكأس..كأس الخمر مهمل
في الغيهب..
يزهو بأنفاس العذارى..
وكل المقل
والسيد الفرعون راح ينتظر
وحيدة يا شهرزاد
تواجهين الموت
بلا خوف
تبصقين في وجه
ذلك الجلاد
كتلك الحجارة
تومض في جبين الليل
مثل جمر
مثل البشارة
في كفها كفن أسود
وقبر يستعر
وقيثارة..
قومي إلى قبرك يا شهرزاد
فهذا السيف حن إلى أعناق
العذارى..
وتاق إلى الدم المراق
على السجادة..
و الديك ضاع عرفه
وخاف أن يخرج
خاف العار
خاف عويا الذئاب
وشهريار مل انتظاره..
قومي إلى قبرك يا شهرزاد
فالليل طال
و الديك لن يعود
و الأهل
تنكروا للصبي
حتى صار يمشي في جنازته
يحفر في الدروب الضيقة
مساره..
وسط الأنقاض يبني قصوره
يخنق صمت الصمت
كي تعزف القيثارة
لتعلن ميلاده الجديد..
لتعلن انتصاره..
قومي إلى قبرك يا شهرزاد
فالطفل ذاك الرجل
ما عاد في حاجة إلى الديك
وسينهي بنفسه الحكاية..
* * *
وقامت شهرزاد تجري
وقالت تطفئ ثورة شهريار:
قبل أن تقتلني
أتركني أصلي في القدس ركعتين
وأبارك لطفل انتصاره..
وألعن الديك أينما كان
وأحفر قبره
وأنحت في جبينه عاره
أتركني أصلي في القدس ركعتين
أتركني الآن أبارك للطفل
انتصاره..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى